يبدو أنّ تاريخين مفصليّين سيشهدان تطورات هامّة في ملف الكباش الأميركي ـــــ الإسرائيلي حول تجميد البناء الاستيطاني: 26 آب الجاري ونهاية أيلول المقبل، الموعد المنتظر لقمة ثلاثية أميركية ــ إسرائيلية ــ فلسطينية
حيفا ــ فراس خطيب
كشفت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، أمس، أنّ الإدارة الأميركية «تعمل جاهدة» من أجل عقد قمة لعرض خطتها لـ«السلام»، آملة أن يكون ذلك في الأسبوع الأخير من شهر أيلول المقبل، بالتزامن مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنّ الرئيس باراك أوباما، يدرس إمكان عقد لقاء قمة ثلاثية برئاسته، تضم إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وبحسب الصحيفة نفسها، ستكون القمة علامة على «الخروج من الجمود السياسي، وبداية الحوار من أجل تسوية سياسية إقليمية». ورجّح مسؤولون إسرائيليون أن يعرض أوباما «رؤيته السياسية التي تضم دور الدول العربية وخطوات التطبيع» مع الدولة العبرية.
وكان مسؤول رفيع المستوى في دولة الاحتلال، قد أوضح أنّ الأميركيين صعّدوا من ضغطهم على تل أبيب من أجل التوصل الى تسويات بشأن تجميد الاستيطان. لكن حتى هذه اللحظة، لم يتم التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن. وبحسب المصادر الإسرائيلية، فإنّ واشنطن «معنية بالتزام إسرائيلي لوقف البناء في المستوطنات لمدة عام على الأقل»، بينما لا تعرب إسرائيل عن استعدادها لوقف البناء لثلاثة أشهر فقط. غير أنّ بعض الأوساط الإسرائيلية تتفاءل بإمكان التوصل إلى «حل وسط» يقضي بوقف العمل في المستوطنات لستة أشهر.

البحث جارٍ عن اتفاق «حل وسط» لتجميد البناء لستة أشهر فقط
ويُنتَظَر أن يلتقي «بيبي» مع المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل، في لندن في 26 من الشهر الجاري، حيث يُتوقّع أن يقدم نتنياهو ردّ حكومته على مطالب البيت الأبيض. كما رجّحت مصادر مسؤولة في دولة الاحتلال أن يزور نتنياهو أوباما قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة.
في هذا الوقت، أشارت «هآرتس»، في ملحقها الاقتصادي، (دي ماركر)، إلى أن السلطات الإسرائيلية أحيت مشروعاً قديماً لبناء 450 وحدة سكنية في حي استيطاني في القدس الشرقية المحتلة، فيما يتحدث مسؤولوها عن «وقف مؤقت للاستيطان». كما لفتت الصحيفة إلى إمكان أن تطلق مصلحة أملاك الدولة هذا المشروع الذي كان مطروحاً سابقاً في استدراج عروض في الحي الاستيطاني «بسغات زئيف» على أن تبدأ أعمال البناء بعد ستة أشهر.
يُذكَر أن استدراج العروض في هذا الحي لم يؤدِّ إلى أي عقد في تشرين الأول 2008 لأن العروض المقدمة اعتُبرَت «غير مرضية».
ميدانياً، كشفت «هآرتس» النقاب عن وثيقة عمّمها ضابط لواء في الضفة الغربية، نوعم تيفون، بين صفوف ضباط الوحدات الفاعلة في الأراضي المحتلة، تخوّف فيها من قيام جنود وضباط إسرائيليين برفض تنفيذ أوامر إخلاء المستوطنات، ملمحاً إلى أن عدد الرافضين من صفوف جيشه «قد يصل إلى الثلث».
وتضمنت الوثيقة تعليمات تقضي بتعيين موعد لمحاكمة عسكرية لمن يرفض تنفيذ الأمر العسكري، وأن يكون الموعد متأخراً من أجل منع الجندي من «القيام باستفزاز إعلامي».
وطالب بند آخر في الوثيقة، القادة العسكريين بعدم ضم جنود يؤيدون المستوطنين إلى وحدات لتنفيذ أوامر عسكرية بالإخلاء. وجاء فيه أن «سياسة حساسة يجب أن تُطبَّق مع ضباط وجنود لديهم علاقات عائلية أو اجتماعية مع السكان الذين سيتم إخلاؤهم».
في هذه الأثناء، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، رومان نادال، أنّ بلاده تأمل أن تترجَم الإرادة الإسرائيلية بوضع حدّ للاستيطان في الضفة الغربية المحتلة «واقعاً على الأرض»، وأن تشكّل «مرحلة أولى نحو تجميد تام للاستيطان». وقال إنّه «إذا تأكد هذا القرار رسمياً وطُبِّق على الأرض، فسيكون خطوة إيجابية ومرحلة أولى نحو تجميد تام للاستيطان في الضفة والقدس الشرقية، تأمل فرنسا وشركاؤها الأوروبيون أن تتم طبقاً لخريطة الطريق». وختم تعليقه بالإعراب عن ثقته بأن «مبادرة دولية ستحدث ديناميّة حقيقية للسلام، ولهذه الغاية نواصل المشاورات الوثيقة مع الدول الرئيسية في المنطقة، وخصوصاً مع مصر والولايات المتحدة».
وفي أنقرة، حثّ وزير الخارجية التركي، أحمد داوود أوغلو، إسرائيل على التصرف «بمزيد من المسؤولية إزاء ملف المستوطنات، وإظهار رغبتها في السلام». ونقلت وكالة «أنباء الأناضول» الحكومية عنه قوله، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني ناصر جودة، إن على إسرائيل «إظهار رغبتها بالسلام إذا كانت تملك هذه الرغبة».
وفيما أشار إلى أنه يتابع «عن كثب» الجهود التي يبذلها ميتشل، رأى أوغلو أن «على إسرائيل التصرف بمزيد من المسؤولية وخاصة إزاء المستوطنين، والتطورات في القدس الشرقية».