فتح بعد المؤتمر لن تكون كما كانت قبله»، هكذا قال محمد دحلان قبل أيام. توصيف دقيق ليس لأن المؤتمر سيُحدث نقلة تنظيمية نوعية في الحركة المفكّكة، بل لأنه سينقلها بكاملها إلى تحت مظلة الرئيس الفلسطيني بعد إقصاء مجموعة من الكوادر فيها، ويحوّلها إلى «حزب سلطة»، أو ما يمكن تسميته «فتح ــ محمود عباس»، الذي يسعى إلى الهيمنة على الحركة
حسام كنفاني
بعد عشرين عاماً من الغياب، يعود مؤتمر «فتح» إلى الانعقاد. الحركة التي تأسست عام 1963 لم تعقد إلّا خمسة مؤتمرات، ليكون التجمع الحالي في بيت لحم السادس، لكن أهميتّه قد تكون موازية للمؤتمر الأول، ولا سيما أن الكثير يراهنون على «إعادة تأسيس» بعد النكبات والنكسات التي مرّت بها طوال العشرين عاماً الماضية، وكانت آخرها خسارة صدارة المشهد الفلسطيني، خلال انتخابات عام 2006، لمصلحة حركة «حماس»، لتصبح «فتح» الفصيل الفلسطيني الثاني، بعدما تفرّدت بالقرار الفلسطيني منذ تسلّم قائدها، الزعيم الراحل ياسر عرفات (أبو عمّار)، رئاسة منظمة التحرير عام 1969.
العودة إلى الصدارة الفلسطينية هي هاجس القادة «الفتحاويين» اليوم، والغاية الأساس من المؤتمر السادس. عودة تتطلّب إعادة هيكلة الوضع الداخلي التنظيمي في الحركة، وهو ما سيأخذ الجانب الأكبر من النقاشات، بغض النظر عن البرنامج السياسي، أو برنامج العمل الوطني، الذي قد لا يحظى بالاهتمام الكافي، بقدر الاهتمام بإعادة ترتيب البيت الداخلي «الفتحاوي»، والعمل على «دمج الأجيال»، ولا سيما أن أي تجديد لم يطرأ على المجلسين المركزي والثوري للحركة منذ عشرين عاماً.
تحت هذا العنوان، يُعقد الموتمر «الفتحاوي» اليوم. مؤتمر من المفترض أن يكون توحيديّاً للتيارات الكثيرة المتناقضة والمتصارعة للحركة، عبر خلق هيكلية جديدة تُخرج «فتح» من تشرذمها. لكن تحقيق هذه الغاية لن يكون بالسهولة التي

دحلان سيخرج قويّاً، ويسعى إلى إدخال 5 أعضاء إلى اللجنة المركزية

أبو مازن سيقصي القدومي عن أمانة سر الحركة ويتّجه إلى تعيين أبو ماهر غنيم بدلاً منه
يريدها «الفتحاويون»، ولا سيما أن ما هو معد للهيكلة الجديدة، سيثير حفيظة ممثلي الكثير من الأقاليم، وينذر بحركات انشقاق جديدة؛ فما جرى الإعداد له، ولا سيما لجهة عقد المؤتمر في الداخل الفلسطيني واختيار الحاضرين بعناية، ينبئ بولادة جديدة لـ«فتح» تكون بكاملها تحت سلطة الرئيس محمود عبّاس، أو بمعنى آخر تأسيس حركة «فتح ـــــ عباس»، بعد التخلّص من مجموعة من القادة التاريخيين الذين عارضوا أبو مازن خلال فترة خلافته لأبو عمار على رأس السلطة وحركة «فتح».
مجموعة من الخطوات قام بها أبو مازن لتسهيل عملية إعادة الهيكلة تلك، وانتخاب مجلس مركزي ومجلس ثوري، يكون له فيهما نصيب الأسد، ويضمن ولاء من فيهما، حتى وإن لم يكونوا محسوبين على تياره. الخطوة الأولى في مهمة عبّاس كانت رفع عدد المشاركين في المؤتمر من 1550، كما كان مقرراً خلال الاجتماعات الإعدادية، إلى 1700، ثم إلى 2250، بذريعة تعويض غياب «فتحاويي» غزة، الذين يقدّر عددهم بـ 400 عضو.

عودة دحلان

في إطار دعم مساعي عبّاس، يأتي الحلف القديم ـــــ المستجد بينه وبين الرئيس السابق لجهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة، محمد دحلان، الذي تؤكّد مصادر مطلعة لـ «الأخبار» أنه يمتلك الكتلة الأكثر تنظيماً وحركة بين أعضاء المؤتمر. وتشير المصادر نفسها إلى أن عديد كتلة دحلان كان يراوح بين 350 عضواً و400 عضو قبل زيادة عديد المشاركين إلى 2250.
وتؤكد مصادر فلسطينية أن أساس الأزمة بين «فتح» و«حماس» بشأن منع المشاركين في المؤتمر من مغادرة قطاع غزّة، يصبّ في خانة عدم السماح بتقوية دحلان، الخصم الأساسي للحركة الإسلامية في السلطة الفلسطينية، ولا سيما أن القوة الأساسية لدحلان تقوم أساساً في قطاع غزّة.
غير أن المصادر نفسها تؤكد أن المنع «الحمساوي» قد يؤدّي إلى رد فعل معاكس بين «الفتحاويين»، على اعتبار أن دحلان بدأ يظهر في شكل «المستهدَف» من جانب الحركة الإسلامية، التي باتت ألد خصوم، إن لم يكن أعداء، «الفتحاويين».
وتشير المصادر نفسها إلى أن ما راج في فترة سابقة عن خلاف بين عباس ودحلان في أعقاب الحسم العسكري «الحمساوي» في قطاع غزّة، وتحميل دحلان مسؤوليته، لم يدم طويلاً، ليعود التحالف بين الرجلين، الذي تصفه المصادر بأنه «تحالف أساسي»، ولا سيما بعد الاتهامات الأخيرة لأمين سر «فتح»، فاروق القدومي، الذي جمع أبو مازن وأبو فادي في مؤامرة اغتيال أبو عمار.
وتؤكد مصادر لـ«الأخبار» أن كتلة دحلان تعدّ لدخول اللجنة المركزية لحركة «فتح» بخمسة أعضاء، من أصل الأعضاء الـ 21 الذين يكوّنون اللجنة. وتشير إلى أن هؤلاء، إضافةً إلى دحلان نفسه، هم سعدي الكرنز وعبد الرحمن حمد وصخر بسيسو وسمير مشهراوي. كذلك، فإن دحلان يسعى إلى حصّة غير قليلة من المجلس الثوري للحركة، الذي يتألف من 120 عضواً.

«مجموعة الخليل»

كما أن هناك مجموعة أطلق عليها اسم «مجموعة الخليل»، بدأت تعمل لتأمين مواقعها في اللجنة المركزية. ورغم عدم ارتباط أعضائها، إلا أن غايتهم تصب في الاتجاه نفسه. وتشير المصادر إلى أن أحد أبرز وجوه هذه المجموعة هو السفير الفلسطيني في القاهرة، نبيل عمرو، الذي يرتبط بعلاقة تحالف قويّة مع دحلان. ومن بين أعضاء المجموعة أيضاً جبريل الرجوب، الذي يشغل حالياً منصب رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني، بعدما كان رئيساً للأمن الوقائي في الضفة الغربية. وإذا كان وصول الرجوب إلى اللجنة المركزية شبه محسوم، فإن وضع ممثل منظمة التحرير في لبنان، عباس زكي، لا يزال غير واضح، وهو إذا لم يتمكن من حسم الأصوات التي تؤهّله للهيئة الأعلى في الحركة، فقد يعزف عن الترشح.

عبّاس الأقوى

وفي محاولته لـ«سرقة فتح»، كما يقول بعض الحركيين المعارضين لأبو مازن، لا يكتفي عبّاس بمجموعة دحلان، إذ إن المراقبين يؤكّدون أنه «الأقوى في المؤتمر»، ولا سيما أنه يمسك بكل خيوطه من خلال الأمن الوطني، والأجهزة الأمنية الأخرى، وكتلة المتقاعدين وممثلي الاتحادات الشعبية، والسفارات، وبعض الأقاليم التي باتت تدين بالولاء من دون أي تردد لرئيس السلطة. لذلك، يقول المراقبون إن عباس يدخل المؤتمر باعتباره الأقوى والأكثر قدرة على التحكم في مساره، وبالتالي فهو متأكد من أنه سيعاد انتخابه رئيساً للحركة.
لكن عباس، في الوقت نفسه، حريص على أن تأتي تشكيلة اللجنة المركزية للحركة متجانسة مع توجهاته. ولهذه الغاية، فإن عملية إقصاء واسعة النطاق ستشمل كل من يعارض الرئيس الفلسطيني.
أمين سر حركة «فتح» في الضفة، الأسير مروان البرغوثي، لن تشمله مقصلة أبو مازن في المرحلة الحالية، لاعتبارات بُعده عن ميدان العمل الحركي المباشر، وبالتالي فإن مقعده في اللجنة المركزية سيبقى محفوظاً. غير أن أمين سر اللجنة المركزية، فاروق القدومي، سيكون أبرز الخارجين من اللجنة، وربما حركة «فتح» بمجملها، تمهيداً لإخراجه من رئاسة الدائرة السياسية لمنظمة التحرير. وتؤكد مصادر للـ«الأخبار» أن إخراج القدومي من المنظمة سيكون على أساس أنه لم يعد يمثّل «فتح»، من دون الحاجة إلى عقد مجلس تأديبي لأبو اللطف لمحاسبته على اتهاماته الأخيرة لعباس ودحلان.
القدومي لن يكون الاسم البارز الوحيد، فالحديث يدور أيضاً عن هاني الحسن، الذي شغل في مرحلة ما منصب وزير الداخلية في السلطة الفلسطينية، غير أن خلافات طرأت على علاقته مع أبو مازن، ما دفعه إلى مغادرة رام الله والاستقرار في العاصمة الأردنيّة عمّان. كذلك، فإن حظوظ صخر حبش ومحمد جهاد ونصر يوسف تبدو معدومة في العودة إلى اللجنة المركزية.

أبو ماهر وأبو علاء

لا شك أن عودة محمد راتب غنيم (أبو ماهر) من منفاه التونسي إلى رام الله وانضمامه إلى فريق الرئيس الفلسطيني، قوّت موقف أبو مازن داخل حركة «فتح»، ولا سيما أن غنيم من ثلّة «الأبوات» الأوائل لـ«فتح»، وهو يشغل رئاسة دائرتها التنظيمية ورئاسة اللجنة التحضيرية للمؤتمر السادس. وتمثّل عودة أبو ماهر ضربة لفريق تونس، وفي مقدمته القدومي. غير أن عودته لن تكون مجانية، ولا سيما أنه يعدّ ورقة عباس الرابحة في المؤتمر.
وتشير المعلومات المتداولة في بيت لحم ورام الله إلى أن عباس سيضمن وصول أبو ماهر إلى اللجنة المركزية للحركة لتسليمه أمانة سرها، بدلاً من القدومي، وليكون بالتالي الرجل الثاني في الحركة. غير أن مثل هذا المنصب قد يثير حساسية مفوض التعئبة والتنظيم في «فتح»، أحمد قريع (أبو العلاء)، الذي قد يسعى عبّاس إلى استرضائه بمنصب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، التابع لمنظمة التحرير، ليخلف سليم الزعنون (أبو الأديب)، الذي يتردّد أنه يعاني أزمة صحيّة ويعتزم التخلي عن منصبه في أول اجتماع للمجلس الوطني.
هيكليّة «فتحاوية» جديدة ستخرج عن المؤتمر السادس، ستكون لحركة مدجّنة تحت راية أبو مازن، الذي سيحاول أداء دور عرفات في مسك كل المفاتيح بيده. لكن السؤال يبقى إذا كان يستطيع ذلك.


حبر البرنامج السياسيلكن مثل هذا البرنامج، لا يلزم السلطة الفلسطينية، التي عمدت منذ فترة إلى «تدجين» المقاومين الفتحاويين ودمجهم في أجهزتها الأمنية. لذا، فإن المراقبين يشيرون إلى أن البرنامج السياسي يبقى «حبراً على ورق».


حركة «سياسيّة عليا» لا تُحرّك «السّبات» في مهد المسيح


بيت لحم ــ فراس خطيب
الوصول إلى بيت لحم مهمّة شاقة. فعقبات الوصول إلى مهد المسيح المحتل والمحاصر، لا تقتصر على حواجز التفتيش ومسلسل الإهانات الاعتيادية بحق الفلسطينيين. اليوم، تكفي رؤية المدينة محاصرةً بجدار ضخم «ينمو» مع كل يوم يمرّ، وتكفي أيضاً مشاهدة المستوطنات «التي تكبر وتتسع باستمرار»، ليضمحل الأمل أمام المشهد والمشاهد.
يروي أحد المقدسيين من ركّاب الحافلة المتجهة من القدس المحتلة إلى بيت لحم المحتلة بدورها، عن العائلة التي هُجِّرَت من منزلها في الشيخ جراح في القدس، وآخر يردّ عليه بصيغة اليائسين من الأوضاع ليقول إنّ «الزمن لن يترك القوي قوياً»، بينما كان ركّاب الباص مشغولين بالتفاصيل الحياتية اليومية بين «محسوم» (حاجز) ومحطة باص.
قد يعرف هؤلاء أن الخوض في تفاصيل ما حولك أمر منهك للغاية. حتى إن هذا الباص ينقل المقدسيين إلى بيت لحم، بينما يُمنع سكان بيت لحم من زيارة القدس إلا بتصريح خاص، والتصاريح شبه معدومة.
أطراف مدينة بيت لحم لا تزال تعيش سباتها المألوف، لكنَّ قلب المدينة يشهد في هذه الأيام تحديداً تغييراً مؤقتاً: أزمات عند مداخل الفنادق الكبرى، وسائقون غاضبون من «هدر الوقت». كذلك يُسَجَّل انتشار واسع لقوات الأمن الفلسطينية، وحضور قوي للسيارات الحكومية السوداء. هكذا تبدو المدينة عشية انعقاد المؤتمر السادس لحركة «فتح»، حيث باتت مهمة التفتيش عن فندقٍ مهمة شاقة. لكن في المقابل، حضور كوادر الحركة من كل قطر وصوب، وانبعاث «الحياة من جديد» في المدينة، لا تجعل من أجوائها احتفاليّة، ولا تعكس بالضرورة روحاً على مركزها المتعب، بالتالي، فإنّ الإنسان العادي يسأل: «كيف ينعكس الأمر على حياته، وأنا شخصياً لا أعلّق كثيراً من الآمال على المؤتمر» على حد تعبير سائق التاكسي الذي يحاول إقناعك بأن كل ما جناه من المؤتمر الفتحاوي هو أنه «قضى ساعات في زحمة السير يحرق الوقت».
يطلّ مؤتمر «فتح» حاملاً معه تحديات وتساؤلات. غياب الكثير وحضور الكثير. هو المؤتمر الأول بعد عشرين عاماً في ظل غياب أبو عمار وحضور الانقسام. بدأ أعضاء المؤتمر يتوافدون إلى المدينة. اهتمام إعلامي ضخم، لقاءات أولى منذ سنوات، عناقات ونقاشات، لكنَّ التساؤلات لا تزال تُطرح بقوة عن مصيره، حتى قبل انعقاده بساعات.
ولا يزال بعض قياديي «فتح» يرون ضرورة في تأكيد أن المؤتمر السادس «سيباشر أعماله غداً، كما كان مقرراً». وأعرب قيادي في الحركة عن تفاؤله لـ«الأخبار» بقوله إنَّ «المؤتمر سيكون له أثر إيجابي على مسيرة الحركة»، مشيراً إلى أنّه «سيفرز قيادة قادرة على التعاطي مع وضع غزة وإزالة الحصار عنها»، مشدداً في الوقت نفسه على أنَّ حركة «حماس» أخطأت «عندما منعت أعضاء غزة من المشاركة، ولم تحترم الوساطات العربية وارتكبت حماقة سيكون لها أثر سلبي مستقبلاً». وعلى الرغم من السجال الدائر بين حركتي «فتح» و«حماس»، إلا أنَّ هناك أعضاء مشاركين في المؤتمر يعوّلون على «الدقائق الأخيرة» لإيجاد حلّ لأزمة فتحاويي غزة.
وقال أحد أعضاء المؤتمر لـ«الأخبار» إنَّ «سوريا تضغط بشدة على حماس للموافقة على سفر هؤلاء، وقد تسمح الحركة الإسلامية لأعضاء غزة في اللحظة الأخيرة بالمشاركة»، معرباً عن ثقته بأن «حماس قد تقتنع بالسماح للأعضاء بالمشاركة بعدما طرحت قضية معتقليها على الرأي العام».
وبعيداً عن أزمة غزة، هناك في أوساط «فتح» من يبحث عن «تغيير حقيقي». وكشف أسير سابق في سجون الاحتلال لـ«الأخبار» عن نيته الترشح لعضوية المجلس الثوري للحركة لأنّ «الوضع لا يطمئن كثيراً»، متوقفاً عند ضرورة أن يستطيع المؤتمر «التفريق بين الصالح والطالح»، مبرراً أمله بأن «فتح بحاجة إلى تغيير جوهري، لا مجرد عقد مؤتمر وإفراز ما كان في السابق».
وحين تسأله عمّن يريد أن يرى في القيادة، يجيب: «لا حاجة للأسماء، لأن الكشف عنها قبل المؤتمر لا يقدّم ولا يؤخر. علينا الاهتمام بمضمون المؤتمر. ثلاثة أيام والأمور ستتوضح أكثر، على أمل أن تكون النتائج جيدة، وتستطيع القيادة المضي قدماً».
ساحة كنيسة المهد بدت خالية، وسوقها التجاري يشهد حركته الاعتيادية غير المتأثرة من «حضور السياسة في المكان»، فهذه «السياسات العليا»، في «فتح» وغيرها، لا تنعكس بالضرورة على الإنسان العادي.
أحد السائقين يشكو أن الشرطة «أهملت البلد وتمركزت في المؤتمر»، بينما يذهب تاجر مسيَّس في النقاش إلى مساحة أبعد: «ليفرز المؤتمر ما يفرزه، فالواقع سيئ للغاية. جدار واستيطان وغيرها. انظر حولك وستعرف. هل يُنهي المؤتمر هذا الواقع؟ لا أعرف».

ما قل ودل

عاد عضو المجلس الثوري لحركة «فتح» إبراهيم أبو النجا إلى قطاع غزة، أمس، مفضلاً عدم المشاركة في المؤتمر العام لحركته، وذلك للتضامن مع زملائه الذين مُنعوا من مغادرة القطاع إلى بيت لحم. وقال أبو النجا: «لا أستطيع المشاركة من دون أشقائي من أعضاء فتح في غزة، بعدما مُنعوا من السفر»، موضحاً أن قرار حركة «حماس» منع أعضاء «فتح» من السفر، دفعه إلى العودة فوراً بعد فشل الوساطات الدولية والعربية. واستنكر أبو النجا قرار «حماس» قائلاً: «توقعت أن تبارك حماس مؤتمرنا الذي سيصلح من شأن الحركة ويعيد اللحمة للصف الوطني الفلسطيني».
(يو بي آي)

لو سُمح لفتحاويّي غزّة أن ينصحوا حمساويّيها!
غزة ــ قيس صفدي
يُعرَف الفتحاوي في غزة من نغمة هاتفه الجوّال، والراية الصفراء المرفوعة فوق منزله أو في حفل زفافه، فيما تغيب الإشارات على وجود حركة «فتح» عن القطاع منذ هزيمتها العسكرية أمام «حماس» في 14 حزيران 2007. حتى إنّ كثيرين من «فتح» وعناصر الأجهزة الأمنية السابقة، اضطروا إلى الالتحاق بصفوف حركات وأجنحة عسكرية أخرى، وخصوصاً «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، طلباً للحماية وخشية من ملاحقة أجهزة «حماس».
لكن لم تكن «فتح»، بتنظيمها في غزة، أفضل حالاً قبل الحسم العسكري، إذ إنها لم تكن تنظيماً مترابطاً ومتماسكاً بقدر كونها سلطة تمسك بزمام الأجهزة الأمنية والمدنية.
وقبل سيطرة «حماس»، كان بالإمكان تلمُّس نقمة كثير من الفتحاويين على حركتهم وقادتهم لما استشرى بها من فساد وترهّل، لكن هذه النقمة تحولت إلى تعصّب في مواجهة الحكم «الحمساوي».
وبعدما تفرّدت «فتح» بالقرار والمال الوطنيّين لأربعة عقود، أصبحت اليوم أشبه بـ«حركة محظورة» في غزة؛ عناصرها ملاحقون إن فكروا في تنظيم أي نشاط قد تفسّره «حماس» بأنه تحرك ضد حكمها، ويتهدّدهم قطع الراتب الذي توفره سلطة رام الله إن استسلموا للأمر الواقع وتعاطوا مع الحكم «الحمساوي».
لقد تحولت «فتح» اليوم إلى فصيل من الدرجة الثانية في القطاع، من دون نشاطات ولا مؤسّسات، بعدما وضعت الحركة الإسلامية يدها على جميع المؤسسات التابعة مباشرة أو غير مباشرة للحركة.
ويشبه الوضع «الفتحاوي» في غزة حالياً، إلى حدّ كبير، ما كانت عليه غريمتها «حماس» في منتصف تسعينيات القرن الماضي، حين تعرضت لحملة أمنية استهدفت القضاء عليها عبر اعتقال كوادرها ومناصريها وتعذيبهم. غير أن بإمكان نشطاء «فتح» في غزة إظهار انتمائهم، وإن بطرق بسيطة، فيما لم يكن الحمساويون يجرؤون على مجرد الصلاة في المسجد قبل اندلاع «انتفاضة الأقصى» في عام 2000.
وسبق لـ«حماس» أن أصدرت عفواً عاماً عن نشطاء «فتح» عقب حسم 14 حزيران العسكري، «شرط ألا يكونوا متورطين في جرائم قتل» إبان موجات الاقتتال الداخلي التي سبقت سيطرتها المطلقة على زمام الأمور في القطاع المحاصَر. لكن هذا العفو لم يمنع اعتقال عشرات الفتحاويين بذرائع عديدة، كـ«العمل على زعزعة الأمن والاستقرار» مثلاً. ويدرك سكان القطاع المحاصَر أن موجة الاعتقالات المتبادلة هي ردّة فعل بين الحركتين اللتين تحتجز كل منهما المئات من عناصر الأخرى في سجون غزة والضفة الغربية المحتلة.
«يا أم الجماهير يا فتح»، و«فتحاوي ما يهاب الموت»، وأغاني فتحاوية كثيرة تحولت إلى تعبير عن الانتماء إلى حركة أبو عمّار من خلال تخصيصها نغماتٍ للجوال، فيما لا يخلو حفل زفاف لفتحاوي من أصوات هذه الأناشيد التي تعانق رايات صفراء ترفرف على خشبة المسرح.
سبق أن ذاق عناصر الأجهزة الأمنية وقادتها في غزة، مرارة الاعتقال لدى أجهزة «فتح» في السابق. ويقول فتحاوي اعتُقل مرتين خلال العامين الماضيين إن من حقّق معه كان معتقلاً لديه سابقاً، فنصحه قائلاً: «لو دامت لنا لما وصلت إليكم، فتعلموا من أخطاء غيركم».

برنامج المؤتمر

برنامج المؤتمر

في ما يأتي مقتطفات من جدول أعمال مؤتمر «فتح» الذي يفتتح اليوم في بيت لحم:
جلسة صباحية الساعة 9، ثم تقرير مختصر عن أعمال اللجنة التحضيرية وقرار اللجنة المركزية بعقد المؤتمر العام السادس حسب نص المادة (23، 71) من النظام الأساسي. على أن يلقي الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس كلمة، تليها كلمات الوفود الأجنبية والوطنية المشاركة. ويشهد اليوم الأول انتخاب هيئة رئاسة المؤتمر المكونة من رئيس للمؤتمر، ونائبين للرئيس، ومقررين اثنين.
وفي الجلسة المسائية يُناقَش ويُقَرّ جدول أعمال المؤتمر المقترح من اللجنة المركزية للحركة. ثم يقدم عبّاس تقريراً شاملاً عن أوضاع الحركة والأوضاع السياسية والأمنية في ما بين فترتي انعقاد المؤتمرين: الخامس والسادس.
كذلك تؤلَّف في اليوم الأول 12 لجنة لمناقشة التوصيات التي ستقدم في نهاية المؤتمر، أبرزها اللجنة السياسية، واللجنة التنظيمية، ولجنة الشؤون العسكرية والأمنية، ولجنة القدس والمقدسات الدينية، ولجنة شؤون اللاجئين، ولجنة الاستيطان وجدار الفصل العنصري.
ويخصص اليوم الثاني من المؤتمر لمناقشات اللجان ومناقشة التوصيات، ثم يُترشّح لعضوية اللجنة المركزية والمجلس الثوري. وفي نهاية اليوم يغلق باب الترشّح للعضوية.
اليوم الثالث والأخير سيكون لإقرار توصيات اللجان ومناقشتها. على أن تخصص جلسته المسائية لعملية الانتخاب بالتصويت السري اليدوي لكل من عضوية المجلس الثوري واللجنة المركزية في وقت واحد. ثم يُعلن النتائج رئيس المؤتمر، في اجتماع شامل للهيئة العامة للمؤتمر العام السادس، لكل من أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري.
وفيما يغيب ممثلي حركة «فتح» في قطاع غزّة عن المؤتمر، بعد منع حركة «حماس» وصولهم إلى بيت لحم، إلا أنهم لن يكونوا غائبين كليّاً عن عملية الانتخابات في المؤتمر، فالمعلومات الواردة من بيت لحم تتحدّث عن اتجاه عبّاس إلى اعتماد «كوتا» تكون مخصصة لـ«فتح ـــــ غزة»، من دون أن تحدد عديد هذه الكوتا، سواء في اللجنة المركزية أو في المجلس الثوري.
(الأخبار)