«مزحة نصف لقاء» في نيويورك على «حساب أوباما»مهدي السيد
توجّه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى نيويورك، أمس، ليجتمع اليوم مع الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على هامش مداولات الجمعية العامة للأمم المتحدة. لقاء قمة يسبقه اجتماعان منفردان لأوباما مع كل من نتنياهو وأبو مازن. وسيكون اجتماع اليوم، الأول الذي يجمع نتنياهو بعباس منذ تولي «بيبي» رئاسة حكومة الدولة العبرية، وهو يلي رابع جولة فاشلة للمبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل إثر رفض نتنياهو تجميد البناء في المستوطنات. ونظراً إلى الشروط التي سبق أن وضعها أبو مازن للقاء نتنياهو، وأهمها تجميد الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، يمكن القول إن الاجتماع سيجري تحت السقف الذي حدّده نتنياهو الذي سيبقى في نيويورك حتى الخميس المقبل ليلقي خطاباً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتوقعت مصادر في مكتبه أن الخطاب المنتظر «سيحمل طابعاً دراماتيكياً»، وسيركز فيه على الموضوع النووي الإيراني. كذلك سيجتمع نتنياهو، قبيل إلقاء كلمته، مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، لكنه يعتزم مقاطعة اجتماع الجمعية العامة خلال إلقاء الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد خطابه غداً الأربعاء.
وتُعقد القمة الثلاثية في ظل تشكيك كل من الإسرائيليين والفلسطينيين والأميركيين في فرص تحريك مفاوضات السلام في وقت قريب، وفي ظل إجماع يسود وسائل الإعلام الإسرائيلية على خفض مستوى التوقعات منها، واعتبارها قمة «رمزية».
وفي السياق، جزم سكرتير الحكومة العبرية زفي هرتسوغ، في حديث لإذاعة الجيش، بأن «الظروف لم تنضج بعد لإعادة إطلاق المفاوضات رسمياً، لكن هذا اللقاء يسير في الاتجاه الصحيح». وأعرب عن ثقته بأن القمة الثلاثية «لن تؤدي إلى استئناف المفاوضات الإسرائيلية ـــــ الفلسطينية»، مشيراً إلى أن «اللقاء قد يمهد الطريق لتطورات مستقبلية لكنها لن ترمز بصورة رسمية لاستئناف المحادثات» مع الفلسطينيين.
وأوضح أنّ «جميع الأطراف يدركون أن هذه المفاوضات ليست بسيطة وتنطوي على إشكالية، وقد استنتجت الإدارة الأميركية الجديدة أنّ أي جهة تدخل لهذه العملية من بعيد ستفهم تعقيداتها، وأنه لا إمكان هنا لاختصار الطريق».
ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر في مكتب نتنياهو قولها إنّ «هناك فجوات كبيرة في مواقف الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، وإنّ رئيس الوزراء يوافق على تجميد جزئي لأعمال بناء في الضفة الغربية وأنه لم يوافق على التجميد لمدة عام، بل لتسعة أشهر فقط، فيما ظلّ يرفض تجميد البناء في مستوطنات القدس الشرقية بالمطلق».
وكرّرت مصادر ديوان رئيس الحكومة أنّه «مستعدّ للشروع في مفاوضات من دون شروط مسبقة لدفع السلام مع الفلسطينيين قدماً، لكنه لا يريد أن يصبح الفلسطينيون مواطنين في إسرائيل أو رعايا فيها، لذلك فإنه مهتم بتمكينهم من حكم أنفسهم شرط ألا يُمنحوا أي صلاحيات من شأنها أن تمثّل خطراً على أمن إسرائيل».
وبحسب موقع «يديعوت»، فإنّ القمة الثلاثية «ستكون بادرة رمزية فقط إذا لم تُردَم الفجوات بين الأطراف».
وتتناقض تصريحات مصادر «يديعوت» مع ما نقلته «هآرتس» عن مصدر إسرائيلي «مسؤول ومشارك في الوفد المرافق لنتنياهو» إلى نيويورك، لفت إلى أن «إسرائيل والولايات المتحدة توصلتا إلى اتفاق بشأن تجميد البناء في المستوطنات، إلا أن الفلسطينيين رفضوه». وخلصت معلومات «هآرتس» إلى أنه «إذا قبلت قيادة السلطة بالاتفاق، فسيكون بالإمكان إطلاق المفاوضات السلمية خلال أسابيع».
وفي إطار المواقف التصعيدية في دولة الاحتلال، سعى نائب وزير الخارجية داني أيلون إلى التخفيف من مستوى التوقعات من قمة نيويورك، مشيراً إلى أن «أهم ما في هذا اللقاء هو انعقاده». وأوضح أن «ثمة حدوداً للالتزام الأميركي، ولا يمكن أن يكون الرئيس الأميركي راغباً في السلام أكثر من الأطراف المعنية. وهذا الأمر يعني خصوصاً الفلسطينيين الذين بالغوا في مطالبهم إلى أقصى حدّ».
وأعرب أيلون عن أمله أن «يفهم محمود عباس بوضوح خلال هذا اللقاء أنّ عليه تغيير موقفه المطالب بالحدّ الأقصى إن كان يريد إحراز تقدّم».
وفي سياق إجماع وسائل إعلام إسرائيلية على أن قمة نيويورك «ليست سوى قمة رمزية»، كتبت «يديعوت» أنّ «ثمة قمة، لكن من دون آمال كبيرة». وسخرت الصحيفة من الاجتماع الثلاثي في افتتاحيتها التي جاء فيها أنه «ليس لقاءً، بل نصف لقاء. ما سيجري في نيويورك هو مزحة على حساب الرئيس أوباما».
أما «معاريف»، فأشارت إلى أن أوباما «يستعرض عضلاته»، وأنه «سئم مهمات ميتشل العقيمة، لذلك وجه دعوة إلى القائدين الإسرائيلي والفلسطيني على نحو لم يسعهما رفضها».
وفي تحليلها، رأت «هآرتس» أنّ عباس هو الذي «سيكون لديه ما يخسره أكثر من غيره» في هذه القمة التي تسعى من خلالها إدارة أوباما خصوصاً إلى «الحصول على صورة للقادة الثلاثة وهم يتصافحون وكأن المفاوضات استؤنفت».
وسيرافق نتنياهو إلى نيويورك، كل من وزير دفاعه إيهود باراك ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان. وسيلتقي باراك مع نظيره الأميركي روبرت غيتس في واشنطن، وهو ما كشف عنه بيان لوزارة الدفاع الإسرائيلية.
وصدر عن البيت الأبيض مساءً، إعلان ينعى مسبقاً القمة الثلاثية. نعي عبّر عنه المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس الذي جزم بأن الرئاسة الأميركية لا تعلّق «آمالاً كبيرة» على النتائج المتوقعة من المباحثات بين أوباما والمسؤولَين الإسرائيلي والفلسطيني. واقتصر تعليق المتحدث الرئاسي على القول إن أوباما يتطلع، من خلال اجتماعه المنتظر في نيويورك مع نتنياهو وأبو مازن، إلى «مواصلة البناء على التقدم» في محادثات السلام بشأن الشرق الأوسط.