أقرّ مجلس الوزراء السعودي خطة اقتصادية قدمها "مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية"، الذي يرأسه وليّ وليّ العهد محمد بن سلمان، وتهدف وفق الأخير إلى تحويل المملكة إلى "قوة استثمارية عالمية" وإنهاء اعتمادها على تصدير النفط، بحلول عام 2020.
«أعتقد أنه في سنة 2020 نستطيع أن نعيش دون نفط»، قال بن سلمان في مقابلة مع قناة «العربية» السعودية، بُثَّت أمس، بُعيد إقرار الخطة التي حملت اسم «رؤية السعودية 2030»، شارحاً أن طرح جزء من أسهم شركة النفط الوطنية العملاقة (أرامكو)، للاكتتاب العام سيكون أساساً لتحويل المصدر الأساسي للدخل، «بدلاً من أن يكون من النفط، سيكون الدخل من الاستثمار» في الخارج.
أعلن ابن سلمان أن "صندوق الاستثمارات العامة"، الذي تديره الدولة جرت «إعادة هيكلته»، ليصير مركزاً للاستثمارات السعودية في الخارج، وأنه أدخلت أصول جديدة عليه، «أرامكو وغيرها من الأصول... سواء شركات أو مشاريع أخرى». وأوضح أيضاً أنه بصدد تحويل «أرامكو» إلى شركة قابضة، وأنّ من المقرر طرح شركات تابعة لها للاكتتاب العام، في إطار خطة للخصخصة الواسعة، تشمل بيع «أقل من 5%» من أسهم الشركة النفطية العملاقة. وأشار إلى أن طرح 1% فقط من أسهم «أرامكو» للاكتتاب العام سيكون «أكبر اكتتاب في تاريخ الكرة الأرضية»، إنها تُقوَّم بأكثر من تريليونَي دولار (ألفَي مليار دولار).
ولا غرابة في ضخامة الرقم، فحجم الشركة يزيد كثيراً على حجم بقية الشركات العاملة في القطاع نفسه، وتُقدَّر احتياطاتها من الخام بـ 265 مليار برميل، بما يتجاوز 15% من مجمل احتياطات النفط العالمية المعروفة. وتنتج «أرامكو» ما يزيد على 10 ملايين برميل يومياً، أي ما يعادل ثلاثة أمثال ما تنتجه شركة «إكسون موبيل» مثلاً، أكبر شركة نفط مُدرجة في أسواق المال في العالم. كذلك تتجاوز احتياطات «أرامكو» عشرة أمثال احتياطات «إكسون موبيل».
وأوضح وزير الدفاع السعودي أن طرح أسهم «أرامكو» سيكون في السوق المحلية، وأن من بين الأفكار التي تدرس تأسيس صندوق في السوق الأميركية يشتري أسهماً في «أرامكو»، بهدف توفير المزيد من السيولة. ولم يُعطِ ابن سلمان تفاصيل أكثر عن هذه المسألة، كذلك لم يتضح أي من مشروعات «أرامكو» ستشملها عملية البيع، لكن قائمة المرشحين كبيرة. وتملك «أرامكو» وشركاتها التابعة حصصاً في قطاع التكرير تزيد طاقتها الإنتاجية على خمسة ملايين برميل يومياً.
ووفقاً لابن سلمان، ستُخَصَّص عائدات الخصخصة الجزئية لشركة النفط الوطنية لتمويل "صندوق الاستثمارات العامة"، الذي «قُوِّم بما بين 2 تريليون و2 ونصف تريليون (دولار)»، ما يجعل منه الأضخم في العالم، وفقاً لوليّ وليّ العهد، الذي أضاف أن «البيانات الأولية تقول إن الصندوق سيسيطر على أكثر من 10% من القدرة الاستثمارية في الكرة الأرضية»، وأن «حجم ممتلكاته تُقَدَّر بأكثر من 3%» من الأصول العالمية.
قُوِّم صندوق الاستثمارات العامة بـ 2 أو 2.5 تريليون دولار

كذلك أعرب الرجل عن تفاؤله بتجاوز هذا الرقم «بمراحل»، ورأى أن بلاده ستصير «قوة استثمارية»، من خلال الصندوق الذي «سيكون محركاً رئيسياً للكرة الأرضية، وليس للمنطقة»!
ومن أبرز النقاط الواردة في «رؤية السعودية 2030»، «زيادة الإيرادات النفطية» ستة أضعاف، من 43.5 مليار دولار سنوياً إلى 267 ملياراً، وذلك باقتطاعات ضخمة من الدعم الحكومي لمنتجات الطاقة، وأيضاً زيادة عدد الذين يؤدون سنوياً مناسك العمرة، من ثمانية ملايين إلى 30 مليوناً بحلول 2030، من طريق «حوافز» واستثمارات في تطوير البنى التحتية ذات الصلة، كمطاري جدة الجديد والطائف، إضافة إلى تطوير البنى التحتية في مكة واستثمار أراضٍ محيطة بالحرم المكي.
الخطة تورد هدف رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي من 3.8% حالياً إلى 5.7%، ورفع حصة الصادرات غير النفطية من 16% من الناتج المحلي حالياً إلى 50% من الناتج، وزيادة مشاركة النساء في سوق العمل من 22% إلى 30%، وخفض نسبة البطالة من 11.6% إلى 7%، فضلاً عن وضعها هدفاً عاماً، يقضي بتحسين تصنيف المملكة، وجعلها من ضمن أفضل 15 اقتصاداً في العالم، علماً بأنها في المرتبة العشرين حالياً.
وكان لافتاً إعلان لبن سلمان هدف إلى إطلاق صناعة عسكرية سعودية، قائلاً: «نحن الآن بصدد إنشاء شركة قابضة للصناعات العسكرية مملوكة 100% للحكومة، تُطرح لاحقاً في السوق السعودية»، مشيراً إلى أن إنجاز الشركة بلغ مرحلة متقدمة... «نتوقع أن تُطلق في أواخر 2017».
وسأل أيضاً: «هل يُعقل أن تكون السعودية في عام 2014 رابع أكبر دولة في العالم تنفق عسكرياً، (وأن تصير في) 2015 ثالث أكبر دولة تنفق عسكرياً، وليس لدينا صناعة داخل السعودية؟». وكأداة لتحقيق هذه الأهداف، تحدث عن إنشاء مكتب لإدارة المشاريع الحكومية «وظيفته أن يسجل كل الخطط والأهداف، ويبدأ بتحويلها إلى أرقام وقياس أداء دوري»، لمراقبة «مدى مواءمة عمل الجهات الحكومية، وخطط الحكومة، وبرامج الحكومة في تحقيق الأهداف».
وقال وليّ وليّ العهد السعودي، إننا «نستطيع أن نحقق هذه الرؤية، حتى لو كان سعر النفط 30 دولاراً أو أقل. نعتقد أنّ من شبه المستحيل أن (ينخفض) سعر النفط لأقل من 30 دولاراً، بحكم الطلب العالمي... (لكن) الخطة تستطيع التعامل مع أي سعر للنفط».
وكان ابن سلمان قد قال، في وقت سابق، إنه لا يكترث كثيراً لتذبذب سعر النفط، مضيفاً أن انهيار السعر يعني زيادة حصة المملكة في الأسواق، لأن كلفة إنتاجها للخام هي الأدنى من بين منافسيها، ولأن ارتفاع أسعار النفط سيؤمن المزيد من الموارد لها، ما سيساعدها على تنفيذ المخططات المذكورة، كما يرى، بدلاً من إضعاف الحافز للمضي بها قدماً.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)