تُطلق الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان «راصد» خلال الأيام المقبلة حملة تضامن مع فاقدي الأوراق الثبوتية. وتتضمن الحملة تنظيم سلسلة اعتصامات وتوقيع عرائض
عين الحلوة ـــ خالد الغربي
39 عاماً قضاها أبو محمد عمر (65 عاماً) مجبراً داخل مخيم عين الحلوة. لم يكن الرجل قادراً على الخروج من «الزقاق» الذي يسكنه، خوفاً من «العسكر»، لأنه لا يملك أوراقاً ثبوتيّة. أبو محمد ينتمي إلى فئة اللاجئين الذين اصطُلح على تسميتهم «فاقدي الأوراق الثبوتية». انتماءٌ يحرمه «امتيازاتٍ» كثيرة، لعل أهمّها المرور بسلام على الحواجز العسكرية. باتت أقصى أحلام الرجل رؤية ما بعد أسوار المخيم، لكن «من أين يا حسرة؟ لا أستطيع لأنني في نظر القانون رجل غير موجود»، يقول أبو محمد. يسكت قليلاً ليعرّف عن نفسه: «أنا رجل بلا عمل، وحريتي مقيدة. باختصار، أعيش من قلّة الموت».
ليس أبو محمد وحيداً، فهناك ما يزيد على 3000 فلسطيني لا يملكون أوراقاً ثبوتية (إحصاءات غير رسميّة)، لأنّهم من الذين رُحّلوا من فلسطين بعد أحداث عام 1967 ومن التحق منهم بالمقاومة بعد هذا التاريخ، أو من الذين أتوا من الأردن بعد أحداث أيلول الأسود. 3 آلاف يعيشون في لبنان، لكنهم لا يصنَّفون لاجئين. وقد زودت الدولة، عبر الأمن العام مطلع آب العام الماضي هؤلاء ببطاقات تعريف لسنة قابلة للتجديد. تخولهم البطاقة التنقّل بقليل من الحرية، لكن وزارة الداخلية والبلديّات علقت هذا القرار بعد 3 أشهر من العمل به.
ولأنّ صلاحيّة البطاقات التي منحها الأمن العام لـ735 شخصاً تنتهي في أيلول المقبل، تستعدّ الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان (راصد) لإطلاق حملة تضامن مع هؤلاء، تتوجه إلى الدولة اللبنانية «لإنهاء مأساة هذه الفئة»، كما يقول المسؤول الإعلامي للحملة عصام الحلبي. ويشير الحلبي إلى «سلسلة اعتصامات داخل مخيم عين الحلوة، إضافة إلى توقيع عرائض عبر الإنترنت للمطالبة بإعطاء فاقدي الأوراق الثبوتية بطاقات تعريف، على أن ترسل العرائض لموقع رئاسة الجمهورية الإلكتروني». ويوضح المدير التنفيذي لراصد عبد العزيز طارقجي أن «الحملة المرتقبة تستند إلى المواثيق الدولية، ومنها المادة الرقم 6 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تنص على تمتع الفرد بالشخصية القانونية، إضافة إلى حصوله على أوراق ثبوتية ترسـم شخصيته وتسهّل عليه كل النواحي الحياتية». ويحدد الحلبي هدفاً آخر «هو تخفيف المشكلات الاجتماعية التي تسببها الأوضاع غير القانونية لفاقدي تلك الأوراق»، وأسوأها، كما يلفت الحلبي، «حالات الطلاق التي حصلت داخل عين الحلوة بسبب عدم تمكّن الآباء من تسجيل قيد أولادهم قانوناً».


رسالة الى الرئيس

تتوجّه «راصد» إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان برسالةٍ مفصّلة عن أوضاع فاقدي الأوراق الثبوتية، وتدعوه إلى «التدخل العاجل لإيجاد حل عادل لقضية هؤلاء المقيمين قسراً في لبنان، وندعوكم للقيام بما يلزم للاعتراف بالشخصية القانونية لهؤلاء وحقهم في العيش بكرامة». وتشير الرسالة إلى «أن إبقاء القضية معلقة يمثّل طعنة للبنان الذي كان سباقاً في وضع مداميك عصبة الأمم وشرعة حقوق الإنسان».