h1>هدّم لقربه من مقر برّي... وسيُستبدل بآخر كلفته 800 ألف دولار«لا مختبر مركزياً في لبنان منذ سنتين»، عبارة واحدة تعدّ حدثاً طبياً بامتياز. فالمختبر المركزي الذي أقفل بسبب قربه من مقر إقامة رئيس مجلس النواب نبيه بري «لدواع أمنية»، ترك فراغاً دام فترة طويلة، فيما يطمئن وزير الصحة محمد جواد خليفة إلى أن مشروع إنشاء مختبر جديد ينتظر تأليف الحكومة

رشا أبو زكي
في نهاية عام 2007، أصبح المختبر المركزي في حكم الميت، بعد أن قدم خدماته المخبرية منذ عام 1956 في مركزه الكائن في عين التينة. وقد اختصرت مهمات المختبر المجانية بثلاثة أقسام: الاختبارات على الجراثيم في المواد الغذائية والمياه، والاختبارات الكيميائية التي تُجرى على الأدوية، إضافة إلى فرع الحمّى الذي يتولّى فحوص الأمراض المعدية. وتعتمد وزارات الصحة، الاقتصاد والتجارة، الطاقة والمياه، الزراعة والبيئة على هذا المختبر لإجراء الفحوص على المواد المستوردة وبعض المواد المصدّرة... إلا أنّ واقع وجود المختبر بالقرب من مقر رئيس مجلس النواب نبيه بري عجّل في موت المختبر، إذ جرى التذرّع بالأسباب الأمنية لنقله من مكانه، نظراً إلى وجود موادّ يمكن استخدامها في أعمال إرهابية، فأجريت دراسات عديدة لنقله إلى الكرنتينا، إلا أن مجلس شورى الدولة رفض طلب نقله عام 2006، ومن ثم رفع وزير الصحة العامة طلب النقل وقدّمه أمام مجلس الوزراء في آب من عام 2007، تحت مبرر تداخله مع مقر الرئاسة الثانية وأنه يمثّل تهديداً أمنياً... رفض الطلب. ورأى خليفة حينها أن «الرفض سياسي»، إلا أن موقف الحكومة تبعه مباشرة هدم المختبر ونقل معدّاته إلى مختبر في برج البراجنة، بعد أن كان مقرراً نقلها إلى الكرنتينا، وطُلب من 40 موظفاً إخلاﺀ مكاتبهم... وهذا ما حدث!

ماذا يحدث الآن؟

وأشار خليفة في حديث مع «الأخبار» إلى أن المختبر المركزي كان تنفيعة، إذ كل وزير يأتي، يوظّف عدداً من المحسوبين عليه في المختبر، والدليل أنه ليس هناك أكثر من 4 موظفين في المختبر المركزي متخصصين، والباقون ملحقون بدائرة الصيدلة في الوزارة. وأشار إلى أنه حين بدأت الإجراءات الأمنية في محيط منزل بري، أُغلقت مداخل المختبر، فكان هناك خياران؛ إما أن يُنقل منزل بري، أو يُغلق المختبر... وهكذا، اختفى المختبر المركزي، وحُوّلت، وفق خليفة، الفحوص إلى المختبرات الجامعية، فيما أصدر قرارات بتحويل الفحوص المعقدة إلى المختبرات الخارجية، وذلك وفق القانون الذي يجيز للدولة إرسال الأدوية إلى المختبرات العالمية على نفقة المستورد...
ويقول رئيس نقابة مستوردي الأدوية أرمان فارس لـ«الأخبار» إنه في نيسان من عام 2007 أصدر وزير الصحة قراراً يتعلق بآلية التكيّف مع إغلاق المختبر، ومن ثم ألحقه بقرار توضيحي رقمه 199/1 في 10 آذار 2009 يتعلق بالتحليل المخبري للأدوية. فمراقبة التحليل مطلوبة عند تسجيل الدواء، وأحياناً على عيّنات كل شحنة تدخل إلى لبنان. ويشير القرار إلى أن كل الأدوية الـ«أوريجينال» المبتكرة من الشركات الدولية المصنِّعة لا تحتاج إلى تحليل قبل تسجيلها، لكون مختبراتها هي التي ابتكرت الدواء. أما أدوية الـ«جنريك» التي أصبحت تمثّل ما بين 35 و45 في المئة من الأدوية المطروحة في لبنان، فيفرض القرار أن تقوم الشركة المستوردة قبل تسجيل الدواء بتحليله مخبرياً في مختبر من أحد البلدان المرجعية الدولية. وفي المرحلة الثانية يجري التحليل عند كل شحنة في مختبرات جامعية لبنانية. ويشير فارس إلى أن أكلاف التحاليل ارتفعت على المستوردين، بعد أن كانت شبه رمزية في المختبر المركزي. فهي مكلفة في المختبرات الجامعية، أما التحاليل التي تجري خارج لبنان فهي تصل إلى 5 آلاف دولار على كل صنف، ويتحمّلها المستورد والشركة المصنّعة، موضحاً أن هذه الأكلاف لا تضاف إلى سعر الدواء، «فقد انتقلت كلفة التحليل من الخزينة إلى عاتق المستوردين».

مشروع لمختبر جديد

وأوضح خليفة أن وفداً من الخبراء الفرنسيين ومنظمة الصحة العالمية وضعوا تقريراً مفصلاً انتهى منذ شهرين، عن مواصفات بناء مختبر جديد وآلية عمله وتفعيله، لكون الأدوية الحديثة تحتاج إلى مختبرات متخصصة، وقد حُصرت الاقتراحات إما بإنشاء مبان إضافية في مستشفى بيروت الحكومي للمختبر، أو بنقله إلى الكرنتينا. وتراوح كلفة المشروع بين 600 و800 ألف دولار، والتمويل متوافر عبر هبات من جهات مختلفة، فيما التجهيزات بعضها موجود والبعض الآخر سيقدم هبات أيضاً، وهذا المشروع ينتظر تأليف الحكومة لاتخاذ قرار في مجلس الوزراء والموافقة على المباشرة في تنفيذه.
وأشار إلى أنه في الوقت الحاضر ، تعمل جميع المختبرات في المستشفيات الحكومية لمصلحة الوزارة، وتجرى فيها غالبية الفحوص المطلوبة وبتقنية عالية... إلا أن عمل المختبر المركزي لم يكن محصوراً بالفحوص الدوائية، فهو يطال كذلك السلع الاستهلاكية الأخرى. هنا، يقول خليفة إن المختبر المركزي أصيب بالضعف بعد أن أنشئت المختبرات الصناعية والزراعية المتخصصة (معهدا البحوث الزراعية والصناعية) وبالتالي فإن التركيز سيكون على مختبر للأدوية، فيما تقوم كل وزارة بتفعيل مختبراتها لإجراء الفحوص اللازمة.
هذه الإيجابية تنعكس تشاؤماً مطلقاً لدى النائب السابق (عضو لجنة الصحة النيابية سابقاً) إسماعيل سكّرية، الذي يشير إلى أن القانون يفرض أن يفحص الدواء المستورد، مهما كانت الجهة المصنّعة، في مختبر الرقابة على الدواء، أي في المختبر المركزي، وتطال هذه الفحوص الثبات في تركيبة الدواء، والأمان، والتركيب الكيميائي، والتوافر الحيوي. إلا أن جميع هذه الفحوص، «وعلى مسؤوليتي»، لا تُجرى بذريعة أن «هذه الأدوية مستوردة من مصانع معروفة»، فيما السجائر التي تصدّر إلى العالم الثالث تختلف عن تلك المستهلكة في دول المنشأ، لافتاً إلى أن قرار الوزير بإرسال الأدوية إلى الخارج لفحصها لا يطبّق، وتُسجل الأدوية من دون إجراء الفحوص اللازمة، ولا حتى في المختبرات الجامعية، وإذا أُجريت فإن المختبرات الجامعية لا تمتلك المؤهّلات الكاملة لإجراء فحوص دقيقة للأدوية... أما الأنكى، بحسب سكّرية، فهو أنه كان هناك قانون يلزم المستورد بالحصول على شهادة بلد المنشأ لكل دواء قبل تسجيله، وذلك للتأكد من أن الدواء آمن، إلا أنه في عام 2005 نُسف هذا الموضوع، بحجة أن مصانع الأدوية جيدة... فهل هذه ضمانة؟ معتبراً أن لبنان بلا مختبر، وهو بلا صمام أمان لصحة المستهلك...


6 مختبرات

هو عدد المختبرات الجامعية التي أعلنت وزارة الصحة العامة أنها تعتمدها في ما يتعلق بالتحاليل المخبرية للأدوية، وهي الجامعة العربية، القديس يوسف، الجامعة اللبنانية، الجامعة اللبنانية الأميركية، الجامعة الأميركية للعلوم، والجامعة الأميركية


لبنان ناقص