يكفي أنّني عائد
على هامش افتتاح المؤتمر، كانت هناك ثورة من المشاعر تكرّس الحال الفلسطينية بصورتها اللاجئة: أعضاء لم تخط أقدامهم أرض الوطن إلا في هذا المؤتمر. كان أحدهم أسيراً سابقاً، أُبعد إلى الأردن بعد سجنه. كان يجلس على حافّة مدرسة التيراسنطة التي تستضيف المؤتمر، وينظر إلى الحشود. كانت الضجة تعلو وتعلو، لكنَّ الصخب لم يشوّه هدوء الأسير السابق. يراقب كل شيء من حوله، وينقل نظراته من جهة إلى أخرى من دون تعليق.
انتظرناه كي يجيب عن الأسئلة المعهودة، وأن يصف شعوره بانعقاد المؤتمر وتوقعاته إزاء نتائجه. لكنه اختار الصمت، وهمس إلى صديقه، وهو أسير سابق أيضاً: «قل لهم إن المؤتمر يأتي على هامش العودة. يكفي أنّني عائد إلى هنا بعد سنوات».

دخان ملل

ماذا لو وضعنا 2000 شخص في قاعة واحدة؟ تفيد تجربة الأمس بأن الوضع لن يكون على ما يرام. لقد بذل منظمو المؤتمر السادس للحركة جهوداً كبيرة لتنظيم الجلسة. في بداية الجلسة كان الإصغاء مقبولاً، والتنظيم جيداً جداً، لكن مع مرور الوقت، بدأت الأمور تسوء. العشرات من أعضاء المؤتمر والصحافيين وقفوا من وراء المقاعد الخلفية وأشعلوا سجائرهم، وصار باب القاعة الرئيسي مرتعاً للدخول والخروج. وكلما طال الوقت، ازداد دخان السجائر والضجيج والحديث خارج القاعة. قلّة سمعوا كلمة المندوب الياباني، الذي ألقى كلمة في افتتاح المؤتمر، وأعرب عن دعم طوكيو لـ«حل الدولتين». أحد الحاضرين صفّق عند سماع التصريح المألوف، لكن التصفيق كان خافتاً مثل الكلمة، وقلائل سمعوه.

كلاب تقصّي

كل الطرق المؤدية إلى قاعة الجلسة الافتتاحية كانت مغلقة في بيت لحم، ويُمنَع دخول من لا يحمل بطاقة. تجمّع الصحافيون عند الساعة السادسة صباحاً في ساحة كنيسة المهد وتوجهوا إلى مكان القاعة. كان التدقيق الأمني شديداً للغاية. على مدخل المدرسة، طُلب من الصحافيين وضع حقائبهم والابتعاد عنها. وبعد نحو دقيقة واحدة، حصلت المفاجأة؛ وصل كلب ضخم لتقصّي أثر الحقائب. وعلى باب القاعة، فُرض تدقيق آخر بواسطة أجهزة إلكترونية ضخمة.
(الأخبار)