طويت صفحة جديدة من صفحات قضية لوكربي، أمس، مع عودة عبد الباسط المقرحي إلى ليبيا في أعقاب الإفراج عنه لأسباب إنسانية. ولكن هل هذه هي الصفحة الأخيرة في القضية التي شكلت على مدى 20 عاماً عنصر مساومة سياسية بين ليبيا والمجتمع الدوليأعلن وزير العدل الاسكتلندي، كيني ماك اسكيل، أمس، أنه أفرج عن الليبي عبد الباسط المقرحي المدان في تفجير لوكربي عام 1988 لأسباب إنسانية. وقال إن المقرحي، الذي يعاني مرحلة متقدمة من سرطان البروستات، يمكنه العودة إلى ليبيا ليموت هناك، مشيراً إلى أن القانون الاسكتلندي ينص على «تطبيق العدالة ولكن كذلك إظهار الرأفة». وأضاف «لهذه الأسباب وحدها، قررت الإفراج عن المقرحي لأسباب إنسانية والسماح له بالعودة إلى ليبيا».
وأضاف اسكيل «إن نظامنا القانوني ينص على تطبيق العدالة، ولكن مع إبداء الرأفة، والالتزام بقيمنا كبشر مهما كانت شدة الاستفزازات أو الفظاعة المرتكبة». وتابع «أنه قراري وقراري وحدي... لقد قمنا بذلك طبقاً للإجراءات المطلوبة. أعلم أن البعض لن يوافق» على القرار، مضيفاً أنه اتخذ القرار «من دون أي اعتبارات سياسية أو اقتصادية». وأوضح أن الأطباء أكدوا أن المقرحي (57 عاماً) لن يعيش أكثر من ثلاثة أشهر، مضيفاً إنه أصبح الآن «يواجه عدالة من قوة عليا... إنه يحتضر».
ولكن هذا الإفراج لم يمر من دون اعتراضات الولايات المتحدة التي رفضته، وجاء في بيان للبيت الأبيض أن «الولايات المتحدة تأسف بشدة لقرار الحكومة الاسكتلندية الإفراج عن عبد الباسط محمد المقرحي». وأضاف «في هذا اليوم نود أن نعرب عن تعاطفنا الشديد مع العائلات التي تعيش يومياً معاناة فقدان أحبائها. ونحن ندرك التأثير الدائم لمثل هذه الخسارة على أي أسرة». كما عبّرت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، عن خيبة أملها الكبيرة من القرار.
ويأتي قرار الإفراج عن المقرحي وسط تحسن العلاقات بين ليبيا وبريطانيا، اللتين كانتا عدوتين لدودتين في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. وتملك ليبيا أكبر مخزون من النفط في أفريقيا. إلا أن معظم كميات النفط لا تزال غير مستغلة. ووقعت كبريات شركات النفط البريطانية، وبينها «بي بي» و«شل»، عدداً من اتفاقات التنقيب الكبرى في البلاد خلال السنوات الأخيرة.
وصرح المحامي سعد جابر، الذي عمل مع الحكومة الليبية على قضية المقرحي، بأن قرار الإفراج سيعزز كثيراً العلاقات بين بريطانيا والعالم العربي بكامله. وأضاف «اطمئنوا إلى أن الحكومة (الاسكتلندية) قدمت للحكومة البريطانية خدمة عظيمة... فبريطانيا واسكتلندا ستكبران في عيون الدول العربية».
وأزيل أحد أكبر العوائق أمام الإفراج عن المقرحي الثلاثاء عندما وافقت محكمة أدنبره العليا على تخليها عن طلب الاستئناف ضد حكمه، الذي بدأ عام 2007، على خلفية أن أي نقل لسجين إلى خارج البلاد لا يتم ما دامت دعوى الاستئناف مستمرة، ما يقفل القضية على إدانة المقرحي، على الرغم من أن دعوى الاستئناف قد كشفت عن وثيقة قد تثبت براءة هذا الأخير وتعيد فتح القضية من جديد.
ولكن بعد سحب الاستئناف، يطرح ملف القضية من جديد؛ فعلى الرغم من معارضة عدد من ذوي الضحايا لإطلاق سراحه، يعتقد البعض الآخر أنه بريء ويجب إطلاقه. واليوم في غياب القدرة على الاستئناف، يبقى أمل معرفة الحقيقة المرتبط بإعادة فتح التحقيق، وهنا يأتي دور أهالي الضحايا أصحاب الصلاحية في هذا المجال.
(الأخبار، ا ف ب، أ ب)