جمانة فرحاتأقل من ثمانية أشهر باتت تفصل عن موعد الانتخابات السودانية، إذا لم يتخذ قرار بتأجيلها. ومع اقتراب الموعد الذي يشكل تحدياً للحكومة السودانية بسبب الصراع في إقليم دارفور والعنف المتصاعد في الجنوب والعلاقات المتوترة بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان، تبرز معضلة إضافية تتمثل في المعارضة السودانية التي هددت بمقاطعة الانتخابات المقبلة في حال عدم استجابة الحكومة لمطالبها.
وطالب تجمع أحزاب المعارضة، الذي يضم 24 حزباً بينها حزب الأمة والحزب الاتحادي وحزب المؤتمر الشعبي السوداني، بإدخال تغييرات على عدد من القوانين قال إنها ستعرقل حرية دعاية الاحزاب للانتخابات.
هدّدت بالمقاطعة في حال عدم إدخال تغييرات على عدد من القوانين
وقال القيادي في الحزب الشيوعي السوداني، صديق يوسف الزعيم، إن المعارضة أطلقت التحذير الأخير بضرورة تغيير هذه القوانين وإلا فستقاطع الانتخابات. وأشار إلى وجود العديد من القوانين التي ينبغي تغييرها، وخصوصاً قانون الأمن الذي يضم عدداً من الإجراءات الجنائية يسمح للولاة بحل الاجتماعات. وأوضح أن من حق المعارضة أن تعقد اجتماعاتها من دون الحاجة إلى إذن مسبق. وأكد أن القوانين يجب تغييرها قبل منتصف تشرين الأول المقبل.
بدوره، أكد الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي، كمال عمر، أنّ المعارضة أمهلت المؤتمر الوطني 6 أشهر قبل قيام الانتخابات لتسوية نقاط الخلاف، «لأن البيئة السياسية الحالية غير ملائمة لقيام انتخابات حرة ونزيهة»، موضحاً أن «المعارضة قدمت مذكرة للمفوضية في ما يتعلق بتجاوزات السلطة واحتكارها الحريات»، محملاً المفوضية المسؤولية الكاملة في الضغط على الحكومة. وقال إنّ المفوضية «وعدت بأنّها ستكون حلقة وصل بيننا وبين الرئاسة».
وتهديدات المعارضة ليست بجديدة، فقد شنّت هجوماً على الرئيس السوداني، عمر البشير، في منتصف الشهر الماضي، ودعت إلى تجمعات شعبية للاحتجاج على سلطة تعتبرها «غير شرعية»، متخذةً من «الدستور الوطني المؤقت» الذي أقر في تموز 2005 منطلقاً، على اعتبار أنه ينص على إجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية في التاسع من تموز 2009 على أبعد تقدير، وهو ما لم يحصل بسبب إرجاء الانتخابات إلى نيسان 2010.
و«بالون الاختبار» الذي أطلقته المعارضة، على حد وصف أحد قياديي حزب المؤتمر الوطني الحاكم، لم يترجم أفعالاً وتظاهرات في الشارع السوداني، وخصوصاً أنه لم يلق الصدى المطلوب لدى الشريك الثاني في الحكم المتمثل بالحركة الشعبية لتحرير السودان، التي وإن أيدت دعوات المعارضة إلى إجراء إصلاح ديموقراطي، فإنها رأت أن «الحكومة شرعية حتى الانتخابات المقبلة».
ويرى البعض أن تصريحات المعارضة ومطالبها تندرج في إطار السعي إلى محاولة عرقلة الانتخابات بهدف تأجيلها في ظل عدم جهوزيتها لخوضها وعجزها في الوقت نفسه عن المطالبة بتأجيلها، فيما رأى البعض الآخر أن أحزاب المعارضة تراهن على أن الحكومة أضعف من أن ترفض الاستجابة للمعارضة بإهمال مطالبها، وخصوصاً أن نظام البشير في غنى عن أي ضغوط داخلية تهدّد شرعيته إذا قرر الترشح لولاية رئاسية جديدة.