العجز يرتفع إلى 1000 ميغا واط والأعطال ترسم علامات استفهام

مفارقة غريبة، ازدادت ساعات التقنين الكهربائي مقارنةً بالعام الماضي، لكنّ الاحتجاجات في القرى والأحياء خفتت كثيراً... وسجّل قطاع الكهرباء المزيد من التدهور، إلا أن الاهتمام السياسي غاب كليّاً، ولم يعد هناك من يرى أن معالجة مشكلة الكهرباء أولوية، بل على العكس، نامت خطط وزير الطاقة والمياه في أدراج رئاسة الحكومة من دون أن يرفّ جفن أحد من أولئك القادة الذين ما انفكّوا يرمون بأتباعهم في أتون الصراعات التي تتمحور حول كل شيء سوى مصالح الفقراء والضعفاء!
ما عدا بيروت الإدارية وجزءاً من طرابلس والمنية ومعمل سبلين وعدداً من المراكز العسكرية وقصور بعض السياسيين... فإن التيار الكهربائي لا يصل إلى المساكن والمؤسسات إلا ما ندر في ذروة موسم الحر، فالتقنين يصل في بعض المناطق غير المحظوظة حالياً إلى أكثر من 16 ساعة يومياً، والأسباب متشعّبة، بعضها معروف وبعضها الآخر مستتر.
وبحسب معلومات «الأخبار»، فقد تنامى الطلب على الكهرباء إلى مستوى قياسي غير مسبوق، بلغ 2450 ميغا واط، بسبب شدّة الحر وقدوم عدد كبير من اللبنانيين المغتربين والسيّاح، وفي المقابل تراجعت كمية الطاقة المتاحة في الأيام الماضية إلى أقل من 1450 ميغا واط، ما يعني أن العجز ارتفع إلى أكثر من 1000 ميغا واط، مقارنةً بعجز كان متوقّعاً بحدود 700 ميغا واط.
إن أكثر من ثلث الطاقة المتاحة مخصص للمناطق المستثناة بموجب قرارات مجلس الوزراء أو بالتهديد الميليشياوي أو بقوّة النفوذ، وهي لا تمثّل سوى أقل من 15 % من مجمل المستهلكين، ما أسهم في زيادة معدّلات التقنين بوتيرة غير مقبولة في المناطق غير المستثناة، وما يزيد الطين بلّة أن سوريا اضطرت إلى تعليق عمليات مدّ لبنان بالطاقة بسبب زيادة الطلب لديها، وفرضها برنامج تقنين في العديد من مدنها وقراها، كما أن الطاقة المستجرة من مصر تراجعت إلى 70 ميغا واط فقط لأسباب مجهولة حتى الآن، إذ إن الاتفاق مع مصر الذي تشارك فيه الأردن وسوريا أيضاً يقضي بتوزيع 450 ميغا واط بالتساوي بين هذه الدول الثلاث، أي إن حصّة لبنان يجب ألّا تقل عن 150 ميغا واط لمدّة 20 ساعة يومياً باستثناء ساعات الذروة في داخل مصر... وإضافةً إلى هذين العاملين توقّفت منذ فترة إحدى المجموعات في معمل دير عمار، وحالما أُعيد تشغيلها توقفت إحدى المجموعات في معمل الزهراني، ما أدى إلى خسارة الشبكة نحو 200 ميغا واط، وهذا الأمر يرسم علامات استفهام حول أداء شركة «كيبكو» التي تتولى تشغيل المعملين وصيانتهما.
وقالت مصادر مطّلعة إن تأثير توقّف مجموعة في معمل الزهراني لا ينحصر فقط في خسارة في القدرة الإنتاجية، بل تتعداها إلى خسارة أكبر من جرّاء عدم القدرة على إضافة قدرات جديدة توافرت من جرّاء إنجاز عملية إعادة تأهيل المجموعة المحترقة في معمل الزوق (130 ميغا واط)، إذ إن توقّف مجموعة الزهراني جعل مؤسسة كهرباء لبنان عاجزة عن توقيف معمل الزوق لربط المجموعة المذكورة لمدّة 8 ساعات، فهذه العملية تحمل مخاطر قد تؤدي إلى هبوط الشبكة من دون أن يكون عمل المجموعة المؤهلة ناجحاً بالضرورة، فذلك لا يتأكّد إلا بالتجربة.
وإضافةً إلى كل ذلك تعاني أكثرية أحياء منطقة الضاحية الجنوبية من عدم الاستقرار في التغذية طيلة اليوم بسبب أعمال مد كابلات جديدة، وهو ما ينطبق أيضاً على مناطق أخرى واسعة تعاني شبكاتها الحمولة الزائدة بسبب سرقة التيار الكهربائي المعتادة أو المستجدّة لتعويض النقص في التغذية عبر استمداد الكهرباء من مناطق أخرى تخضع لبرامج تقنين مغايرة.
(الأخبار)