Strong>مفاوضات بين الاتحاد العمالي وجبهة الإنقاذ... ومؤتمر موسع قبل أيارخلط الأوراق السياسية انعكس على الحركة النقابية، هذا ما تؤكده جميع الأطراف النقابية المتصارعة التي بدأت مفاوضات هدفها إعادة تقسيم الحصص بين «المعارضة» و«الموالاة» داخل هيئة مكتب الاتحاد العمالي العام وفي المؤسسات التي تحتاج إلى التمثيل الثلاثي

رشا أبو زكي
العصا السحرية نفسها التي حرّكت عدداً من السياسيين ليبدأوا حفلات التقبيل وإعادة التموضع السياسي، ضربت الحركة النقابية على رأسها، فإذا بجبهتي الصراع النقابي وهما الاتحاد العمالي العام وجبهة الإنقاذ النقابية المنقادتين سياسياً من فريقي 14 و8 آذار، أدركتا فجأة أن «العمال أصبحوا بلا غطاء نقابي»، فانطلقت المفاوضات الثنائية والثلاثية بين اتحادات نقابية تصارعت منذ أكثر من 10 سنوات على قيادة الاتحاد العمالي العام، ما أدى إلى اعتكاف عدد منها بعد الانفجار الذي أحدثه تنسيب 6 اتحادات نقابية قبيل انتخابات هيئة مكتب الاتحاد الأخيرة ... وهكذا أصبح السبب الظاهري للانقسام «أمراً واقعاً سنتقبله»، وذابت الاتهامات المتبادلة بين الاتحاد العمالي العام وأعضاء جبهة الإنقاذ النقابية، في حفلة «إعادة التوازن السياسي إلى قيادة الاتحاد العمالي العام»، إضافة طبعاً إلى إعادة توزيع الحصص «بتوازن» في المؤسسات التي تحتاج إلى التمثيل الثلاثي وفق ما تطرحه الاتحادات النقابية التابعة لـ14 آذار ، أما الاتحاد العمالي العام فيعتبر أن هذه المفاوضات ستثمر مؤتمراً موسعاً قبل انتخابات الاتحاد في أيار 2010... فكيف ستكون صورة الاتحاد العمالي العام خلال الأشهر المقبلة؟ وهل أصبح القرار السياسي ناضجاً لتوحيد الاتحاد العمالي؟ ووفق أية صيغة؟

التحضير لمؤتمر موسع

يقول عضو هيئة مكتب الاتحاد العمالي العام بطرس سعادة (الحزب السوري القومي الاجتماعي)، إن هناك قراراً لدى كل الأطراف النقابية لإجراء حوار بشأن المشكلة النقابية، موضحاً أنه عُقدت حوالى 4 لقاءات رسمية بين الأطراف المتنازعة، كان أولها بين نقابات حركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي منذ حوالى ثلاثة أسابيع، فيما كان أكبرها في جريدة البناء منذ حوالى عشرة أيام، واتُّفق على متابعة الاتصالات. وأشار إلى أن الهدوء السياسي والتطورات الحاصلة على هذا الصعيد أرخيا بظلالهما على الحركة النقابية، لافتاً إلى أن هناك قراراً في الاتحاد العمالي العام لإعادة الاتحادات المعارضة إلى جسم الاتحاد العمالي، متوقعاً تنظيم مؤتمر موسع يجمع جميع الأطراف قبل انتخابات الاتحاد العمالي المزمع عقدها في أيار المقبل.
المتابعون لا يعولون على المفاوضات لأن دخول أطراف جديدة إلى الاتحاد سيفرض استبعاد أطراف قديمة
فيما يشير رئيس اتحاد النقابات المتحدة (حزب الكتائب) وعضو هيئة الإنقاذ النقابية موسى فغالي، إلى أن الهيئة مع التوافق وضد شرذمة العمل النقابي، لافتاً إلى «أنهم كانوا يطرحون أفكاراً أنهم مع وحدة الاتحاد العمالي العام، وخاصة رئيس مجلس النواب نبيه بري وأكثرية النواب في حركة أمل، ولكن هذا الموضوع لم يقترن بالفعل». ويشير إلى أن «الحل الوحيد لإنهاء التشرذم في الحركة النقابية هو ألا يبقى أي فريق خارج تركيبة الاتحاد، فكل السياسيين يقولون إن البلد لا يمشي إلا بالتوافق، ونحن نطلب أن تنفيذ ما يحصل في السياسة داخل النقابات، والتجاوب كلامياً ممتاز وننتظر التطبيق».

بين الاشتراكي وحزب الله

وبعد زيارة وفد من وحدة النقابات والعمال في حزب الله «جبهة التحرر العمالي» منذ أيام، يوضح رئيس جبهة التحرر العمالي (الحزب التقدمي الاشتراكي) عصمت عبد الصمد، أنه «يجري اليوم تأليف حكومة جديدة وستُطرح مشاريع إصلاحية وباريس 3 والانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، ما يفرض على الحركة النقابية المواجهة». لافتاً إلى أن المفاوضات تدور حول تأليف لجنة مصغرة للتحضير لمؤتمر موسع، موضحاً أن انفتاح الأفرقاء السياسيين ينسحب على كل النقابات، وهذا يأتي من سياق لقاء الجبهة مع حزب الله. «فالبلد كله مسيس ولو لم يكن هذا الجو قائماً، لكان من الممكن ألا يحصل لقاء بين الجبهة وحزب الله والقوى المعارضة الأخرى»! ويلفت عبد الصمد إلى أن الاتحادات التي دخلت قبيل انتخابات الاتحاد العمالي الأخيرة أصبحت أمراً واقعاً، ولا يمكن سحب التراخيص منها، والجبهة الآن في صدد إعداد ورقة مطلبية ستطرح على جميع الاتحادات وهذا سيحصل بالتوازي مع بحث تركيبة الاتحاد العمالي العام.
أما أسامة الخنسا عن اتحاد الوفاء لنقابات العمال والمستخدمين (حزب الله)، فيلفت إلى أن الاساس لدى اتحاد الوفاء هو تحسين الوضع المعيشي «وللبحث صلة»، ويضيف «نحن لسنا مستعجلين على توحيد الاتحاد العمالي، فالتصدي للقضايا المعيشية أمر ممكن من خارج هيئة مكتب الاتحاد العمالي». ويلفت إلى أن الجلسة مع جبهة التحرر العمالي أوليّة، ولم تتطرق إلى التفاصيل، و«أهلاً وسهلاً بالجميع ولاحقين نوحد الحركة النقابية مش مستعجلين». معتبراً أنه لا يعلم شيئاً عن طرح إقامة مؤتمر موسع لأعضاء الحركة النقابية، مضيفاً «نحن لا نرفض هذا الطرح، وكلما زاد عدد المدافعين عن العمال كلما كان الوضع أفضل».

اجتماعات «بحص»

إلا أن مصادر نقابية معنية تشير إلى أن المفاوضات الحقيقية التي انطلقت بين الاتحادات النقابية المتصارعة، بدأت بعد خلط الأوراق السياسية على مستوى الأحزاب، فجميع جلسات التفاوض لم تتطرق إلى أي عمليات إصلاحية داخل جسد الحركة النقابية، ولم يُبحث موضوع الهيكلية النقابية داخل الاتحاد العمالي العام، ولم تطرح أية وجهة نقدية لعمل الحركة النقابية أو الاتحاد العمالي، وتلفت إلى أن البحث تركز على تعديل النظام الداخلي ليشمل عدداً من الاتحادات المعارضة لقيادة الاتحاد العمالي الحالية. إلا أن المصادر تؤكد أن ما يحصل ليس سوى «طبخة بحص»، إذ إن ضم الاتحادات التابعة لـ14 آذار والأخرى التابعة للشيوعيين في هيئة مكتب الاتحاد العمالي، يستلزم تنازل إحدى القوى المسيطرة على الاتحاد العمالي عن موقعها في الهيئة، وهذا يعتبر مستحيلاً، أما الطرح الثاني فهو زيادة عدد أعضاء هيئة المكتب من 12 الـ18 عضواً وهذا الحل غير مطروح. مؤكدة أن المفاوضات ليست سوى لعب في الوقت الضائع، إذ إن انتخابات الاتحاد العمالي لن تجري قبل أيار 2010 وإلى ذلك الحين لا أحد يعلم ماهية التركيبة السياسية التي ستكون قائمة، وبالتالي لن يُخاطر بأية التزامات من كلا الطرفين.


51 اتحاداً

هو عدد الاتحادات النقابية حالياً بعدما كان منذ 10 سنوات 18 اتحاداً، وقد تضخم عدد الاتحادات بسبب سياسة التفريخ النقابية، التي خلقت اتحادات ونقابات وهمية بهدف زيادة عدد النقابات التابعة لجهات سياسية مختلفة تحاول أن تضع يدها على الاتحاد العام


توازن سياسي