«انطلاقة جديدة» لـ«فتح» بغياب جناحها الغزاويبمشاركة 2600 من قادة «فتح» في الداخل والخارج، وغياب ما يقارب 400 من أعضاء الحركة في قطاع غزة، أطلقت حركة «فتح» أمس مؤتمرها السادس بعد انقطاع دام 20 عاماً، بخطابٍ طويل وشامل لرئيسها، محمود عباس. خطاب أراده أبو مازن أن يكون «تحليلاً موضوعياً» وتاريخياً، فسرد مسيرة حركته منذ انطلاقتها على أيدي الراحل ياسر عرفات، مستعرضأً أبرز المحطات والأحداث والتحديات والمخاطر التي واجهتها، والاتفاقات الدولية التي عقدتها، وصولاً إلى المرحلة الراهنة وما تختزنه من تحديات، إن على صعيد الجبهة الداخلية، وخصوصاً العلاقة مع «انقلابيي حماس»، أو الجبهة الخارجية، وتحديداً الاحتلال
افتتحت حركة «فتح»، أمس، مؤتمرها السادس الذي يعقد للمرة الأولى داخل الأراضي الفلسطينية في بيت لحم بالضفة الغربية، بعد 20 عاماً من انعقاد المؤتمر الخامس في تونس عام 1989. وأعلن القيادي في الحركة أحمد قريع افتتاح المؤتمر، الذي حمل عنوان «مؤتمر الشهيد المؤسس ياسر عرفات: انطلاقة جديدة نحو الحرية والاستقلال». ورأى أن حركة «حماس» عملت من خلال منع حضور أعضاء «فتح» في غزة، الذين سماهم «الجناح الثاني للوطن»، على «تعميق الجرح وزيادة الكراهية»، لكنه تمسك بالحوار لتحقيق المصالحة. وقال «إن الجرح بليغ والممارسات قمعية والادعاء كبير، لكن الكبير يحنو على الصغير».
ولفت قريع إلى أن الكل يطالب حركته بالتماسك والوحدة وتأكيد الثوابت الوطنية وانتخاب قيادة «فتحاوية» قادرة على تحدي النجاح، لأنه «لا خيار آخر سوى النجاح لإفشال كل الرهانات».
ثم تحدث الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فألقى خطاباً طويلاً استعرض خلاله مسيرة الحركة منذ انطلاقتها، مشيراً إلى أن «مجرد صمود الحركة الوطنية رغم ما تعرضت له من محاولات شطب هو شيء أقرب إلى المعجزة»، ومشدداً على أنه «لم يجن المتآمرون على فتح سوى الفشل». ومع ذلك، اعترف عباس بأن حركته ارتكبت «أخطاءً» أدت إلى هزيمتها أمام حركة «حماس» في غزة، داعياً «فتح» إلى «انطلاقة جديدة».
وقال عباس، أمام مندوبي الحركة الذين قدر عددهم بـ 2600: «بفعل انسداد آفاق عملية السلام، وأيضاً بسبب أخطائنا وجملة من ممارساتنا وسلوكياتنا المرفوضة جماهيرياً وأدائنا الضعيف وابتعادنا عن نبض الجماهير وضعف انضباطنا التنظيمي، خسرنا انتخابات المجلس التشريعي الثانية، وبعد ذلك خسرنا غزة». وأضاف: «أوشكنا على خسارة ما بقي من السلطة، لكننا قاومنا وصمدنا وبادرنا».
كذلك تحدث عباس عن السلام، وأشار إلى رغبة الشعب الفلسطيني في «إخراج عملية السلام من طريقها المسدود مع تأكيد حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، وهو ما يقره القانون الدولي، بما في ذلك المقاومة المسلحة».
وهاجم عباس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، متهماً إياه «بتدمير أي فرصة لاستئناف مفاوضات السلام من خلال رفضه تجميد الاستيطان وهدر حقوق الفلسطينيين». وقال إن «نتنياهو يحاول حرف أنظار العالم من خلال اقتراح تسهيلات اقتصادية بديلاً من الحقوق السياسية».
كذلك اتهم عباس الحكومة الإسرائيلية بممارسة «التطهير العرقي» في القدس الشرقية من خلال تدمير البيوت ونشر المسوطنين في الأحياء الفلسطينية. وقال إن «هذه الهجمة المتصاعدة والمترافقة مع رفض إسرائيلي لوقف النشاطات الاستيطانية، كفيلة بإجهاض الجهد الدولي لإحياء عملية السلام». وشدد على أن «زمن التحكم الإسرائيلي بالخيارات الدولية ولّى».
وتطرق عباس إلى خطة خريطة الطريق، مؤكداً تنفيذ السلطة كامل التزامتها، فيما لم تبدأ إسرائيل خطوة واحدة باتجاه تنفيذ الخطة. ورأى أن أشواطاً قطعت بالتفاوض، منها تثبيت أن الأرض المحتلة هي غزة والضفة الغربية بما فيها القدس والبحر الميت ونهر الأردن والمناطق المنزوعة السلاح على حدود 1967.
وفي حديثه عن حق الشعب الفلسطيني بالمقاومة، قال عبّاس: «نحتفظ بحقنا بالمقاومة التي تكفلها لنا الشرعية الدولية، وما تكفله لنا الشرعية الدولية نحن نقبله»، مشيراً إلى أن «هذا الحق مرتبط بالفهم والإجماع الوطني، وبالتوقيت المناسب».
ورفض أبو مازن وصم الكفاح المشروع بالإرهاب، وأكد التمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية «الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني»، متهماً جهات فلسطينية لم يسمّها بمحاولة تغييبها. ودعا إلى حسم العلاقة بين حركتي «حماس» و«فتح» من جهة، وحركة «حماس» ومنظمة التحرير من جهةٍ ثانية.
وهاجم عباس بشدة من سمّاهم «انقلابيي حماس»، مديناً «القمع» الذي تمارسه الحركة الإسلامية في غزة بحقّ ناشطي «فتح». واتهم «حماس» بعرقلة الحوار، والإعداد للانقلاب بعد اتفاق مكة. ورأى أن «اشتراط حماس الاتفاق المطلق على أدق التفاصيل أو لا اتفاق، يعني اشتراط المستحيل»، مجدداً التمسك بالحوار، لأن «المهمة الملحّة والأبرز أمامنا، شعباً ومنظمة وحركة اليوم، هي إنهاء الانقسام، واستعادة وحدة الشعب والوطن والمؤسسات»، على اعتبار أن ما يجري يلحق «أكبر الأضرار وأخطرها» بالقضية الوطنية، داعياً «حماس» إلى الاحتكام لصناديق الاقتراع.
وأكد عباس في خطابه «أن الانتخابات التشريعية والرئاسية يجب ان تكون في جميع أنحاء الوطن». وقال: «لن نسمح لكائن من كان بأداء دور الطابور الخامس لتقويض هذا الأساس الديموقراطي لحياتنا وعلاقاتنا».
ودعا أبو مازن إلى العمل لمعرفة أسباب وفاة الزعيم الراحل ياسر عرفات. وهاجم «المتاجرين بالموضوع». وقال: «لن ينفع البعض المتاجرة أو استغلال هذا الموضوع»، في إشارة إلى أمين سر اللجنة المركزية لحركة «فتح»، فاروق القدومي.
ومع افتتاح المؤتمر، لجأ أعضاء «فتح» في غزة إلى التلفاز لمشاهدة وقائعه، وبينهم عضو المجلس التشريعي، أشرف جمعة، الذي أعرب عن أمله أن ينتخب المؤتمر قادة جدداً للجنة المركزية المؤلفة من 18 عضواً لكي «يقودوا الحركة إلى الأمام».
أما القيادي في الحركة حسين فياض، فاختار أن يوجه من مكان إقامته في الجزائر رسالة للمشاركين، يعبّر فيها عن رغبته في «مرحلة ترميم للحركة وانتخاب الرجل المناسب في المكان المناسب، وتصويب المسار السياسي والتنظيمي، من أجل كل شهيد ضحّى بروحه في سبيل فلسطين».
(الأخبار)


«حماس»: تهريج لا يؤسس لمصالحة



غزة ــ قيس صفديمن جهته، أكد المتحدث باسم حركة «الجهاد الإسلامي»، داوود شهاب، أن خطاب عباس «لم يأت بجديد في ما يتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية». واستنكر «قرار عباس الاستمرار في المفاوضات العبثية، وعدم بلورة خطة فلسطينية لمواجهة مخططات الاحتلال».