strong>أثار استقبال «الأبطال» الذي حظي به عبد الباسط المقرحي في ليبيا استياءً غربيّاً، بعدما احتل قرار الإفراج صدر الصحف الغربيّة، التي شنّت هجوماً على القرار الاسكتلندي
توالت ردود الفعل على عملية إطلاق سراح واستقبال عبد الباسط علي محمد المقرحي في طرابلس أول من أمس، التي أثارت حفيظة بعض الدول، وأقارب ضحايا طائرة «بان أم أميركان» الـ270. وأعلن سيف الإسلام القذافي، في بيان له، أن «الشعب الليبي لن ينسى الموقف الشجاع لحكومتَي بريطانيا واسكتلندا». وقال «إن هناك الكثير من الأدلة والمعطيات والحقائق الجديدة التي تؤكد براءة المقرحي، والتي يمكن أن يجري التوصل إليها يوماً ما». كما رأى صحافي ليبي أن الاستقبال الحار الذي خُصّص للمقرحي يأتي «ردّ فعل على الغرب الذي فرش البساط الأحمر أمام الطبيب الفلسطيني والممرضات البلغاريات» عند إطلاق سراحهم في حزيران 2007 بعد ثماني سنوات من السجن في ليبيا لإدانتهم بحقن أطفال ليبيين بمرض الايدز، وصدور حكم بإعدامهم.
من جهته، وصف السفير الليبي في المغرب، وأحد المسؤولين عن ملف لوكربي، محمد الزوي، المقرحي بـ«المجاهد الذي قدّم تضحية كبيرة من أجل بلاده، وعلينا أن نقدّره». وأضاف «نحن سعداء بعودته، ونتمنّى له الشفاء العاجل، ونرى أن الإفراج عنه هو مكسب لليبيا».
وفي السياق، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند، لمحطة «بي بي سي» التلفزيونية، «بالتأكيد، استقبال شخص ارتكب قتلاً جماعياً كبطل في طرابلس يثير القلق والانزعاج»، وخصوصاً لعائلات ضحايا الاعتداء. وأضاف «من المهم جداً أن تدرك ليبيا أن سلوك الحكومة الليبية في الأيام المقبلة سيكون أساسياً في نظرة العالم إلى عودة ليبيا إلى أسرة الأمم المتحضّرة»، مشدّداً على استقلالية القرار الاسكتلندي.
بدوره، بعث رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون برسالة إلى الزعيم الليبي معمر القذافي حثّ بلاده فيها على «التصرف بحساسية» بعد عودة المقرحي، حسبما أفاد مكتب براون.
من جهته، رأى الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية، اريك شوفالييه، أن الاستقبال الذي حظي به المقرحي «يجرح» مشاعر عائلات الضحايا. أمّا في ما يتعلق بإطلاق سراحه، فقد رأى أن «هذا القرار يعود إلى القضاء الاسكتلندي».

الاستقبال الحار يأتي كردّ فعل على فرش البساط الأحمر للممرضات البلغاريات

وفي اسكتلندا، دافع رئيس الوزراء، اليكس سالموند، عن قرار وزير عدله، منتقداً في الوقت نفسه الاستقبال الذي لقيه المقرحي.
كما انتقدت الصحف الأميركية والبريطانية قرار الإفراج عن المقرحي. وتحدثت «وول ستريت جورنال» عن «لوكربي ثانية» بالنسبة إلى أُسر ضحايا الاعتداء. وأوضحت أن المقرحي لم يقضِ «سوى ثلث السنوات الـ27» من عقوبته، معتبرةً أن ذلك يعني أن المقرحي لم يُمضِ «سوى أكثر بقليل من 11 يوماً في السجن عن كل ضحية... بعض صغار اللصوص يمضون أكثر من هذا الوقت في السجن». وذكرت صحيفة «بوسطن غلوب»، الصادرة في ماساشوسيتس، الولاية التي ينتمي إليها نحو 20 من ضحايا الحادث، أن قرار القضاء الاسكتلندي «بادرة تعاطف في غير محلها».
ورأت الصحف البريطانية أنّ قرار الإفراج «خيانة للعدل». وكتبت صحيفة «تايمز» في افتتاحيتها أن «الإفراج عن السجناء لأسباب إنسانية وارد بالتأكيد. لكن ليس كل السجناء يستحقون الموافقة على طلب. وجريمة المقرحي كبيرة إلى درجة أنه يجب أن يمضي الأيام الباقية من حياته في السجن».
وكتبت صحيفة «ديلي ميل» أن إطلاق سراح المقرحي لن يسمح بالرد على التساؤلات عن مسؤوليته، أو مشاركة أشخاص آخرين في الاعتداء، موضحةً أن عائلات الضحايا «لن تعرف الحقيقة أبداً».
وعبّر عدد من أقرباء ضحايا الطائرة، الذين يخططون لخطوتهم التالية في هذا الملف، عن غضبهم لإطلاق سراح المقرحي واستقباله. وقالت ستيفاني بيرنشتاين، التي قتل زوجها في الحادثة، إن استقبال المقرحي أظهر «سذاجة» وزير العدل الاسكتلندي والرئيس الأميركي باراك أوباما. وأضافت «تكمن السذاجة، في اعتبار الإفراج عن هذا الرجل هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله... وأنا حزينة لأقول إنني أعتقد أن رئيسنا هو ساذج أيضاً». وكان الرئيس الأميركي قد رأى أن إطلاق سراحه «خطأ»، ودعا ليبيا إلى ضمان ألّا يرحّب به لدى عودته، بل أن يُوضَع في الإقامة الجبرية.
ورأت والدة إحدى الضحايا، سوزان كوهين، في ردّها على كلام وزير العدل الاسكتلندي، «أنت تتحدث عن قاتل جماعي... أنت تريد أن تشعر بالأسف على أحد، الرجاء اشعر بالأسف علي، على ابنتي».
كوهين، التي وصفت القرار بالـ«مروّع»، شكّكت في صحة السبب الطبي لإطلاق سراحه، وقالت لتلفزيون «سي ان ان»، إن «مصالح نفطية كبيرة دخلت في هذا».
(ا ف ب، ا ب)