هآرتس ــ عكيفا الدارتاريخ «مسيرة السلام» الأطول من اللازم يدل على أن القمة (الثلاثية في نيويورك) يمكن أن تكون هدفاً مرغوباً، لكن أيضاً مكاناً خطراً لا مثيل له. وعندما يحضر المدعوون إليها من دون إعداد ملائم ولا يحيطونها بشبكة أمان، يصبح عمق السقوط بمدى ارتفاع القمة. ثمة فرق كبير بين جولة مكوكية عقيمة للمبعوث الرئاسي (جورج ميتشل) بين القدس ورام الله، ولقاء فاشل لرئيس الولايات المتحدة باراك أوباما مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
ففي خلال السنوات الـ16 الماضية، منذ التوقيع على اتفاق أوسلو في البيت الأبيض، كان الإسرائيليون والفلسطينيون شهوداً على عدد لا يحصى من القمم، ومؤتمرات السلام والمفاوضات والتفاهمات وحتى الاتفاقات. وكلها انتهت في أسوأ الأحوال بخيبة أمل شديدة، وفي الحالات الأكثر سوءاً بموجة عنف.
ينبغي أن نأمل أن يكون الأميركيون قد تعلموا من التجربة المريرة لقمّة كامب ديفيد عام 2000، أن القمة الثلاثية ليست حدثاً إعلامياً.
فاللقاء المشترك للرئيس الأميركي مع قادة الأطراف هو سلاح يوم الدين للدبلوماسية. من يذكر ماذا قال أوباما في القاهرة في بداية الصيف؟ من يعلم ماذا قيل في إعلان أنابوليس؟ الطرفان خسرا منذ ذلك الوقت ما بقي من ثقتهم بالحل السياسي. وإذا ما انتهت القمة غداً (اليوم) بالمصافحة مقابل الكاميرات، فماذا بقي لهم كي يتوقعوه؟
من قمة نيويورك يمكن أن نتقدم أو نتدهور، ليس هناك مكان للتوقف. نتنياهو وعباس ليسا اللاعبين الوحيدين في الساحة: كل فشل للمعسكر الفلسطيني البراغماتي، هو نصر للمعسكر الفلسطيني المتطرف.
واذا ما أرسل أوباما القائد الفلسطيني الذي يعوّل على الأميركيين وعلى تأثيرهم على أصدقائهم الإسرائيليين، من نيويورك بيدين فارغتين، فإن ذلك سيلعب لمصلحة خصومه الكبار في غزة ودمشق...
نجاح القمة لا يقاس بمدى تجميد البناء في المستوطنات التي سيضغط أوباما غداً على نتنياهو بخصوصها. وحتى الفلسطينيون يفهمون أنّ بضع مئات من الوحدات السكنية لن يرفع أو يقلل من فرص حل النزاع على المدى الطويل. ولكي لا يتحول اللقاء إلى ملاحظة هامشية تُنسى في سياق مسيرة السلام، ينبغي للضيوف أن يعودوا إلى المنزل مع ترجمة تامة لشعارات القاهرة إلى لغة عملية. ليس المطلوب من أوباما أن يخرج شيئاً جديداً. كل ما عليه أن يقوم به هو الاطلاع على الجدول الزمني لخريطة الطريق (... التي) تنص على أنّ على الأطراف أن يصلوا في عام 2005 إلى اتفاق دائم، ينهي الاحتلال الذي بدأ في عام 1967، وعلى أن يتضمن حلاً متفقاً عليه لمكانة القدس وحلاً عادلاً وملائماً وواقعياً لمشكلة اللاجئين.
رئيس الحكومة (نتنياهو) طلب من أبو مازن أن يقرر ما إذا كان هو (ياسر) عرفات أو (الرئيس المصري السابق أنور) السادات. أوباما لن يؤدي واجبه غداً (اليوم) إذا لم يطلب من نتنياهو أن يقرر ما إذا كان مناحيم بيغن الذي أعاد كل صحراء سيناء (بدون أن يطالب بالاعتراف بإسرائيل دولةً قومية للشعب اليهودي) أو إسحق شامير الذي عارض اتفاقية السلام مع مصر. في اليوم التالي للقمة، إذا بقي بيغن الابن على يمينه، فسيعرف شعب إسرائيل والعالم أنه مثل شامير الذي اعتاد أن يقول عن العرب: البحر هو نفس البحر، ونتنياهو هو نفس نتنياهو.