الأفغان يختارون رئيسهم ومجالسهم المحلية اليوم
مي الصايغ
تشهد الانتخابات الرئاسية في أفغانستان، التي أُجِّلت من أيار الماضي حتى الشهر الجاري بسبب الأوضاع الأمنية، تنافساً بين 31 مرشحاً، بينهم امرأتان. غير أنّ العديد من هؤلاء المرشحين غير معروفين لدى عامة الشعب، إذ ينحصر التنافس بين 3 مرشحين أساسيين يتصدرهم الرئيس الحالي حميد قرضاي، ثم يليه اثنان كانا من كبار مساعديه، هما وزير الخارجية السابق عبد الله عبد الله، ووزير المال الأسبق أشرف غاني.
وحتى وقت قريب جداً، كان الاعتقاد السائد في استطلاعات الرأي وأوساط المفكرين أنّ قرضاي سيتمكن بسهولة من الحصول على نسبة 50.01 في المئة من الأصوات التي يحتاج إليها للفوز بالجولة الأولى من الانتخابات. قسم من هؤلاء المحللين لا يزالون يؤمنون بأنّ فرص قرضاي هي الأقوى حتى الآن، لكونه يمسك بالعديد من الأوراق الرابحة التي تضمن له حسم الانتخابات لمصلحته.
لكن الأسابيع الأخيرة تشير إلى أنّ تلك الفرضية تغيرت. فجأةً بدأ الأمر يظهر كأنه سباق خيول، وسط ترجيح عدم تمكن قرضاي من الحصول على ما يزيد على 50 في المئة من الأصوات، ما يحتّم الذهاب نحو جولة ثانية. وهو ما أظهره استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «جليفام أسوشييتس»، وهي مؤسسة غير مشهورة مقرها واشنطن، إذ أشارت إلى أنّ قرضاي يتقدم في سباق الرئاسة، لكن ليس بدرجة كافية لتجنب إجراء جولة ثانية من الانتخابات. وتتوقع أن يحصل من الجولة الأولى على 45 في المئة من أصوات الناخبين الذين حسموا اختيارهم، في مقابل 25 في المئة لأقرب منافسيه عبد الله عبد الله.
واقع دفع قرضاي في الساعات الأخيرة إلى السعي لإبرام صفقة سرية مع أحد منافسيه لضرب خصمه الرئيسي عبد الله عبد الله وضمان نصر حاسم لتفادي الفوضى التي قد تسببها نتيجة ضعيفة، حسبما كشفت صحيفة «إندبندنت» البريطانية، التي أبرزت تفاصيل عن كيفية محاولة الرئيس الاتحاد مع غاني لتوحيد تصويت الباشتون وإخراج عبد الله من السباق، وكيف عرض قرضاي على غاني منصباً مشابهاً لرئيس الوزراء، في مقابل سحب ترشيحه، فيما نفى غاني صحة ذلك.
كذلك سبق أن تودد قرضاي إلى 6 من أمراء الحرب السابقين، الذين ضمنوا له دعماً سياسياً في مقابل صفقات سريّة، رافعاً إياهم إلى مصافّ الأبطال القوميين على خلفية محاربتهم للروس والمجاهدين. إذ بذل وسعه لتقسيم «تحالف الشمال» المعارض، الطاجيكي في معظمه. وتكبد الجناح السياسي للتحالف، «الجبهة الوطنية»، نكسةً كبيرة تمثلت في انضمام زعيم الحرب الطاجيكي محمد قاسم فهيم إلى قرضاي ليكون نائباً له، إضافة إلى الأوزبكي عبد الرشيد دوستم والحاج محمد محقيق. ونجح قرضاي أيضاً في حمل أحد أشد خصومه، غول آغا شرضائي، المتورط في تجارة المخدرات، على عدم ترشيح نفسه، وبذلك يكون قد استكمل تأليف تحالف مثير للجدل يضم قيادات القوميات العرقية وأمراء الحرب السابقين.
ويعتمد قرضاي على رصيد علاقاته في الداخل مع قادة الأحزاب السياسية والزعماء القبليين، إذ يفتقر هو شخصياً إلى قاعدة شعبية سياسية أو خلفية قبلية قوية بين «الباشتون»، وبناءً على هذا اختار نائبيه من بين القيادات السياسية ذوي النفوذ، مثل كريم خليلي، الذي يرأس حزب «الوحدة» الشيعي، لكسب دعم الهزارة، إضافة إلى فهيم لضمان تأييد الطاجيك.
ويتمتع قرضاي بتأييد من زعماء آخرين مثل عبد رب الرسول سياف، زعيم حزب «الدعوة الإسلامية»، الذي قتلت ميليشياته المئات من المدنيين الهزارة في عام 1993، وصبغت الله مجددي، رئيس مجلس الشيوخ وكلاهما من قادة المجاهدين سابقاً. وهو يعتمد أساساً على مسؤولي المحافظات والمديريات المعينين منه في تحركه الانتخابي رغم اعتراضات محلية ودولية على هذا الأمر.
وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الانتخابات الرئاسية تتميز بوجود مجموعة من الظواهر تختلف، في كثير من جوانبها، عمّا شهدته الانتخابات السابقة. وتتمثل أبرز هذه الظواهر في
عودة حركة «طالبان» إلى المسرح الأفغاني بقوة، وامتداد سيطرتها من الجنوب باتجاه شمال أفغانستان وشرقها، والتدخل الأميركي الذي أثار حفيظة قرضاي.
أضف إلى ذلك، المشاركة النسائية الكثيفة، حيث تتنافس 300 امرأة للحصول على مقاعد في المجالس المحلية، كذلك هناك مرشحتان رئاسيتان إلى جانب 5 نائبات لمرشحين رئاسيين آخرين.
وبرز دور وسائل الإعلام في هذه الانتخابات على نحو كبير، خلافاً للمرات السابقة؛ فإلى جانب المواقع الخاصة للمرشحين أنفسهم على شبكة الإنترنت يمثّل «الفايس بوك» و«اليوتيوب» أهم المواقع التي يستخدمها المرشحون وأنصارهم للدعاية الانتخابية، رغم محدودية استخدام الإنترنت داخل أفغانستان.
وبخلاف انتخابات 2004 الرئاسية، و2005 المحلية والتشريعية، يُدير العملية الانتخابية هذه المرة الأفغان أنفسهم، في ظل بنية تحتية هشة، لدرجة أنّ 3171 حماراً تُسهم على طريقتها في إنجاح العملية الانتخابية عبر نقل صناديق الاقتراع إلى المناطق الجبلية الوعرة التي لا يمكن الوصول إليها بالسيارات.
وإذا كانت قضية حرية الاختيار أحد مصادر القلق، فإنّ العزوف عن الانتخابات هو الآخر إحدى أهمّ القضايا التي تهدد العملية الانتخابية، إذ يتوقع بعض المراقبين نسبة متدنية من المشاركة قد لا تتجاوز 40 في المئة نظراً لحالة اليأس التي تسيطر على قطاعات كبيرة من الشعب وحالة الرعب التي تسيطر في المناطق المضطربة، في ظل تهديدات «طالبان» بإجبار الناس على عدم الاقتراع.


موجة عنف تسبق الاقتراعوفي قندهار، أعلن قائد شرطة المرور سيد علي جان، مقتل ثلاثة شرطيين وجرح رابع، بعد انفجار قنبلة لدى مرور دوريتهم. أما في جنوب البلاد فقتل 10 من عناصر «طالبان» وشرطي في هجوم للمتمردين على مركز للشرطة في ديه راوود. إلى ذلك، أعلن حلف شماليّ الأطلسي أمس مقتل ثلاثة جنود أميركيين من قواته، أول من أمس، في هجمات شنّها المتمردون في جنوب أفغانستان.
(أ ف ب)