ملفات شائكة حاول مؤتمر «فتح» السادس في يوم انعقاده الثالث بحثها من دون النجاح في حلها، وفي مقدمتها ملف غزة وتمثيلها في الهيئات العليا للحركة، ما استدعى تمديد انعقاد المؤتمر يومين إضافيين على الأقل
بيت لحم ــ فراس الخطيب
شهدت أعمال اليوم الثالث للمؤتمر السادس لحركة «فتح» نقاشات احتدمت إلى حدود غير متوقعة، هدأت مع نهاية النهار لكنّها قابلة للاشتعال في أي لحظة. فقد شهد أمس خوضاً في ملفات شائكة، ونقاشات ومشادّات تمحورت حول غزة وأوضاعها والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، مروراً بالترشيحات للمراكز القيادية، وصولاً إلى أوضاع الحركة في لبنان. والحركة، التي تعقد مؤتمرها للمرة الأولى بعد عشرين عاماً، وجدت نفسها مرة أخرى أمس في صلب ملفات مركّبة وتطرح للمرة الأولى على الطاولة أمام هيئتها العليا، ما اضطر المؤتمر الذي كان مفترضاً اختتام أعماله مساء أمس إلى تمديد أعماله على الأقل حتى يوم السبت، بعد بروز أنباء عن احتمال تمديده حتى يوم الاثنين المقبل في حال بقاء الملفات غير محسومة.
وحضرت غزّة على طاولة المؤتمر من خلال قضية تمثيل أعضائها في اللجنتين المركزية والمجلس الثوري، وصولاً إلى سيطرة «حماس» العسكرية عليها.
وفي السياق، ألّفت لجنة يرأسها القانوني أحمد الصيّاد، لدراسة ملف الانتخابات، ونالت فيها غزة حصة الأسد. فمع مرور الوقت كان يجري الحديث عن اقتراح لحل هذه الإشكالية. وقال المتحدث الرسمي باسم المؤتمر، نبيل عمرو، خلال مؤتمر صحافي عقده في بيت لحم، إنَّ مسألة «الكوتة (تخصيص ثلث أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري لأعضاء غزة) ذهبت إلى غير رجعة».
ومن بين الاقتراحات التي جرى الحديث عنها ولاحت في أفق المؤتمر بشأن قضية التمثيل، كان زيادة عدد أعضاء اللجنة المركزية، إلى 25؛ تخصّص 6 مقاعد منها لغزة، بحيث ينتخب المؤتمر العام ثلاثة منهم، وينتخب أعضاء غزة الثلاثة الباقين. كما اقُترح أن يُزاد عدد أعضاء اللجنة إلى 23 يخصص خمسة أعضاء لغزة، تنتخبهم الهيئة العليا للمؤتمر، ولكنها لم تحسم أيضاً لتبقى غزة وتمثيلها في صلب النقاشات.

أجمع المؤتمرون على أن إسرائيل اغتالت عرفات وقرّروا إقامة لجنة تحقيق
وقال أحد أعضاء المؤتمر، الذي يُعد من الشخصيات البارزة فيه، لـ«الأخبار»، إنَّ حركة «حماس لا تدرك حجم الكارثة التي أقدمت عليها بمنع حركة فتح من الوصول إلى بيت لحم»، مضيفاً إن «حماس» وبخطوتها هذه «ألقت بثقل قضية هامشية لتصبح الأولوية على حساب المؤتمر وقضاياه الأساسية التي كان من شأنها (أي القضايا الأساسية) أن تقوي التيار الكفاحي النضالي في داخل المؤتمر، الذي من شأنه أن يقلب المعادلة في الحركة، إلا أنَّ إقدام حماس على تصرفها هذا جعل من هذه القضية أولوية من أولويات المؤتمر، وبالتالي أعطيت فرصة على طبق من ذهب لمن يريد أن يخرّب ويفجر أعمال المؤتمر منذ البدايات، وهو التيار الذي يعلم أنه في حال انعقاد المؤتمر سيخسر الكثير».
كذلك كان الرئيس الراحل ياسر عرفات حاضراً. وقد أجمع المؤتمرون على أن «إسرائيل هي التي اغتالت الرئيس الراحل ياسر عرفات»، وقد قرّر المؤتمرون إقامة لجنة تحقيق برئاسة ابن شقيقة الرئيس الراحل، ناصر القدوة، لتتولى متابعة الملف. وقال مصدر مطلّع، لـ«الأخبار»، إنَّ هناك من دعا إلى «إقامة لجنة تحقيق دولية باغتيال الرئيس عرفات على غرار اللجنة التي تحقق باغتيال رئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري».
وإضافةً إلى ملفات الداخل، برز ملف شائك آخر أثار سجالاً داخل المؤتمر تمثّل في ملف «فتح في لبنان». تلك النقطة التي وصفت بـ«الحساسة». وقالت مصادر حضرت الجلسة لـ «الأخبار» إنَّ القصة بدأت مع مداخلة عضو المؤتمر رفعت شناعة، الذي تحدث عن مأساة مخيم نهر البارد، متهماً «الكل الوطني» من فصائل وقوى ومجتمع دولي بـ«التقصير». لينتقل الحديث بعد ذلك إلى عضو اللجنة المركزية، ممثل منظمة التحرير في لبنان، عباس زكي، الذي حاول الرد على شناعة وشرح وقائع ما جرى في نهر البارد. وأضاف المصدر، لـ «الأخبار»، إنَّ زكي رأى أن ما حدث في لبنان جاء «نتيجة لضعف الحركة الفلسطينية الوطنية ولتشرذمها، وخاصةً حركة فتح»، ما أثار سجالاً صاخباً بينه وبين أعضاء من وفد «فتح» من لبنان.
في غضون ذلك، فتح أمس باب الترشيحات أمام أعضاء المؤتمر لعضوية الهيئات القيادية في الحركة. وبلغ عدد الترشيحات للمجلس الثوري 600 سينتخب منهم 120 عضواً. أما عدد الأعضاء المرشحين للجنة المركزبة فوصل إلى أكثر من 80 سيُنتخب منهم 21 عضواً، مع وجود احتمالات كبيرة لزيادة أعضاء المركزية المرتبطة بحل بمشكلة غزة، وما يجري التوصل اليه. وأشار نبيل عمرو، خلال مؤتمره الصحافي أمس، إلى أن الانتخاب قد يجري اليوم (الجمعة)، غير أن مصادر داخل المؤتمر شكّكت في إمكان حصول ذلك، في ظل عجز القياديين عن الإجابة عن العدد الأكيد لأعضاء المؤتمر، الذي ارتفع من 1700 إلى 2500، وهو ما ينذر بوجود مشكلة أخرى، وخصوصاً أن كل صوت يعدّ مهمّاً في هذه القضية.


القادة الشباب يشكون ضعف التمثيل

في أروقة المؤتمر، طرحت قضايا عن نصيب الأعضاء الشباب واحتمالات وصولهم إلى اللجنة المركزية. جزء من هؤلاء ينتقدون بشدّة الطريقة التنظيمية، وخصوصاً أنهم يعتقدون أن احتمالات وصول الكوادر الشابة إلى اللجنة المركزية، احتمالات «ضعيفة». وفي السياق، قال عضو المؤتمر، والمرشح لعضوية اللجنة المركزية حسام خضر، في حديث لـ«الأخبار»: «أعتقد أن تمثيل القادة الشباب في المؤتمر ضعيف جداً، وخاصةً أن القادة التقليديين ينظرون إليهم على أنهم لم ينضجوا بعد، وبالتالي يعتقدون أن الله منحهم حق قيادة هذه الحركة من المهد إلى اللحد». وعبّر عن اعتقاده بأن هناك «أعضاءً ما كانوا ليكونوا أعضاءً حتى بعد عشرين عاماً لو كانت هناك معايير صحيحة». والهدف من هذا بحسب خضر هو: «جلب أصوات انتخابية لمراكز القوى التي تمتلك حق الإضافة والشطب»، ووصفه بأنه «أمر غير أخلاقي قامت به اللجنة الإعدادية». وكشف خضر أن المؤتمر «أحبط محاولات (القيادي في فتح) الطيب عبد الرحيم لفرض خطاب (الرئيس الفلسطيني) أبو مازن ليكون بمثابة تقرير اللجنة المركزية».
وشاطر العضو منصور السعدي خضر في توجيه الانتقادات إلى المؤتمر، وقال إنَّ اللجنة المركزية الحالية «تحاول أن تخطف المؤتمر من خلال فرض ما يريدون»، في إشارة إلى أعضائها، مضيفاً «إنهم يستمرون في زيادة عدد الأعضاء (للمؤتمر) بطريقة غير قانونية. لا أحد يعرف العدد النهائي للأعضاء المشاركين». بدوره، قال عضو المؤتمر قدورة فارس «لقد أمضينا سنوات طويلة في المطالبة بعقد هذا المؤتمر، ولكن هذا المؤتمر ليس ما كنا نحلم به».