استمرّت حالة الاستنفار العام الإسرائيلية ضدّ تقرير غولدستون، الذي دان سلوك جيش الاحتلال في عدوان غزة. استنفار رافقه حذر من مغبّة تكرار ظاهرة الدعاوى القضائية بحق حكام تل أبيب، وأطفأ من ناره رفض هيلاري كلينتون لخلاصات تقرير الأمم المتحدة
علي حيدر
هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشدة، أمس، التقرير الذي أصدرته لجنة تقصّي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون، والتي اتهمت دولة الاحتلال بارتكاب جرائم حرب خلال عدوانها على غزة. ووصف نتنياهو خلاصات التقرير بأنها «كارثة على السلام والنضال ضد الإرهاب»، مجدداً حق استخدام «كل الوسائل من أجل ضمان حقنا في الدفاع عن النفس».
وأكد نتنياهو أن المجلس الوزاري المصغَّر سيعقد جلسة بعد «عيد العرش»، الذي يصادف الأسبوع المقبل، بهدف مناقشة تقرير غولدستون والملفات المرافقة له، على خلفية تقديم منظمات حقوق إنسان دعاوى قضائية إلى محكمة بريطانية تطالب بإصدار أمر اعتقال بحق وزير الدفاع إيهود باراك الذي يزور بريطانيا.
لكنّ مصادر في مكتب رئيس الوزراء كشفت أن موضوع التحقيق في العمليات العسكرية التي نفّذها الجيش الإسرائيلي، خلال عدوان «الرصاص المصهور»، لم تُطرَح خلال جلسة المجلس الوزاري أمس، وأنها «لن تُطرح أبداً».
وفي السياق، قطع باراك الشك باليقين، عندما نفى مكتبه الأنباء التي تداولتها وسائل إعلام عبرية بشأن نيّته تأليف لجنة تدقيق داخلية في الاتهامات ضد جيشه. وجزمت مصادر في مكتب وزير الدفاع بأنّ باراك «لم يقترح أبداً تأليف لجنة للتدقيق في ادّعاءات تقرير غولدستون، وهو يعارض إجراء أي تدقيق كهذا». كذلك نفت مصادر من مكتب نتنياهو، في تسريبات لموقع «يديعوت أحرونوت» على الإنترنت، نفياً قاطعاً الأنباء التي تحدثت عن بحث مسألة تأليف لجنة تحقيق خلال اجتماع المجلس الوزاري المصغّر الذي عُقد أمس.
وكان النقاش في احتمال تأليف لجنة تحقيق إسرائيلية قد أُثير على خلفية الطلب الذي قُدّم إلى محكمة بريطانية لإصدار أمر اعتقال بحق باراك لضلوعه في ارتكاب جرائم حرب، وفقاً لما تضمّنه تقرير غولدستون.
ورغم رفض القضاء البريطاني لهذا الطلب، بداعي أن باراك يتمتّع بالحصانة الدبلوماسية، فقد عمّ القلق الأوساط السياسية والعسكرية في إسرائيل، من مغبّة تجدّد الدعاوى وتحقيق مبتغاها. وعلى هذا الصعيد، كشفت إذاعة جيش الاحتلال أنه أُلّف أخيراً طاقم مشترك من وزارة الخارجية والقضاء الإسرائيليّين لمواجهة احتمال تقديم دعاوى قضائية مماثلة. وأشارت الإذاعة إلى أنّ «الحكومة تعكف على تأليف هيئة خاصة تنسّق بين وزارات الخارجية والأمن وأجهزة القضاء، لمواجهة دعاوى قضائية محتملة»، لافتة إلى أنّ حكومة نتنياهو طلبت من رئيس المحكمة العليا السابق، أهارون باراك، الانضمام إلى هذه الهيئة، إضافة إلى الخبير القضائي الأميركي المختص في قضايا جرائم الحرب إيلان دارشوفيتس.
وقد رفضت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون توصيات لجنة غولدستون، متشكّكة في صحة خلاصاتها، لأنّ «تحقيقاتها انطلقت من طرف واحد». وبرّأت كلينتون سلوك قوات الاحتلال عندما رأت أنّ «المؤسسات داخل إسرائيل عالجت الكثير من توصيات لجنة غولدستون بطريقة ملائمة»، وعبّرت عن اعتقادها بأن المكان المناسب في النظام العالمي لمعالجة مثل هذه القضايا هو مجلس حقوق الإنسان.