بغداد ــ زيد الزبيديبعد العطلة الفصلية الطويلة، عاد البرلمان العراقي إلى عطلة ثانية تستغرق أسبوعين، من دون أن يناقش أي مشاريع قوانين جديدة. والأهم أنه لم يناقش قانون الانتخابات المقبلة، الأمر الذي يفسّره مراقبون بأنه محاولة لحشر الكتل البرلمانية في حيّز ضيق من الوقت، ما يعني القبول اضطراراً بتعديلات جزئية على القانون الذي جرت بموجبه انتخابات 2005، أو إجراء الانتخابات المقبلة وفق القانون القديم بكل سلبياته ومساوئه. واللافت أن كتلاً كبيرة عديدة تعارض هذا القانون في العلن، لكنها تريد إبقاءه، في محاولة للحفاظ على نفوذها.
ومن المفارقات أنّ اللجنة القانونية في البرلمان أعدّت مسودة قانون لعرضه للنقاش والتصويت. وقبل نشر هذه المسودة، سارع مجلس الوزراء إلى إعلان مشروع قانون «مفخَّخ» تجاهل النقطة الخلافية الرئيسية المتعلقة بانتخابات كركوك، وعملية تحديث سجلّ الناخبين فيها وتصحيحها، ما يهدّد بالفيتو الرئاسي في حالة إقرار إجراء الانتخابات فيها، أو تأجيل الانتخابات في المحافظة.
وترتبط هذه المسألة بقضية جوهرية أخرى، هي الدوائر الانتخابية المتعدّدة حسب المحافظات، في مقابل المطالبة بجعل العراق دائرة انتخابية واحدة، على اعتبار أنه يُفترض أن يمثل النائب عموم شعب العراق، لا المحافظة التي ينتمي إليها.
إلا أنّ أكثر ما تصبو إليه الكتل البرلمانية الكبيرة هو العودة إلى القانون القديم، الذي يتضمن إجراء الانتخابات وفق القوائم المغلقة، لا المفتوحة، لأنّ الأخيرة تعني انتقاء الناخب للمرشح الذي يريد، ما يعني أن رؤساء القوائم سيكونون في موقف حرج لو فاز بعض أعضاء قوائمهم بأصوات أكثر منهم. وسيكون الموقف أكثر حرجاً لو لم يحصل رئيس القائمة على الأصوات التي تؤهّله ليصبح نائباً.
ويحظى مقترح القائمة المفتوحة بدعم كبير من الأمم المتحدة وأطراف أميركية، فضلاً عن تأييد صريح من المرجع الديني علي السيستاني، لكونه «مطلباً لشريحة واسعة من الناخبين». لكن مصادر مقربة من «ائتلاف دولة القانون» بزعامة رئيس الحكومة نوري المالكي، وقوى الائتلاف الشيعي الجديد ـــــ القديم، كشفت عن رغبتها في اعتماد نظام القائمة المفتوحة «في العلن»، انصياعاً لرغبة عامّة، لكنها «ترفض ذلك في السر»، نتيجة مخاوفها من النتائج المرتقبة لاعتماد خيار كهذا.
وعزت مصادر عراقية هذا الموقف إلى خشية العديد من الأحزاب الكبيرة من عدم حصول شخصيات قيادية فيها على أصوات تؤهّلها لشغل منصب نيابي إذا اعتُمد هذا النظام، مشيرةً إلى أنّ «الجميع لا يرغب في نظام القائمة المفتوحة، لأنها تمثل خطراً حقيقياً على الكثير من القيادات الحالية، لكونها لا تتمتع بسمعة جيدة داخل الأوساط الشعبية، لتورطها في مواقف سياسية، وأحياناً في فضائح ومشاكل».
وعن سبب تأييد هذه القوى نظام القائمة المفتوحة في العلن، فقد عبّر مراقبون سياسيون عن اعتقادهم بأن هؤلاء يمارسون نوعاً من المزايدة السياسية، لأنهم يعرفون أن الشارع العراقي مع هذا النظام، فضلاً عن موقف المرجعية الدينية والأمم المتحدة وتأكيدات واشنطن.

تخشى الكتل الكبيرة من «القائمة المفتوحة» لأنها تتيح للناخب حرية الاختيار
وبحسب النائب عن «جبهة الحوار الوطني»، محمد تميم، فإن القوى التي تتمسك بالقائمة المغلقة تخشى أن تكون بعض شخصياتها (ذات العيار الثقيل) خارج مجلس النواب إذا ما اعتُمِد نظام القائمة المفتوحة الذي يترك حرية الاختيار للناخب.
لكنّ النائب عن كتلة «التضامن» في «الائتلاف الوطني العراقي»، طه درع، ردّ على تميم بأنّ المواطن سيتبيّن صحّة هذا الموضوع من عدمه خلال جلسة التصويت على مشروع القانون في مجلس النواب، مستدركاً بالقول إن «الائتلاف الوطني مع نظام القائمة المفتوحة لسببين، هما رغبة الشارع العراقي، والمرجعية الدينية».
بدوره، نفى النائب عن قائمة التحالف الكردستاني خالد شواني أن يكون للخشية من خروج زعامات كبيرة من البرلمان علاقة في رغبة كتلته باعتماد القائمة المغلقة.
أما النائب عن قائمة إياد علاوي، أسامة النجيفي، فكشف أن ثلاث كتل برلمانية ستقف ضد قانون الانتخابات إذا لم تجرِ مراعاة وضع كركوك، وهي «جبهة التوافق» والكتلة الصدرية و«القائمة العراقية»، بينما أعربت «الكتلة الشيعية» عن رفضها تحويل هذه المسألة المختلف بشأنها مع الأكراد، إلى عقبة بوجه الانتخابات وقانونها. وذكر النجيفي أن اللجنة البرلمانية القانونية «وعدت بأن يطرح للتصويت وضع كركوك الخاص ومقترح تقسيم كركوك إلى 4 مناطق»، وهو المشروع الذي يعارضه التحالف الكردستاني.
إلى ذلك، اعترف النائب البارز في حزب المالكي، عبد الهادي الحساني، بأن كتلته لم تحسم موقفها من هذا الموضوع بعد، رغم أنها تؤكد أن موضوع كركوك «لا ينبغي أن يتحول إلى عقبة أمام مسودة قانون الانتخابات التي قدمتها الحكومة».