لا يزال مرفأ بيروت يحقق حركة قياسية، ليدخل هذا العام إلى لائحة أفضل 100 مرفأ في العالم. إلا أن الازدحام الذي أحدثته زيادة عدد الحاويات إلى أكثر من مليون حاوية هذا العام لا يزال ينتظر الحل... والحلّ هو توسعة الرصيف الـ16 الذي سينتهي بعد 30 شهراً
رشا أبو زكي
في 26 شباط الماضي، وافق مجلس الوزراء على طلب وزارة الأشغال العامة والنقل توسيع الرصيف الـ16 لمرفأ بيروت، من خلال استئجار مساحة 64 ألف متر مربع من باحة ساحة العبد التابعة لمصلحة سكك الحديد والنقل المشترك، وذلك لتخزين الحاويات فيها. وعلى الرغم من استكمال إجراءات التلزيم، لا يزال المشروع من دون تنفيذ. أما الأسباب، فتعود وفق مصادر الوزارة إلى المفاوضات بين إدارة المرفأ ومصلحة سكك الحديد على تحديد قيمة استئجار المساحة ومدة استثمارها، ما يستلزم بعض الوقت. وإلى ذلك الحين، لا يزال مرفأ بيروت، الذي سيدخل هذا العام في لائحة أفضل 100 مرفأ في العالم، مزدحماً بحاويات تتجاوز بعددها قدرته الاستيعابية التي ترتفع بطريقة متسارعة، لتصل هذا العام إلى أكثر من مليون حاوية.

التوسيع... أكثر من ضرورة

فقد قرر وزير الأشغال العامة غازي العريضي بعد مطالبات دامت سنوات من العاملين في المرفأ، توسعة الرصيف الـ16 لمرفأ بيروت، وفازت شركة «حورية» الشريكة لمؤسسة دنماركية، بالمناقصة التي شاركت فيها 8 شركات عالمية، لكون عرضها هو الأفضل والأقل كلفة، وتبلغ قيمة المشروع 128 مليوناً و85 ألف دولار. وقال العريضي إن ملف توسعة مرفأ بيروت ينتظره كثيرون منذ سنوات، وقد جرى تلزيم المناقصة بعد إعلانها منذ أشهر في حرم مرفأ بيروت، استناداً إلى القرار الأول الذي اتُّخذ في الوزارة، وأعطيت الموافقة السريعة على مشروع توسعة الرصيف الـ16. ولفت العريضي إلى أنّ هناك تعاقداً مع مؤسستين عالميتين، واحدة ألمانية، وأخرى بريطانية عملها التدقيق في كل هذه المسائل من مكاتب دراسات واستشارات أساسية، وبالتالي جرى الرجوع إلى هاتين المؤسستين للوقوف على رأيهما في كل ملف قبل الوصول إلى النتيجة النهائية في المناقصة.
إلا أن تنفيذ المشروع تأخر منذ إصدار مجلس الوزراء قرار الموافقة نحو 6 أشهر، ما استدعى من الهيئة الإدارية للغرفة الدولية للملاحة في بيروت المطالبة بالتعجيل في تنفيذ قرار مجلس الوزراء، لافتة إلى أن قرار مجلس الوزراء جاء نتيجة للوضع الراهن في مرفأ بيروت، حيث إن القدرة الاستيعابية للمساحة المخصصة لتخزين الحاويات في حرم المرفأ لم تعد كافية لاستيعاب الزيادة المتصاعدة لحركة الحاويات، ما يضطر الشركة المشغّلة لمحطة الحاويات من وقت إلى آخر، إلى إعلان وقف تفريغ السفن إلى حين تحسّن الوضع في باحات التخزين. وهذا الوضع أدى إلى تجدد أزمة ازدحام السفن واضطرارها إلى الانتظار أكثر من 48 ساعة لحلول دورها للتفريغ، إضافة إلى عرقلة العمل في المحطة وتأخير تحميل الشاحنات بالحاويات برسم السوق المحلي.
وأوضحت أن تنفيذ مشروع توسعة المرفأ، كما هو مخطط له، بات أكثر من ضرورة بعدما أصبحت محطة الحاويات عاجزة عن التكيّف مع عدد السفن التي تؤمّها واستيعاب حركة الحاويات التي لا تزال تسجل أرقاماً قياسية، وخصوصاً في ظل ورشة التطوير والتوسيع والتجهيز التي تشهدها المرافئ المجاورة والتي تُعدّ نفسها لتكون المنافسة الرئيسية لمرفأ بيروت في منطقة شرق المتوسط.

إجراءات تحسينية

وقال رئيس الغرفة الدولية للملاحة إيلي زخور لـ«الأخبار» إن إدارة مرفأ بيروت هي في صدد التفاوض حالياً مع مصلحة سكك الحديد في مديرية النقل المشترك للاتفاق على قيمة الإيجار. وأوضح أن المرفأ يشهد حالياً ازدحاماً كبيراً، إذ إن نسبة الاستيراد ارتفعت 20 في المئة، سواء في ما يتعلق بالبضائع العادية أو الحاويات، فيما ارتفعت نسبة استيراد السيارات 70 في المئة، ولذلك لا أماكن كافية في المرفأ لاستقبال هذا الحجم الهائل من الحاويات، لافتاً إلى أن مرفأ بيروت، وفق مساحته الحالية، يجب أن يستقبل 700 حاوية سنوياً، إلا أنه استقبل هذا العام أكثر من مليون حاوية، كاشفاً أنه سيكون المرفأ في لائحة أفضل 100 مرفأ في العالم، وهذا يحدث للمرة الأولى منذ تاريخ افتتاح مرفأ بيروت.
وأوضح زخور أن تطور أعمال المرفأ يعود إلى أسباب عديدة، فإدارة الجمارك تؤدي عملها على أكمل وجه، فيما العريضي «وعد ووفى بوعده»، وحقق الأمنية، إذ من المفترض أن ينتهي مشروع التوسعة بعد 30 شهراً، وتزيد مساحة الرصيف الـ16 من 600 متر إلى 1100 متر، كذلك سيصبح عمق المرفأ 17 متراً، وهو الأعمق على شاطئ المتوسط. لافتاً إلى أنّ من بين الإجراءات الجديدة كذلك، تجهيز الرصيف بـ11 رافعة جسرية، وكل ذلك سيؤدي إلى إيجاد حل نهائي للازدحام ورفع القدرة الاستيعابية للمرفأ إلى أكثر من مليوني حاوية سنوياً. أضاف زخور أنّ ثمّة 3 شركات ملاحة أجنبية تريد استخدام مرفأ للترانزيت البحري، وجنسياتها أوروبية وآسيوية، لكن الازدحام الحاصل في المرفأ يجعل من الصعوبة بمكان استقبال هاتين الشركتين، وأضاف أن كلفة انتظار البواخر في عرض البحر مرتفعةجداً، وهي تصل إلى 30 و40 ألف دولار يومياً، وإن طُبّقت سترفع مباشرة أسعار السلع المستوردة على المستهلك اللبناني.
من جهتها، أكدت مصادر وزارة الأشغال العامة والنقل أن العمل على إعداد عقود الاستثمار بين مصلحة سكك الحديد وإدارة مرفأ بيروت أصبحت في مرحلة متقدمة، لافتة إلى أن صدور مرسوم من مجلس الوزراء لا يلزم مصلحة سكك الحديد، لكونها مصلحة مستقلة، وليست إدارة عامة، وأن المصلحة ملزمة بالتقيّد بقانون الأملاك العامة بشأن استئجار أملاك سكك الحديد، مشيرة إلى أن عقود الاستئجار لها أصولها القانونية وتحتاج إلى وقت لكي تنفذ، وخصوصاً أنها محكومة بدراسة حجم المساحة المستأجرة ومدة استثمار هذه المساحة، لتُحَدَّد قيمة الإيجار.
ولفتت المصادر إلى أن الجيش اللبناني يشغل حالياً مؤقتاً مساحة في أملاك سكك الحديد قرب المرفأ، ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة أصدر مرسوماً خلال فترة خلافه مع رئيس الجمهورية إميل لحود، قضى بإنشاء ملاعب رياضية على مساحة 6 آلاف كيلومتر في أملاك سكك الحديد لمصلحة بلدية بيروت، وبالتالي فإن مصلحة سكك الحديد لن تتوانى في التعجيل بتوسعة المرفأ، لما لذلك من مصلحة وطنية.