ذكرت مصادر فلسطينية، أمس، أن الخطّة الأميركيّة للسلام في الشرق الأوسط ستعمل على حل مسألة الحدود أوّلاً، باعتبارها إحدى القضايا العالقة بين إسرائيل والفلسطينيين
علي حيدر
نقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيليّة عن مصادر فلسطينية رفيعة المستوى، أمس، أن «الأميركيّين سيعرضون مبادئ الحل المناسب للصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، إضافة إلى ما يتعلق باتفاقات سلام بين إسرائيل وسوريا ولبنان».
ولفتت المصادر نفسها إلى أن الخطة الأميركية لن تقدم حلاً مفصّلاً للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، إلا أنها ستتضمن موقفاً من قضايا التسوية الدائمة، «الحدود والقدس واللاجئين»، وأن الأميركيين سيطرحون جدولاً زمنياً للمفاوضات، حوالى سنة ونصف السنة، وسيطالبون الطرفين بأن يحلّوا أولاً مسألة الحدود، التي يرون أنها ستؤدي إلى حل المسائل الأخرى مثل المستوطنات والمياه.
وأشارت «هآرتس» إلى أن الطرفين سيديران مفاوضات خلال اللقاءات التي من المرتقب أن تعقد بحضور ممثلين أميركيين، ولكن ليس وفق صيغة «كامب ديفيد»، وأنه حسب التقديرات المختلفة، تعتزم الإدارة الأميركية عرض خطتها قبل انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة خلال شهر أيلول. ويتوقع الجانب الأميركي التوصل إلى تفاهم في موضوع المستوطنات خلال هذه الفترة، وعندها سيكون ممكناً استئناف المفاوضات.
إسرائيل تُعدّ في أوساط دوائر في الولايات المتحدة دولة رافضة مثل كوريا الشمالية وإيران
من جهة أخرى، كشفت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي عن أن القنصل الإسرائيلي العام في بوسطن، نداف تامير، حذر في برقية سرية، بعث بها إلى وزارة الخارجية في القدس، من أن «إسرائيل تُعدّ في أوساط دوائر واسعة في الولايات المتحدة دولة رافضة مثل كوريا الشمالية وإيران».
ولفتت القناة إلى أن تامير هو أحد الخبراء في العلاقات الإسرائيلية ـــــ الأميركية، وأن أقواله «تُعدّ شاذة جداً، لأن الدبلوماسيين لم يدرجوا على الإعراب بصوت عال عن أفكارهم بشأن الحكومة التي يعملون بتكليف منها».
وبحسب «يديعوت»، كتب تامير في برقيته أنه «خلال الزيارة إلى البلاد، تأكد إحساسي بأن عندنا سوء فهم ضار بنيّات الإدارة الأميركية وسياستها، وأن الشكل الذي ندير فيه العلاقات ألحق ضرراً استراتيجياً بالعنصرين الأكثر أهمية في جملة العلاقات الخاصة ـــــ مستوى الحميمية في التنسيق السياسي وتأييد الرأي العام الأميركي لإسرائيل».
وأضاف تامير أن «النهج الإسرائيلي فضّل دوماً أن يقول للأميركيين نعم ولكن، على أن يقول لا. وكان واضحاً لأصحاب القرار عندنا أن هذه هي القوة العظمى الأهم في العالم والحليف الأقرب لنا، وعليه يجب أن نضحي لمصلحة العلاقات الاستراتيجية بمسائل تكتيكية مختلفة»، لافتاً إلى أنه على الدوام «كان هناك فوارق في المناهج بين الدولتين، مثل البناء في المستوطنات، ولكن جرى الحفاظ على مستوى التنسيق بين الحكومتين».
واتهم تامير الحكومة الإسرائيلية بأنها ألحقت عبر السياسة التي اتبعتها ضرراً جسيماً بالنسبة إلى الرأي العام الأميركي، «بتقديري، التغطية الإعلامية التي تعرض صورة المواجهة بين الحكومة الإسرائيلية وإدارة أوباما تضرّ بتأييد إسرائيل في الرأي العام الأميركي». وتابع أنه «في أوساط دوائر عديدة في الولايات المتحدة، هناك إحساس أنه بينما تحاول إدارة أوباما حل نزاعات في أرجاء العالم، نجدها تتصدى لرفض الحكومات في إيران، كوريا الشمالية وإسرائيل».
ولفت تامير إلى أن «الإحساس بالمواجهة بين الحكومة الإسرائيلية وإدارة أوباما يضع الطائفة اليهودية الأميركية في موقع إشكالي للغاية يتعيّن عليهم فيه أن يختاروا بين الطرفين». وشدد على وجود محافل في السياسة الأميركية والإسرائيلية «تعارض أوباما إيديولوجياً، ومستعدة لأن تضحي بالعلاقات الخاصة بين الدولتين لمصلحة أجندتها السياسية».
وعبّر تامير عن اعتقاده بأنه فيما تحاول إدارة أوباما خفض المواجهة، تشعل إسرائيل نارها وتزيد الخلافات، ورفض مقولة أن أوباما يقترب من العالم الإسلامي.
وأوصى تامير إسرائيل بإمعان النظر في إجراء تغيير دراماتيكي في سلوكها حيال أوباما «من أجل ترميم الحميمية والتنسيق بيننا وبين الإدارة الأميركية، ومن أجل ترميم مكانتنا في الرأي العام». واقترح أن تعلن إسرائيل من على كل منصة أنها تشارك في نظرة إدارة أوباما إلى العالم.
في المقابل، رأى ديوان رئيس الوزراء أن الوثيقة غير جديرة بالرد، لكنّ مقرّبون من نتنياهو قالوا «يدور الحديث عن وثيقة غير مهنية مصوغة بأسلوب حديث صالونات يوم الجمعة، ويعكس رأياً سياسياً شخصياً للكاتب. وأنه من الخسارة أن يشنّ سياسيّ إسرائيليّ هجوماً كهذا على سياسة إسرائيل ويحاول إلحاق الضرر المقصود بها».