تلقّت الوساطة التركية بين العراق وسوريا، أمس، ضربة قوية بعدما نعت الحكومة العراقية باكراً اللقاءات الثنائية الأمنية التي اتفق البلدان على عقدها بهدف حل الأزمة الدبلوماسية بينهما على خلفية تفجيرات «الأربعاء الدامي»
لقاء أمني واحد عُقد بين وفدين أمنيين عراقي وسوري في أنقرة أول من أمس، كان كافياً ليخرج المتحدث باسم حكومة نوري المالكي، علي الدباغ، ويعلن للملأ أنه انتهى إلى فشل ذريع، وأنّ مثل هذه الاجتماعات لن تتكرر. تصعيد نوعي أرفق بكشف الدباغ عن أن الاجتماع المقرر في اسطنبول اليوم بين وزيري خارجية البلدين هوشيار زيباري ووليد المعلم «قد يُلغى»، رغم وصول الوزيرين إلى الأراضي التركية، ورغم أن سلطات أنقرة أكدت حصوله، وذلك فيما دخلت قوات الاحتلال الأميركية على الخط إلى جانب
بغداد.
وبحسب المتحدث الحكومي العراقي، فإنّ اجتماع الأول من أمس في أنقرة فشل «لأنّ الوفد السوري رفض الموافقة على فكرة تسليم دمشق مجموعة من الأسماء التي تضمّنتها اللائحة العراقية من البعثيين اللاجئين إلى سوريا»، والذين «قدم العراق البراهين عن تورّطهم في التفجيرات الأخيرة، ومن بينها الأربعاء الدامي». وقال الدباغ «نعتبر أن ذاك الاجتماع الأمني هو الأول والأخير مع السوريين الذين لن نعاود الاجتماع معهم إلى أن يقرروا التعاون إيجابياً مع البراهين الدامغة والأدلة القاطعة التي نقدمها. إنه الاجتماع الأخير».
وبنتيجة ذلك، أشار الدباغ إلى أن الاجتماع الذي كان مقرراً عقده في اسطنبول اليوم بين زيباري والمعلم قد يُلغى. وجزم بأن الوفد الأمني العراقي قدم للسوريين «براهين واضحة عن تورّط إرهابيين مستقرين في سوريا، مع التشديد على ضرورة تسليمنا الإرهابيَّين» (سطام فرحان الكعود ويونس الأحمد).
غير أنّ المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية بوراك أوزوغرغين لم يشر إلى إلغاء اجتماع زيباري والمعلم، مؤكداً أن وزير الخارجية التركية أحمد داوود أوغلو والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى سينضمان إلى لقاء الوزيرين المعنيين بالأزمة، ليكون اجتماعاً شبيهاً باللقاء الرباعي الذي عُقد الأسبوع الماضي في القاهرة على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب.
وكان زيباري قد وصل إلى تركيا أمس للمشاركة في أعمال مجلس التعاون الاستراتيجي العراقي ـــــ التركي، يتقدم وفداً يتألف من 48 شخصاً من بينهم 8 وزراء. وأوضحت وكالة الأناضول التركية الحكومية أن الاجتماعات ستستمر ثلاثة أيام، يغادر بعدها الوفد العراقي اسطنبول إلى بلاده.
وفي السياق، أوضحت وكالة «أسوشييتد برس» أن حكومة المالكي تأمل أن يقدّم نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن، الذي وصل أول من أمس إلى بغداد ويغادرها اليوم، «اقتراحات وأفكاراً للتخفيف من حدة الأزمة مع سوريا».
من جهته، قال بايدن، عقب لقائه المالكي ومسؤولين اخرين، «ان الطريق لا يزال "طويلا من اجل تحقيق مزيد» من النجاحات في العراق. واضاف للصحافيين «قدم الاميركيون والعراقيون تضحيات كثيرة منذ ستة اعوام ونصف وامامهم طريق طويل لتحقيق المزيد من النجاحات».
وتابع بايدن «ان القوات العراقية اظهرت قدرتها على هزم الارهاب». واعاد التأكيد ان «القوات القتالية الاميركية ستنسحب بحلول آب 2010 (...) وسنواصل دعم وتدريب القوات العراقية».
ورأى قائد قوات الاحتلال الجنرال ريمون أوديرنو، بعد لقاء جمعه مع نائب رئيس بلاده أول من أمس في عاصمة الرشيد، أنّ «سوريا لا تزال تسهّل مرور المقاتلين الأجانب من أراضيها إلى العراق وحتى إلى أفغانستان على حد اعتقادي». كما جزم أوديرنو بأن إدارته «تعلم بوجود بعثيين سابقين في سوريا يموّلون عمليات إرهابية في العراق ويشغّلون مواقع إلكترونية لتشجيع الاعتداءات».
(أ ب، أ ف ب)