h1>الإجماع على العناوين والخلاف على تحديد الأولويات والآلياتالأحزاب التي ستشارك في الحكومة المقبلة تريد التركيز على تطوير القطاعات الإنتاجية، هكذا يقول اقتصاديوها، ولكن هل لديهم آلية عمل لتطبيق أفكارهم، التي تغمر لبنان منذ سنوات طويلة... ليس جميعهم، فحزب الله يريد تطبيقاً فورياً لخطط موجودة، وتيار المستقبل يريد اختبار الشعارات التي طرحها في الانتخابات، والتيار الوطني الحر يريد فلسفة جديدة!

رشا أبو زكي
الأحزاب التي توالت على الحكومات المتعاقبة، والتي تحاصصت الحقائب على مدى أكثر من 19 عاماً، وستستمر في الحكومة المقبلة، مع إضافة حزب الله والتيار الوطني الحر وحزب الكتائب، تدّعي أن لديها خططاً لتطوير القطاعات الإنتاجية، لا بل تستنكر وتشجب هي نفسها الأسس الاقتصادية القائمة على الريع وتمركز النشاط الاقتصادي في المصارف والسياحة والعقارات... فتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي يريدان التركيز على القطاعات التكنولوجية، وتنمية الزارعة، وحزب الكتائب وحزب الله يريدان تطبيق برنامج الشهيد بيار الجميل الصناعي، والتيار الوطني الحر يريد تحقيق «فلسفة اقتصادية مغايرة تقوم على الاقتصاد المنتج»، وحركة أمل التي توالت على حقيبتي الزراعة والصناعة في الحكومتين الماضيتين تريد «استكمال النهج نفسه في حماية القطاعات»!... وعلى الرغم من الأفكار التي تقدمها هذه الأحزاب، وتدعي العمل على تحقيقها خلال ولاية الحكومة المقبلة، فإنّ أياً منها لم يقدّم آلية عمل أو خطة عملية لتطبيق هذه الأفكار... ما يعني أن هذه الأحزاب لا تزال «مسترخية»، لا بل إن التقاءها على العناوين العامة وعدم دخولها في تفاصيل تنمية القطاعات لا يعنيان سوى فكرة واحدة: القطاعات الإنتاجية ليست من الأولويات.

تكنولوجيا... واستثمار

حزب الله والكتائب مع خطّة بيار... والتيار الحر مع فلسفة اقتصادية مغايرة
يقول الاقتصادي في تيار المستقبل مازن حنا إن للتيار خطة زراعية وأخرى صناعية، تركّز خصوصاً على تحسين نوعية الصادرات، لافتاً إلى أن وزراء المستقبل سيعملون على طرح هذه الخطط وتنفيذها في الحكومة بهدف إيجاد فرص عمل إضافية، وتكبير حجم الاقتصاد، لافتاً إلى أن لبنان عليه التركيز على صناعات واعدة وتنافسية، منها قطاعات تكنولوجيا المعلومات، معتبراً أن المشكلة الحادة التي تعانيها القطاعات الإنتاجية تعود أصلاً إلى الأزمة السياسية التي بدأت عام 2005، والتي أدت إلى تقليص الفرص الاستثمارية في لبنان.
ويرى الحزب التقدمي الاشتراكي أن اعتماد لبنان على الاقتصاد الريعي فقط يَضرّ المجتمع والاقتصاد، ويدعو رئيس مكتب المهن الحرة في الحزب أنيس أبو دياب، إلى التوقف عن اعتبار أن الميزة الاقتصادية الوحيدة في لبنان هي السياحة، لذلك لا بد من توسيع حجم الاقتصاد الوطني، وبالتالي يجب التركيز على القطاعات التكنولوجية، وإبراز الحجم الطبيعي للصناعة والزراعة، وأيضاً بناء بيئة استثمارية في المناطق، والتركيز على تحفيز المستثمرين نحو القطاعات الإنتاجية، ويلفت إلى أن العمل سيتركّز في الحكومة على تطبيق المرسوم الصادر في أوائل التسعينات عن الزراعات البديلة...
أما حزب الله والكتائب اللبنانية، فكلاهما يريد تطبيق خطة الشهيد بيار الجميل الصناعية، إذ يرى الاقتصادي في حزب الكتائب ملحم سعد أن القطاعات الإنتاجية تتعرض لإهمال مزمن وهذا لم يعد مقبولاً، لافتاً إلى ضرورة دعم القطاع الزراعي، وتطبيق برنامج بيار الجميل الصناعي، الذي يقدم الحلول للعديد من المشكلات الصناعية، ويطوّر الاقتصاد الحقيقي، مشدداً على أن العمل في الحكومة المقبلة سيتركّز على وضع البرنامج حيّز التنفيذ. وهذا ما يشدد عليه الاقتصادي في حزب الله عبد الحليم فضل الله، الذي يشير إلى وجود الخطة الزراعية التي أُعلنت عام 2005، والتي يجب أن تطبّق، إضافةً إلى خطة شباب 2010 للشهيد بيار الجميل وخطة السدود وغيرها... وقال «نحن لا نميل إلى مناقشة هذه الخطط بل إلى وضعها موضع التنفيذ فورياً». وأشار إلى أن هدف الحزب الأساسي، الذي يعلنه في الحكومة وخارجها هو الانتقال بالاقتصاد اللبناني إلى اقتصاد منتج، وقال «علينا إيجاد السبل المناسبة لدعم القطاعات، وهناك طروحات تستحق النقاش، منها كيف يمكن الإفادة من ودائع وموجودات القطاع المصرفي لتمويل القطاعات بقروض ميسّرة».
«فلسفة اقتصادية مغايرة»... هذا ما يعد به رئيس اللجنة الاقتصادية في التيار الوطني الحر نيكولا صحناوي، الذي رأى أنْ لا قرار في الدولة بدعم القطاعات الإنتاجية، فلكل قطاع لائحة كاملة بالمطالب، ومعظمها محقة، والأهم من دعم القطاعات هو اتّباع فلسفة اقتصادية مغايرة لتلك السائدة، إلا أن البعض معجب بالنموذج الخاطئ في الاتّكال على أموال المغتربين والاقتصاد الريعي والبهلوانات المالية و«لبنان بلد الاصطياف»، لافتاً إلى أنّ لدى التيار أفكاراً في تطوير القطاعات الإنتاجية، إلا أن المطلوب قبل ذلك وجود الإرادة، وهي ليست موجودة في فريق الأكثرية.
أما رئيس الهيئة التنفيذية في حركة أمل محمد نصر الله، فهو معجب بتجربة وزراء حركة أمل خلال تسلّمهم وزارتي الزراعة والصناعة، فيما يقول إن هناك تقصيراً واضحاً من جانب السلطات الرسمية في تعزيز الصناعة والتجارة والزراعة! موضحاً أن وزراء حركة أمل الذين تسلّموا خلال الحكومات السابقة وزارتي الزراعة والصناعة بذلوا جهوداً كبيرة من أجل تحسين هذا الوضع، وأنه يمكن مراجعة جميع المحاضر لدى مجلس الوزراء للدلالة على ذلك، وأن الحركة ستعمل من خلال وزرائها على استكمال هذا النهج في الحكومة المقبلة.
وفيما يشدد الخبير الاقتصادي جورج قرم على أنه يجب الانتقال إلى الاقتصاد الإنتاجي لأنّ لدى لبنان قدرات من التربة الخصبة والطبيعة المناخية التي تقدم زراعات عضوية مطلوبة في جميع الأسواق، ويمكن القيام بصناعات تعتمد مثلاً على الأعشاب، وخصوصاً أن العالم يطلب الكثير من هذه الصناعات، داعياً إلى الذهاب نحو الخدمات ذات القيمة المضافة العالية في القطاعين الصناعي والزراعي، فإنه يرى أنّ هناك كسلاً، لأنّ ثمّة أرباحاً سهلة في القطاع السياحي والمصارف والعقارات، وما دام التوازن مفقوداً في الأرباح بين هذه القطاعات والقطاعات الإنتاجية فطبعاً سيتوجّه المستثمرون إلى القطاعات السهلة، معتبراً أن الأحزاب المشاركة في الحكومة لا تضع هذه الاستراتيجية الاقتصادية من ضمن أولويات عملها، على الرغم من أن هذه الاستراتيجية توفّر فرص العمل والتنمية المتوازنة، لكون القطاع الزراعي كما الصناعي موجوداً في معظم المناطق اللبنانية، لا بل إنّه يشير إلى أن حتى السياحة الداخلية ضعيفة جداً.


950 مليون دولار

هي قيمة التعويضات المالية والقروض التي أعلنتها الحكومة في ورقة باريس 3 على أن تقدم خصوصاً إلى الصناعة والزراعة والسياحة، إضافةً إلى المساعدة على تفادي حالات الإفلاس الواسعة النطاق ... إلّا أن الحكومة لم تضع أية آلية لتوزيع التعويضات أو تقديم القروض.



لا يشعرون بحاجة إلى التغيير