strong>«آر سي» تكسر احتكار «بيبسي» و«كوكا كولا» في المشروبات الغازيةقبل أن تبدأ «آر سي كولا» العمل في آذار 2008، كان سوق المشروبات الغازية هادئاً بلا منافسة بعد تقسيمه بين «بيبسي كولا» و«كوكا كولا» وفق معادلة «عالمية» جاءت إثر صراع بينهما امتد لسنوات، حتى تبيّن أن احتكار السوق حلٌّ أمثل لتحقيق الأرباح. فهل يستمر الوضع بوجود «آر سي» وبدخول المنتجات المهرّبة من سوريا؟

محمد وهبة
لم تؤدّ المنافسة الطاحنة التي اندلعت بين شركتي «بيبسي كولا» و«كوكا كولا» في عام 1994 واستمرت نحو 6 سنوات، إلى إلغاء أيٍّ منهما، إذ إنها توقفت بقرار «عالمي» من الإدارة المركزية للشركتين العالميتين أدّى إلى تقاسم السوق اللبنانيّة. إلا أن دخول «آر سي» وضع المنافسة على نار خفيفة مجدداً، وبحسب المعلومات المستقاة من عاملين في الشركات، بلغت حصة «بيبسي» 80%، و«كوكا كولا» 12%، و«آر سي» 8%.

حروب الأسواق

قبل فترة من إغلاق مصنع «جلول»، أي في نهاية الثمانينيات، تربّعت «بيبسي» على عرش سوق المشروبات الغازية في لبنان، إذ كان مصنع «كوكا كولا» قد أغلق قبل سنوات ولم يعد افتتاحه إلا بعد انتهاء الحرب الأهلية في 1992. ولم يطل الأمر كثيراً، حتى قررت «كوكا كولا العالمية»، التي كانت في حينه تملك وتدير المصنع في لبنان، انتزاع حصّة أكبر من السوق، فطرحت منتجاتها المماثلة لمنتجات «بيبسي» بأسعار مضاربة وابتداءً بـ«التنكة» إلى العبوات الصغيرة والعائلية المرتجعة وغير المرتجعة.
وما أسهم حينها في ارتفاع الخسائر لدى كل منهما، أن الصراع على السوق كان يجري في أوقات الذروة، أي في فصل الصيف الذي يُعَدّ الحافز الأساسي للمبيعات، فالمعروف بحسب مصادر الشركات أن المبيع يتركّز على العصائر في الشتاء وعلى المشروبات الغازية في الصيف.

الاتفاق ــ الاحتكار

ازدياد تهريب «بيبسي» من سوريا إلى لبنان ومبيعها في البقاع والهرمل والشمال
تعبيراً عن صراع الجبابرة، أطلقت الشركتان المحليتان حملات إعلانية عدّة بلغت كلفتها مئات آلاف الدولارات، لكنها «لم تأت بنتيجة» وفق روايات الطرفين، فالصراع لم يعد محليّاً فقط، بل اتسعت رقعته إلى أكثر من دولة توجد فيها الشركتان، وبالتالي بات يعكس صراعاً بين «بيبسي كولا العالمية» و«كوكا كولا العالمية»، واستمراره كان خاضعاً لمعادلة «عالمية»: إلغاء «كوكا كولا» الضعيفة في السوق المحلية على أيدي «بيبسي» القوية، سيكون ثمنه إلغاء «بيبسي» الضعيفة على أيدي «كوكا كولا» القوية في أسواق أخرى في العالم.
وفجأة توقفت المنافسة باتفاق بين إدارتي الشركتين في العالم وانتهت إلى الآتي:
ـــــ يُمنَع على أي شركة أن تنافس الأخرى على زبائنها. وبالتالي باتت السوق محكومة بوجود الطرفين، تقول مصادر الشركتين، إذ إن «بيبسي» لا يمكنها التفرّد وتزعم أن لا قدرة لديها لتلبية كامل الطلب المتنامي على المشروبات الغازية، وأن احتكار السوق يتطلب وجود «كوكا كولا» بحصّة معيّنة، فضلاً عن أن الاتفاق وحده كفيل بتعويض خسائر المرحلة السابقة.
ـــــ يمنع على أي شركة خفض الأسعار على نحو مضارب (كما هو سارٍ حالياً).
ومن النتائج المباشرة لهذا الصراع، تخلي شركة «كوكا كولا العالمية» عن الشركة في لبنان وبيعها بالكامل لشركة «ترانسميد» تحت اسم علامتها التجارية في لبنان. وما كان لافتاً أن هذا الصراع تزامن بتوقيته مع معركة جانبية، إذ إن أحد الأحزاب الإسلامية أصدر فتوى دينية «تحرّم» استهلاك منتجات «بيبسي كولا» و«كوكا كولا»، لكن هذه الدعوة لم تمثّل حافزاً للمقاطعة، فقد تبيّن أن المناطق ذات الغالبية الإسلامية هي الأكثر استهلاكاً لمنتجات الشركتين من المشروبات الغازية. ويقول بعض العاملين في «بيبسي» إن 60 في المئة من مبيعات الشركة، في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، وتليها منطقتا البقاع والجنوب... فيما حصّة طرابلس والشمال من مجمل مبيعات «كوكا كولا» تعدّ كبيرة.

منافسون جدد

إذاً، اتفق الطرفان على احتكار سوق المشروبات الغازية وتنظيم ربحهما، واستقر مستوى الأسعار لأكثر من سبع سنوات.
لكنّ الأشهر الأخيرة حملت معها منافسَين جديدين، أحدهما محلي، والآخر عابر للحدود. فقد تبيّن أخيراً أن نسبة تهريب «بيبسي» المصنّعة في سوريا ازدادت، وأصبحت موجودة في أسواق أساسية مثل البقاع والهرمل والشمال. ويشير مراسل «الأخبار» في البقاع، رامح حمية، إلى دخول كميات كبيرة من منتجات «بيبسي ـــــ سوريا» بسهولة عبر قنوات التهريب باتجاه لبنان، ولا سيما صناديق «أبو جامبو» والعلب المعروفة بـ«التنك». فالأولى تصل بسعر 1083 ليرة للعبوة الواحدة وتباع بسعر 2000 ليرة، والثانية بقيمة 483 ليرة وتباع بين ألف ليرة و1500 ليرة.
محلياً، اشترت شركة «إنتربراند» الماركة المعروفة باسم «آر سي» وإعادت طرح منتجاتها في السوق المحلية بأسعار منافسة منذ آذار 2008، فهي تبيع اليوم العبوة العائلية من فئة 2.25 ليتر بسعر ألف ليرة للمستهلك، أما العبوات العائلية لدى «كوكا كولا» المعروفة باسم «كندا دراي» والحجم العائلي لدى «بيبسي» فتباع بسعر 1750 ليرة، ولاحقاً ستبدأ «آر سي» بإنتاج العبوات الأصغر حجماً.
ويتوقع أن يؤدي هذا المستوى من الأسعار إلى إعادة إنتاج الصراع السابق بصورة ثلاثية، وستستدرج «بيبسي» إلى المنافسة، إذ إنها ترفض الاعتراف بأنها معنية به، ويقول العاملون فيها إن «كوكا كولا» طرحت «كندا دراي» بالحجم العائلي في السوق لمنافسة «آر سي» فقط. لكن يبدو أن الأمر لن يتوقف، وستُجبر إحدى الشركتين على الدفاع عن حصتها في السوق، وسينعكس هذا الأمر خفضاً في الأسعار على أكثر من صنف، وبالتالي العودة إلى منافسة ثلاثيّة مع أفضلية للعامل «العالمي» في التهدئة أو الإسهام في تمويل وقود الصراع المقبل، ولا سيما أن العلامات التجارية الثلاث في لبنان لديها بُعد عالمي.
وفي حسابات الشركة المنتجة لـ«آر سي كولا»، فإن قدرة المشروب على المنافسة تأتي من كونها الشركة الثالثة في الأسواق العالمية. ويقول مدير المبيعات والتسويق في «إنتربراند» رالف شرتوني، إن «حصة آر سي من العبوات العائلية تبلغ 15 في المئة، واليوم اضطررنا للعمل 3 نوبات 24 ساعة حتى نلبي كل الطلب المفاجئ».


31.25 مليون قنينة

هو عدد العبوات المختلفة من المشروبات الغازية المصنّعة والمستهلكة سنوياً في لبنان. وبحسب معلومات متقاطعة لدى الشركات، فإن «بيبسي» تنتج 80% أو 25 مليون عبوة، و«كوكا كولا» 12% أو 3.750 ملايين، و«آر سي» 8% أو 2.5 مليون عبوة


معلومات عامة