ما إن تهدأ الجبهة الأمنية في العراق، حتى تعود الخلافات المزمنة إلى تسيّد المشهد، وفي مقدمها خلافات العرب والأكراد والتركمان، وتحديداً حول كركوك، وهو ما بدا مرتبطاً مباشرة بقرار تأجيل الإحصاء السكاني، الذي كان مقرّراً إجراؤه في 24 تشرين الأول المقبل، إلى أجل غير مسمّى. كل ذلك في ظل إصرار رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي يزور سوريا اليوم، على التلويح باحتمال خوضه الانتخابات التشريعية المقبلة خارج إطار «الائتلاف العراقي الموحد» إنما بـ«ائتلاف دولة القانون»، تمتيناً لخياره بعدم العودة إلى التحالفات الطائفية. وبين تعرجات الشأن الداخلي، حلّ المرشح الأميركي الخاسر في الانتخابات الرئاسية، السيناتور الجمهوري جون ماكاين، ضيفاً على أصدقائه الأكراد يومين في إقليمهم.ويبدأ المالكي، اليوم، زيارة إلى دمشق بدعوة من رئيس مجلس الوزراء السوري محمد ناجي عطري، الذي سبق أن زار بلاد الرافدين في نيسان الماضي، وذلك في إطار جولة عربية تشمل مصر.
وأوضحت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن الزيارات المتبادلة بين المسؤولين في البلدين «تعكس الرغبة المشتركة في تطوير التعاون المشترك في جميع الميادين بما يعود بالفائدة على الشعبين الشقيقين»، مجدّدة التأكيد أن سوريا تشدّد على استمرار «دعم وحدة العراق أرضاً وشعباً، وللعملية السياسية فيه، وضرورة تحقيق المصالحة الوطنية بين مختلف مكونات الشعب العراقي».
ومن المتوقَّع أن يتخلّل اجتماعات المالكي مع المسؤولين السوريين، نقاش حول زيارة وفد أميركي عسكري إلى سوريا، شهدت مفاوضات حول الأوضاع الأمنية في العراق، وأبدت بغداد استياءها من بحث الملف العراقي من دون مشاركتها.
وكان المالكي قد جزم، قبل أيام، بأنّ «التسلل (من سوريا) لا يزال موجوداً، لكنه لا يقارن أبداً بما كان عليه في السابق».
وخلال لقائه رؤساء تحرير الصحف المصرية في بغداد، أمس، أوضح المالكي أنه سيخوض الانتخابات بقائمة «ائتلاف دولة القانون»، التي فازت بغالبية محافظات العراق في الانتخابات الأخيرة، «إذا لم يتم الاتفاق على تشكيل الائتلاف العراقي الموحد على أساس وطني».
واعترف بأن «الائتلافات التي تشكلت سابقاً، شئنا أم أبينا، أخذت بعداً طائفياً أو بعداً قومياً بالنسبة إلى الكرد»، ليخلص إلى أنه قرر عدم العودة إلى الائتلافات الطائفية «إنما نحو الائتلافات الوطنية».
في هذا الوقت، كشف وزير التخطيط العراقي، علي بابان، أن «التجاذبات السياسية في البلد أدت إلى تأجيل إجراء التعداد السكاني». وأضاف، في مؤتمر صحافي عقده عقب زيارته المرجع الديني علي السيستاني، أن وزارة التخطيط «جاهزة ومستعدة من الناحية الفنية لإجراء التعداد السكاني، ولكن قررنا التريث بعدما سمعنا بعض الهواجس والتخوفات والتحفظات من المكونات السياسية في كركوك ونينوى».
ويعارض التركمان والعرب في كركوك ونينوى إجراء الإحصاء الذي يدعمه الأكراد الذين يطالبون بضم كركوك ومناطق شرق نينوى إلى إقليم كردستان.
وفي السياق، دعا رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، «الشعب الكردي» إلى «وحدة الصف لإعادة كركوك والمناطق المستقطعة الأخرى إلى إقليم كردستان». وعلى الفور، اتخذت الكتل السياسية العربية والتركمانية في كركوك، موقفاً موحداً من أجل قطع الطريق أمام إجراء الاستفتاء الذي يقرّر مستقبل هذه المدينة. وتعهدت المجموعة العربية ـــــ التركمانية، بدعم التعديلات المقترحة التي تضم نحو مئة مادة، بما فيها واحدة من شأنها أن تزيل مادة من الدستور تنص على إجراء استفتاء حول وضع كركوك والتعداد بحلول نهاية عام 2007.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)