عبد الله عطية: كان يجب تقوية المصارف عبر خفض توزيعات أرباحهايعتقد عضو لجنة الرقابة على المصارف، عبد الله عطية، أن الناتج المحلي الإجمالي بصيغته الحالية لا يعبّر عن الواقع الفعلي، فقد حان الوقت لإدخال عناصر إضافية إليه ليعكس نسب النمو في مجمل القطاعات الاقتصادية، ولا سيما أن للمصارف دوراً رئيسياً، فهي بمثابة الخط الدفاعي الأخير بعد المنشآت الإنتاجية في وجه التقلّبات الاقتصادية، فضلاً عن أن وظيفتها الرئيسية تكمن في «ري الاقتصاد من خلال توزيعها للتسليفات».
كلام عطية جاء خلال محاضرة ألقاها أمس في منتدى الأسواق العربية 2010، الذي تنظّمه شركة «داتا للاستشارات»، عن فاعلية أنظمة الإنذار المبكر ومتطلّبات الرقابة في ظل تداعيات الأزمة المالية العالمية، فانتقد عدم تقوية القطاع المصرفي اللبناني في السنوات السابقة، إذ لم تُجبَر المصارف على خفض توزيعات أرباحها وتوظيف هذه الأموال في تدعيم بنيتها التحتية وتطويرها بهدف تمكينها من تجاوز أي مخاطر يمكن أن تكون معرّضة لها.
ويلاحظ أن تداعيات الأزمة تفرض تقوية أنظمة الرقابة الوطنية من خلال توفير الحد الأدنى من الشفافية والإفصاح وتعاون الأجهزة المصرفية... وفي المجمل، يسلّم عطيّة بأن خيارات الخروج من الأزمة متّصلة بقرارات جوهرية مبنية على إحاطة أكثر فاعلية وعدالة للنظام المالي المنحرف الذي نعيش في ظله الآن، وتحت رحمته.
ففي لبنان، المعروف أن توظيفات المصارف في الدين العام تبلغ حوالى 54 في المئة من مجمل توظيفاتها، وبالتالي فإنها لا تؤدي دورها المفترض رئيسياً في الاقتصاد كمقرض، لا بل إن من أبرز المخاطر التي تواجهها حالياً هي تلك المتصلة بالأموال التي تدفقت إليها منذ أكثر من سنة، مسبّبة لها تخمة نقدية مكلفة بسبب ارتفاع أسعار الفائدة محلياً مقارنة بالخارج، فيما لم تتمكن بعد من زيادة التسليفات على الرغم من أن مصرف لبنان أعفاها من الاحتياط الإلزامي على التسليفات للمشاريع الإنتاجية والتعليمية والسكنية، وهذا يمثّل ضغطاً على مستوى ربحيتها في النصف الأول من السنة الجارية.
إلا أن عطية يشدّد على ضرورة إجراء تعديلات على قانون النقد والتسليف، بعدما مرّ عليه أكثر من 40 عاماً، وذلك بهدف استباق أي تداعيات لأي أزمة مقبلة، ولا سيما أن لبنان كان الأقل تأثراً في المنطقة. وأيضاً يعتقد أنه يجب تطوير الرقابة على المصارف، مشيراً إلى وجوب إلزامها بالحفاظ على ارتفاع نسبة رأس المال، بعدما بلغت هذه النسبة 12% في عام 2008، والاحتياط بما يكفي ضد العمليات المشكوك فيها، فضلاً عن تنويع عمليات الرقابة على المصارف وتعزيز الرقابة الذاتية وتطبيق إرشادات لجنة بازل.
ففي السابق، يقول عطية، اعتمد مصرف لبنان على سياسة معينة تجاه الأزمات المصرفية، فكان تعثّر أيّ مصرف محلّي يؤثر سلباً على القطاع المصرفي كله، وهذا نموذج ليس موجوداً في كل بلدان العالم، ولكنّه حتّم على مصرف لبنان التدخّل لامتصاص الأزمة عبر احتوائها أو استخدام آليات مالية تسمح بدمج المصرف المتعثّر.
وكان نائب حاكم مصرف لبنان، هاروت ساموئيليان، قد حاضر في المنتدى عن الاختلالات الناشئة من أحداث غير متوقعة، وتحدث رئيس قسم الاقتصاد في صحيفة «السفير» الزميل عدنان الحاج عن معايير السلامة المالية، ومدير الأبحاث في «بنك عودة» مروان بركات عن قدرة القطاع على مواجهة الأزمات، ومدير الأبحاث في «بيبلوس بنك» نسيب غبريل عن الضغوط التي تواجهها المصارف بالنسبة إلى مستويات الأرباح والمخاطر السيادية.
(الأخبار)