وجد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أمس، منبراً دولياً جديداً لتأنيب المجتمع الدولي، ولمخاطبة زعماء أمم الكون على طريقة «اسمعوا مني، وافعلوا ما أقوله لكم، وتوحّدوا ضد إيران والإسلام المتطرّف»
نيويورك ــ الأخبار
وزّع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أمس، المعادلات السياسية في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: «إنّ سعينا لتحمّل مخاطر السلام مربوط بجهود العالم لكبح المشروع النووي الإيراني والتطرّف الإسلامي». قالها بثقة لم تكن تنقصها سوى عبارة موجهة إلى الفلسطينيين: «قولوا عبارة واحدة: نعم لإسرائيل دولة يهودية ونشرع في المفاوضات لنصل إلى السلام». سلام يفهمه نتنياهو أنه يجب أن يقوم على دولة منزوعة السلاح «لكي لا يكون عندنا غزة ثانية أو جنوب لبنان ثانٍ مدعوم من الإرهاب الإيراني».
وبنى «بيبي» مقدمة وديباجة خطابه، الذي وصفته صحيفة «هآرتس» على موقعها الإلكتروني بأنه كان «دراماتيكياً»، على تأنيب قادة الدول الذين لم يقاطعوا كلمة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، معرباً عن استغرابه من كيف أمكن هؤلاء الاستماع إلى «رجل (نجاد) يواصل نفي حصول المحرقة». وخاطب زعماء الدول الذين قاطعوا كلمة الرئيس الإيراني أو انسحبوا احتجاجاً بالقول: أنا أهنّئكم. وسأل من بقي في قاعة الجمعية العامة خلال كلمة نجاد: ألا تخجلون من أنفسكم؟ ألا تملكون حشمة؟
وبعدما استعان بخرائط وشهادات لضباط نازيين وصور لناجين ومتوفّين في المحرقة اليهودية، رأى أن التحدّي الأهم الذي يواجه عالمنا هو «منع طغاة إيران من الحصول على السلاح النووي»، لأن ذلك سيكرّس «الزواج الخطير بين التطرّف الديني وأسلحة الدمار الشامل». إلا أنّ نتنياهو لم يحدّد الإجراء الذي ستلجأ إليه الدولة العبرية إذا فشل المجتمع الدولي في منع وصول القنبلة النووية إلى حكام طهران.
ومن على منبر الأمم المتحدة، دان «بيبي» تقرير رئيس بعثة الأمم المتحدة لتقصّي الحقائق في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، القاضي ريتشارد غولدستون، واصفاً إياه بـ«المهزلة». وفي معرض السخرية من التقرير «المضحك»، رأى أنه «بدل أن يدين الإرهابيين وقادتهم الإيرانيين، البعض هنا يدينون ضحايا هؤلاء الإرهابيين»، مشيراً إلى أن النتائج التي توصلت إليها لجنة غولدستون «لا تبشّر بشيء طيّب بالنسبة إلى قدرة الأمم المتحدة على المساعدة في إقناع إيران بوقف تخصيب اليورانيوم».
وتفادى رئيس الحكومة الإسرائيلية التطرّق إلى ما يمكن أن تكون عليه خطوات تل أبيب في سبيل تسريع العودة إلى المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، رابطاً، مرة جديدة، بين تحقيق السلام، و«القضاء على قوى الإرهاب التي تسعى إلى تدمير السلام من خلال إصرارها على إزالة إسرائيل وتغيير النظام الدولي». وقال «نحن نريد السلام، وأعتقد أنه بالنيّات الحسنة والعمل الشاق يمكن السلام أن يتحقق».
في المقابل، فضّلت أنقرة إيفاد رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان ليمثّل تركيا ويلقي كلمتها بدلاً من الرئيس عبد الله غول. خطاب قسّمه أردوغان إلى محاور، أبرزها تضمّن رؤية بلاده لنفسها في إطار حل الأزمات والمشاكل الدولية والإقليمية. وقال إن «تركيا تواصل تأدية دور صانع ومثبّت للسلام في المنطقة الحساسة التي تعيش فيها. وذكّر كيف أن حكومته سعت، منذ 7 سنوات، إلى حلّ خلافات تركيا مع جيرانها. وأوضح أنه، «بفضل سياسة صفر مشاكل مع الجيران، تمكّنت تركيا من إحراز تقدم كبير على صعيد حلّ الأزمات الثنائية ووضع أسس للسلام الإقليمي والعالمي.
وانطلق أردوغان من واقع أنّ مشاكل المنطقة التي تقع تركيا فيها «لها تداعيات عالمية»، ليخلص إلى أنّ سياساته البنّاءة «لا تخدم فقط جوارنا، بل تسهم في تحقيق السلام العالمي». وفيما عدّد أردوغان المناطق التي تحاول بلاده العمل من أجل المساعدة في حلّ أزماتها، كالعراق مثلاً، توقف طويلاً عند ملف الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي، ورؤية تركيا للحل على أساس الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية.

أردوغان ينصّب تركيا لاعباً أساسياً في السلام العالمي... ولبنان وضعه «دقيق»
وقال أردوغان إنّ تحقيق الوحدة الداخلية الفلسطينية «شرط رئيسي في إقامة الدولة المستقلة». وهنا، أعاد التذكير بالتسلسل الزمني منذ «الكارثة البشرية» التي سبّبها «الاعتداء الإسرائيلي على غزة»، مروراً بصدور القرار 1860 وانعقاد مؤتمر شرم الشيخ، وكيف «لا تزال التراجيديا مستمرة حتى اليوم» في القطاع المحاصَر. وعن رؤيته لتسوية سلمية للنزاع، رأى أن تحقيق كل شروط الطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني، مستحيل، لافتاً إلى أنّ «مطلب الشعب الفلسطيني بالتمتع بالسلام والحرية أمر شرعي، بمقدار شرعية بحث الإسرائيليين عن الاستقرار».
وكان للبنان وسوريا حصة من خطاب أردوغان، إذ رأى أن بلاده «لطالما أعربت عن ثقتها بأنّ سوريا دولة مهمة جداً في منطقتنا، وهي في موقع يتيح لها تأدية دور إيجابي في سلام المنطقة وأمنها واستقرارها». نقاط تتوافر في لبنان أيضاً، على حدّ تعبير المسؤول التركي الذي أشار إلى أنّ وضعه في المنطقة «دقيق جداً من ناحية استقرار المنطقة». وفيما ذكّر كيف أنّ حكومته أسهمت في بذل جهود كثيفة للتوصل إلى تفاهمات سياسية بين اللبنانيين (في إشارة إلى اتفاق الدوحة في أيار 2008)، أعاد التمسّك بإصرار أنقرة على دعم الاستقرار اللبناني. وأخيراً، ثبّت أردوغان موقف حكومته إزاء الملف النووي الإيراني الذي «لا يجدر حلّه إلا عبر المحادثات».