القاهرة | هزّت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات النيابية التيارات السياسية المختلفة في مصر. فبينما صعد نجم حزب «مستقبل وطن»، يدرس حزب «النور» في اجتماع اليوم الانسحاب من العملية الانتخابية بعد الهزيمة الكبيرة التي مني بها، فيما سجّل حضور الأقباط والمرأة في الانتخابات نتائج مبشرة على المقاعد الفردية.
نتائج كانت إيجابية لعدد من الفئات مقابل هزيمة مهينة لعدد كبير من الأحزاب البارزة، التي كان يتوقع أن يكون لها تمثيل قوي في البرلمان. لكن قائمة «في حب مصر» المحسوبة على الدولة، حصدت مقاعد القوائم من الجولة الأولى.
وأعلن المستشار أيمن عباس أن نسبة المشاركة في الجولة الأولى وصلت إلى 26.65%، بمشاركة أكثر من سبعة ملايين مواطن، فيما وصلت نسبة الأصوات الباطلة إلى 9.54% من المشاركين. كذلك سجلت محافظة الجيزة النسبة الأقل في المشاركة، رغم كثرة عدد مقاعدها، ووصلت النسبة فيها إلى 21%، فيما سجلت محافظة الوادي الجديد نسبة وصلت إلى 37%. وعملياً، تمكن 4 مرشحين فقط من الفوز بالمقاعد من الجولة الأولى، على أن تجرى جولة الإعادة في 103 دوائر انتخابية.
عباس قال إن نسبة السلبيات التي صاحبت العملية الانتخابية لم تتجاوز 3%، وجاء أغلبها مرتبطاً بتأخر فتح باب الترشح ووقوع مشادات بسيطة ومخالفات للضوابط الإعلامية والإعلانية، «تم اتخاذ الإجراءات القانونية ضدها».
ومن أبرز الأحزاب التي خسرت الانتخابات «الوفد» الذي دخل 27 مرشحاً منه جولة الإعادة، وقال رئيسه، السيد البدوي، إن هناك 8 مرشحين آخرين غيّروا صفتهم من مستقلين إلى «وفديين»، لكن «اللجنة العليا» لم تستجب لهم ونجحوا في الوصول إلى الإعادة، وذلك في محاولة للسيطرة على حالة الغضب التي سيطرت على قيادات الحزب، وسط اتهام لرئيسه بالتسبّب في تدهور شعبية أقدم الأحزاب السياسية.
في المقابل، تصدّر حزب «المصريين الأحرار»، الذي يمثله رجل الأعمال نجيب ساويرس، قائمة المرشحين الحزبيين بعدما تمكن من خوض الإعادة بـ46 مرشحاً، وقد حصد أول خمسة مقاعد عن طريق «في حب مصر». وثمة اتهامات للحزب بدفع رشى وأموال للمرشحين، علماً بأنه من أكثر الأحزاب تمويلاً.
لكن تداعيات الهزيمة القاسية لحزب «النور» السلفي وخسارته المنافسة على القوائم والمقاعد الفردية في عدد كبير من الدوائر، دفعت اللجنة العليا فيه إلى عقد اجتماع طارئ اليوم لاتخاذ قرار مرتبط بمصير المشاركة في العملية الانتخابية، وسط تصاعد الأصوات التي تطالب بالانسحاب من الجولة الثانية، ولا سيما أن الهزيمة كانت في الدوائر التي يعتقد أن للحزب فيها شعبية كبيرة. وتبرر قيادات «النور» دراسة قرار الانسحاب بوجود خروق في العملية الانتخابية وتعرض الحزب لحرب إعلامية، إضافة إلى استخدام الرشى والمال السياسي.

تمكّن نحو 22 قبطياً من الوصول إلى الإعادة في المرحلة الأولى


خيار الانسحاب لم يكن بعيداً عن المرشحين الذين سيخوضون جولة الإعادة كذلك، وأبرز هؤلاء عمرو الشوبكي الذي دخل معركة الإعادة منافساً لنجل رئيس نادي الزمالك، أحمد مرتضى منصور، بعد فوز الصحافي عبد الرحيم علي بالمقعد الآخر في الدائرة.
أما مفاجأة الجولة الأولى، فهي حصول «مستقبل وطن» الذي أسّسه رئيس «اتحاد طلاب مصر»، محمد بدران، المقرّب من الرئيس عبد الفتاح السيسي، على نسبة كبيرة في جولة الإعادة. فبخلاف المقاعد الخمسة التي حصدها داخل قائمة «في حب مصر»، مع مقعد فردي من الجولة الأولى، تمكن 48 مرشحاً له من دخول الإعادة. ويطلق على رئيس هذا الحزب لقب «طفل السيسي المدلل»، بسبب مرافقته الرئيس في عدة لقاءات، من دون وجود صفة رسمية له، علماً بأن الحزب الذي أسّسه بدران يضم عدداً من رموز «الحزب الوطني» المحلول وقبائل في الصعيد.
ولوحظ أيضاً أن فئة المرأة حققت تفوّقاً ملحوظاً في المقاعد الفردية بدخول نحو 15 امرأة جولة الإعادة، منهن 6 في الجيزة فقط. كذلك تمكن نحو 22 قبطياً من الوصول إلى الإعادة، بل إن أحدهم، ويدعى جون بشرى، دخل الإعادة على مقعد رئيس مجلس الشعب المحلول، الإخواني محمد سعد الكتاتني، في ضربة قاسية للتيار الإسلامي، ما يجعل هذه النتائج الأفضل على الإطلاق منذ سنوات، ولا سيما أنها ليست على مقاعد «الكوتة».
إلى ذلك، أقام الممثل القانوني لـ«ائتلاف الجبهة المصرية وتيار الاستقلال»، أحمد الفضالي، دعوى قضائية طالب فيها ببطلان قرار بدء عملية الاقتراع في المرحلة الأولى وإعلان نتائجها وتأجيل إجراء الانتخابات حتى يتمكن التحالف من تنفيذ الدعاية الانتخابية، باعتبار أن «اللجنة العليا استبعدت القائمة قبل إدراجها في القوائم بناءً على حكم المحكمة» من دون اسم «قائمة مصر» الذي اختاره التحالف كعنوان لقائمته، ما جعل المواطنين لا يتعرفون عليها بصورة سليمة.