القمّة الثلاثية تكسر الجليد ولا «تُجمّد» الاستيطاننيويورك ــ الأخبار
أقرّ الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، باستمرار وجود خلافات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بشأن إعادة إطلاق المفاوضات، بعد قمة جمعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الأميركي باراك أوباما في نيويورك أمس.
وأكد ميتشل أن «الولايات المتحدة تواصل العمل على تضييق هوة الخلافات بين الجانبين بما يضمن تمهيد الطريق لاستئناف المفاوضات»، التي قال إنها «الهدف الثابت». لكنه أكد أنه لم يتم بعد التوصل إلى اتفاق بشأن تجميد الاستيطان، وأن المناقشات مع الجانب الإسرائيلي ستستمر بهذا الشأن. وأضاف ميتشل «لم يقل الرئيس أبداً ولا وزيرة الخارجية (هيلاري كلينتون) ولا أنا عن أي قضية إنها شرط مسبق للمفاوضات. لا نؤمن بالشروط المسبقة. نحن لا نفرضها ونحثّ الآخرين على عدم فرض شروط مسبقة».
وكان أوباما قد حثّ في وقت سابق القادة الفلسطينيين والإسرائيليين على القيام بعمل المزيد من أجل تحريك عملية التسوية المجمّدة. وقال «لا يزال أمامنا الكثير الذي ينبغي عمله. ينبغي أن نخرج من المأزق»، مضيفاً «فات وقت الحديث عن بدء المفاوضات. حان وقت المضيّ قدماً إلى الأمام، ولإظهار مرونة وإحساس عام واستعداد لقبول حل وسط لتحقيق أهدافنا». وشدد على أنه «ينبغي على إسرائيل أن تقوم بأكثر من الكلام عن كبح النشاط الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ينبغي ترجمة تلك الجهود إلى أفعال حقيقية». وأضاف إن السلطة الفلسطينية قامت بتعزيز جهودها حول الأمن، لكنه قال إنه ينبغي عليها القيام بأمور أكثر من أجل تحسين الوضع الأمني حيث «ينبغي أن توقف الإرهاب وأعمال التحريض والتحرك نحو المفاوضات». ورأى أن «من المهم للدول العربية القيام بخطوات قوية لتسهيل عملية السلام». وكشف أوباما عن أن ميتشل سيتوجه إلى المنطقة الأسبوع المقبل، مشيراً إلى أن هيلاري كلينتون سترفع إليه في تشرين الأول المقبل تقريراً بشأن وضع المحادثات الفلسطينية ـــــ الإسرائيلية.
وكان أوباما قد اجتمع مع عباس ونتنياهو، كل على حدة قبل انعقاد القمة الثلاثية، التي لم تتطرق المباحثات خلالها إلى قضايا الوضع النهائي، مثل المستوطنات وحدود الدولة الفلسطينية المقبلة أو وضع القدس المحتلة وعودة اللاجئين الفلسطينيين، بل ركزت على كسر الجليد بين الزعيمين، اللذين يلتقيان للمرة الأولى منذ تسلم نتنياهو منصبه في آذار الماضي.
من جهته، شدد الرئيس الفلسطيني، الذي أدانت «حماس» مشاركته في القمة الثلاثية، على ضرورة أن توقف إسرائيل الاستيطان في الضفة الغربية. وقال، بعد القمة الثلاثية، «طالبنا وأكدنا ضرورة أن ينفذ الجانب الإسرائيلي التزاماته وخصوصاً وقف كل أشكال الاستيطان، بما في ذلك النمو الطبيعي».
وعن استئناف المفاوضات، قال عباس «إنها تتوقف أيضاً على أن يكون هناك تحديد كامل لمرجعية العملية التفاوضية، بمعنى أوضح أن يكون هناك أساس لهذه العملية بالاعتراف بالانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران عام 1967 وإنهاء الاحتلال». وأضاف «وهذا ما أكدناه لأننا سبق أن تفاوضنا عليه مع الحكومة السابقة عندما وصلنا إلى تحديد حدود الأراضي المحتلة».
أمّا نتنياهو فقد ادّعى بأن حكومته والسلطة الفلسطينية اتفقتا على ضرورة استئناف محادثات السلام بأسرع ما يمكن. وقال «هناك اتفاق عام يحثّ الفلسطينيين على وجوب استئناف عملية السلام بأسرع وقت ممكن من دون شروط مسبقة».
وفي السياق، كشف مسؤول أميركي رفيع المستوى عن أن الرسالة الأساسية لأوباما إلى عباس ونتنياهو هي أن صبره بدأ ينفد، وقد وصلت «بوضوح وقوة». ونقل موقع «بوليتيكو» عن هذا المسؤول قوله إن «رئيس الولايات المتحدة يفقد صبره، هذا ما أطلعهما عليه». وأضاف إن ثمة «نافذة محدودة من الفرص»، مشيراً إلى أن أوباما «مصمم، لكنه في الوقت نفسه غير صبور ولا بد من الاستمرار».
وذكرت شبكة «إن بي سي» الأميركية أن عباس ونتنياهو تصافحا بعد مصافحة كل منهما لأوباما، ما اعتبر ذا أهمية رمزية. وجلس أوباما ونتنياهو وعباس، مع كبار مساعديهم وهم: ميتشل والجنرال جيمس جونز، ووزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، ووزير الدفاع إيهود باراك، وكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، والوزيرة كلينتون.
وكان الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز قد قال قبل انعقاد القمة «أعرف أنهم (الفلسطينيون وكل الدول العربية) ليسوا رومانسيين، فهم لا يحبوننا وهذا تصريح مخفف. ليس هناك حب لإسرائيل. وليس لديّ شك ولا أعتقد أن السلام سيأتي من الحب. إننا نقرأ الاستطلاعات ونرى أنه حتى أولئك الذين لا يحبّوننا وهم كثيرون يريدون السلام معنا. ولذا فإن السلام لن يأتي من الحب، بل سيأتي من النزعة العملية، ولكن السلام الذي لا يأتي من الحب لديه فرصة أيضاً أن يأتي بالحب».
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن وزير الدولة الإسرائيلي، بيني بيغن، قوله إن عباس «اضطر للموافقة على حقيقة أننا لم نوافق على الشرط (تجميد الاستيطان) ووصل إلى نيويورك».
في المقابل، قال وزير الصناعة والتجارة والبنى التحتية الإسرائيلي، بنيامين بن اليعازر، الذي يتولى مهام وزير الدفاع إيهود باراك الموجود في نيويورك حالياً، إنه في حال توصل نتنياهو إلى اتفاق مع الفلسطينيين فإنه مستعد لإخلاء مستوطنات في الضفة الغربية.
واتهم بن اليعازر الرئيس الفلسطيني بـ«الضعف والجبن السياسي».
إلى ذلك، عقد لقاء بين عباس ووزراء الخارجية العرب بحضور الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، أول من أمس. وقال عباس، إثر هذا اللقاء، إنه لن يعود للمفاوضات من دون وقف تام للاستيطان، معتبراً القمة الثلاثية ليست استئنافاً للمفاوضات.
وأكدت مصادر «الأخبار» في نيويورك أن الإسرائيليين يعرضون تجميد الاستيطان 9 أشهر، في مقابل تطبيع مع السعودية والسماح بالسفر والطيران عبر أجوائها.