علاء العلياحتارت في أمرها. أين عساه يكون. فلا المعشراوي رآه، ولا حضر إلى فرن أبو السعيد ليأخذ الخبز كعادته. 3 أيام، ولم يحضر إلى الجامعة. نزلت إلى المخيم لتبحث عنه. اشترت زجاجتي عصير من محل العصير قرب مدرسة المخيم. في الأولى عصير جزر، وفي الثانية عصير ليمون. لم تكترث لما نشرته جريدة «الأخبار» عن أن مياه المخيم ملوثة «يسواني ما يسوا هالعالم» قالت. سألت الشباب دون جدوى، فقررت الانتظار في منزل «الحجة أم علي». حدثتها العجوز عن خبريات المخيم. «فلانة سافرت لعند أخوها على الإمارات، وفلان اشترى سيارة مكركعة والله يرزق ويجيب أحسن». مرّ الوقت بسرعة، وكادت أن تنسى جهاد. مع أذان المغرب عادت إلى باب منزله. شدت الحبل المربوط ببضع تنكات معلقة فوق باب الخيمة التي بناها على سطح المنزل. يضع فيها بضعة كتب وجهاز كومبيوتر يمضي أيام إجازات كما يحلو له. يتعطل أكثر مما يشتغل. سمعت خطاه القوية وهو ينزل الدرج. فتح الباب ونظر إليها بعينيه القاسيتين، فاستعدّت لمعركة. ألقت عليه التحية، فردّ عليها وعاد أدراجه وهي تتبعه. أمطرته بوابل من الأسئلة: «ليش ما عم تيجي على الجامعة؟ ليش ما خبرتني وين إنت؟». جلس على الكنبة المتهالكة، وأجاب بصوت خافت: «عم بشتغل». سادت لحظات صمت. «ليش يابا، والجامعة؟»، فأجاب: «أول على آخر ما ألنا غير الورشة، ناسية القانون؟». راحت تعدّد له أمثلة عن أشخاص متعلمين حصلوا على فرص، فلم يزدد إلا لامبالاة. ثم راح يعدّد أمثالها واحداً واحداً. لن يلجأ إلى «تبويس الأيادي واللحى» حتى يحصل على وظيفة في الوكالة. ولن يسافر إلى مكان ينهمك فيه بعد النقود عن فلسطين. وهو لن يغادر المخيم إلا إلى فلسطين.
شعرت وهي تغادره بشيء من الخيبة، لكنها استعدّت لجولة ثانية. فهي تعرف على الأقل أين هو وماذا يفعل. لن تستسلم ليأسه وهو يقترب من إنهاء سنته الجامعية الثالثة.
في صباح اليوم التالي استمتعت بشرب عصير الجزر، وهو ينقل عن كرّاسها ما فاته من دروس.