بعد 11 شهراً على تجميد «الداخلية» قرار منح الأمن العام بطاقات تعريف لفاقدي الأوراق الثبوتية من «التابعيّة الفلسطينية»، أعلن وزير الداخليّة زياد بارود لـ«الأخبار» أن العودة إلى القرار يبدأ أواخر الشهر الجاري
راجانا حمبة
لم يكد تعميم المديرية العامة للأمن العام، القاضي بتزويد الفلسطينيين فاقدي الأوراق الثبوتية بطاقات تعريف، يدخل حيّز التنفيذ حتى صدر قرار وزارة الداخلية والبلديات بتجميد التعميم، مؤقّتاً. استمر المؤقت 11 شهراً (تشرين أول 2008) ولا يزال، بانتظار «تحديد الشروط التي يجب توافرها في مقدم الطلب، وللحؤول دون حصول أشخاص على البطاقات المذكورة فيما هم لا يستحقونها»، حسب ما قال بارود لـ«الأخبار»، واعداً بالعودة إلى إصدار البطاقات أواخر الجاري. قرار بارود بـ«التريّث» كل هذه الأشهر جاء بعدما تبيّن للداخلية ولجنة الحوار اللبناني ـــــ الفلسطيني والسفارة الفلسطينية في لبنان أنّ بعض من تقدّموا لنيل البطاقة خلال فترة «السماح» لم يكونوا جميعاً من فئة فاقدي الأوراق الثبوتية، كما قال مصدر في السفارة من دون أن يوضح من هم هؤلاء المهتمون بتلك الأوراق إن لم يكونوا بحاجة إليها. وهي الفئة التي عرّفتها الحملة الأهلية للاعتراف بحقوق فاقدي الأوراق الثبوتية «باللاجئين من التابعية الفلسطينية الذين يعيشون على الأراضي اللبنانية دون اعتراف رسمي من الدولة اللبنانيّة أو الأونروا».
زوّدت السفارة الفلسطينية الداخلية لائحة من 2700 شخص
جمّد التعميم كل ذلك الوقت، ولا يزال حوالى 3000 آلاف «مجهول» فلسطيني (بحسب إحصاءات بعثة فلسطين في لبنان) ينتظرون بارود لتنفيذ وعده رأفةً بحياة يومية لا يمارسونها كغيرهم من الفلسطينيّين المصنّفين لاجئين شرعيين. وعد أكده بارود لـ«الأخبار»، مشيراً إلى أنه «من المفترض أن تنجز الترتيبات اللازمة بحلول نهاية الشهر الجاري وفقاً للتعديلات التي طرأت على الآليّة المتفق عليها». وأوضح بارود أن «مداولات مباشرة جرت مع سفارة دولة فلسطين في لبنان، ولجنة الحوار للتوافق على الشروط». وأوّل تلك الشروط، التحقيق الذي يُجريه الأمن العام والسفارة الفلسطينية. وبحسب مصادر السفارة تجري آلية التحقيق وفقاً للآتي: يُطلب من فاقد الأوراق الثبوتية، إن كان من الجيل الثاني إثبات فلسطينيّته من خلال أوراق ميلاد والده أو إقامته في فلسطين، وأوراق ميلاد جدّه أو إقامته في فلسطين إن كان من الجيل الثالث. وعقب التحقيق، يشير سفير لجنة الحوار خليل مكاوي إلى «أنه يُفترض بمقدم الطلب في الأمن العام تقديم الأوراق الأصلية التي خرج بها، أو خرج بها أهله من فلسطين أو بلدان اللجوء الأولى قبل لبنان، إضافةً إلى ورقة إثبات الجنسيّة التي تمنحها منظمة التحرير الفلسطينية لهؤلاء، وإفادة سكن من مختار المحلة التي يسكنها».
إذاً، وُضعت شروط الآلية. لم يعد هناك سوى تنفيذ الوعد بالعودة إلى التطبيق. وقد بدأ بارود الخطوات العملية في هذا الإطار، إذ طلب من سفارة دولة فلسطين تزويده لائحة بأعداد فاقدي الأوراق الثبوتية، التي ما لبثت أن زوّدته لائحة من 2700 شخص الخميس الماضي. واستناداً إلى تلك اللائحة، حصر بارود «مستحقي بطاقات التعريف بما لا يتجاوز 2700 شخص». وهو ما لم «تتقبّله» السفارة، التي أكّدت أن ثمة التباساً في كلام الوزير، ويشير مصدر في السفارة إلى أن «العدد 2700 ليس نهائياً، لكن هو ما تمكّنت من جمعه السفارة تلبية لطلب الوزير»، نافية أن يستقر العدد عند هذا الرقم. كان يمكن هذا العدد أن يستقر عند 2700 أو حتى أقل، لو أن دولتَي مصر والأردن تساهلتا في حل أزمة الفلسطينيين الذين يحملون وثائق سفر، وأوراقاً ثبوتية تحمل طبعة تلك السلطات ولم يتمكّنوا من تجديدها. ولكن بعد أيلول الأسود 1970 وفكّ الارتباط تالياً بين الضفّتين، امتنع الأردن عن التجديد لهؤلاء بعدما فرّ معظمهم مع منظمة التحرير، ولم يعودوا قادرين على العودة إلى أراضي الأردن، بسبب سحب مواطنيتهم. أما بالنسبة إلى مصر، فالامتناع عن تجديد وثائق سفر قطاع غزة طرأ حديثاً، حيث كان آخر تجديد للبطاقات عام 2006. وقد فشلت المفاوضات التي تولّتها بعثة الأمن العام مع السلطتين لثنيهما عن القرار. وبالعودة إلى بطاقة الأمن العام، فهي تخوّل حاملها التمتع بكل ما يتمتع به اللاجئ إلّا صفة لاجئ نفسها! والسبب؟ أن لبنان لا يعترف سوى بلاجئي 1948 فقط. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأونروا التي رفضت تسجيلهم في خانة اللاجئين نظراً إلى عدم تطابق شروط اللجوء عليهم، التي تشترط أن يكون اللاجئ من سكان فلسطين ما بين حزيران 1946 وأيار 1948. وبسبب هذا التعريف، يخرج لاجئو الـ1967 والهاربون من أحداث أيلول الأسود من خانة اللاجئ الشرعي. ويلفت مصدر في السفارة إلى أن حوالى 85% من فاقدي الأوراق الثبوتية هم من الضفة الغربية وغزة، أي الذين كانوا تحت الإدارة الأردنية والمصرية، إضافةً إلى عدد لا بأس به من العراق، وحوالى 3% من بعض البلدان العربية والدولة الفلسطينية، وبعض الذين دخلوا خلسة إلى لبنان.
يذكر أنه خلال تطبيق التعميم العام الماضي، تسلّم الأمن العام 1850 طلباً، سلّم منها 851، فيما بقيت 300 بطاقة كانت معدّة للتسليم في المديرية، إضافةً إلى 300 بطاقة أخرى رُفضت لعدم توافر الشروط.


يندرج في إطار فئة فاقدي الأوراق الفلسطينيّون مَن يحملون وثائق سفر أو أوراقاً أردنية أو مصرية وانتهت صلاحية تجديدها، أو امتنعوا عن تجديدها. كما تضم فلسطينيين فروعاً من أهل يحملون الوثائق السابقة، ووُلدوا في لبنان ولم يسجَّلوا في البلدان التي يحمل الأهل أوراقها. وكذلك هناك فلسطينيون يحملون أوراقاً ثبوتية من دول عربية أخرى أو من السلطة الفلسطينية، ولكنهم غير مسجلين في الدولة اللبنانية