بعد أسبوعين على الحملة الأمنيّة لـ«حماس» ضد الجماعات السلفية، وتهديد الأخيرة بالانتقام، شهد قطاع غزّة أول من أمس تفجير عبوتين ناسفتين، وضعه الغزيّون في إطار حملات «الانتقام»
غزة ــ قيس صفدي
فجّر مجهولون في قطاع غزّة عبوتين ناسفتين قرب منزل الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومجمع أنصار الأمني غرب مدينة غزة، ما أثار رعباً لدى السكان، وسط خشية شعبية من وقوف جماعات سلفية متشدّدة وراء التفجيرين، انتقاماً للمواجهات التي جرت مطلع الشهر الجاري بين «حماس» و«أنصار جند الله»، في وقت شنّت فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي غارة جوية استهدفت مبنى خالياً شمال القطاع. وانفجرت عبوة ناسفة بالقرب من مجمع أنصار الأمني في ساعة متقدمة من مساء السبت (أول من أمس)، قبل أن تتبعها بنصف ساعة عبوة ثانية زرعها مجهولون في مفترق رئيس يقع فيه منزل عباس، الذي لم يدخله منذ سيطرة حركة «حماس» على غزة في 14 حزيران 2007.
وقالت مصادر أمنية وطبية في غزة إن التفجيرين لم يوقعا إصابات في أوساط المدنيين، أو عناصر الشرطة والأمن في المواقع المستهدفة. وقد أغلقت قوات الأمن التابعة لحكومة «حماس» الشوارع والمفترقات الرئيسة المؤدّية إلى مكان التفجيرين، وشرعت في التحقيق بحثاً عن الأشخاص، أو الجهة التي تقف وراءهما.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية في غزة، إيهاب الغصين، إن الأجهزة الأمنية تباشر تحقيقاتها لمعرفة ملابسات ودوافع المسؤولين من وراء التفجيرين الصادرين عن «عبوّتين صغيرتين».
وفي وقت لم تعلن فيه أي جهة مسؤوليتها عن هذه التفجيرين، يعتقد سكان في غزة أنهما قد يكون صادرين عن جماعات سلفيّة أرادت الانتقام بعد المواجهة المسلحة التي خاضتها حكومة «حماس» مع جماعة «جند أنصار الله»، وأدّت إلى مقتل 28 فلسطينياً، بينهم أمير الجماعة عبد اللطيف موسى، بعد إعلانه إمارة إسلامية في مدينة رفح في 14 آب الجاري.
وشنت قوات الأمن التابعة لحكومة «حماس» حملة اعتقالات واسعة في أوساط نشطاء الجماعات السلفية الجهادية في قطاع غزة عقب المواجهة المسلحة. وكشف وزير الداخلية في غزة، فتحي حماد، عن احتجاز أجهزة الأمن 160 عنصراً من أتباع الجماعات السلفية المتشدّدة، يخضعون لـ«برنامج لمعالجة أفكارهم المتطرفة».
وقال حماد، أمام وفد حقوقي يمثّل الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن «ديوان المظالم» في غزة أول من أمس، إن «أجهزة الأمن ستفرج عن كل محتجز لم تثبت بحقه تهمة».
في هذا الوقت، قصفت طائرات حربية إسرائيلية ليل السبت الأحد مبنى مهجوراً شمال القطاع، بدعوى وجود نفق تحته يخطط مقاومون فلسطينيون لاستخدامه في شن هجمات ضد قوات الاحتلال عبر السياج الحدودي الفاصل بين القطاع وفلسطين المحتلة عام 1948.
وقالت مصادر محلية إن المبنى المستهدف يبعد نحو 1.5 كيلومترات عن السياج الحدودي شمال القطاع، وهو عبارة عن غرفتين صغيرتين وسط أرض مفتوحة.

غارة إسرائيلية على القطاع، ووزارة الصحة تحذّر من نفاد أدوية
وادعى جيش الاحتلال الإسرائيلي أن الغارة الجوية ضد المبنى جاءت رداً على صاروخ أطلقه فلسطينيون من غزة من دون أن يوقع إصابات، غير أن أي فصيل فلسطيني لم يعلن مسؤوليته عن إطلاق هذا الصاروخ.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر أمنية أن المبنى الذي استهدفته الطائرات الحربية استخدمته فصائل فلسطينية، ليس من بينها حركة «حماس»، لحفر نفق، بهدف شن عمليات فدائية. وتسري في غزة تهدئة غير معلنة منذ توقف 22 يوماً من الحرب الإسرائيلية في 18 كانون الثاني الماضي، لكن الآونة الأخيرة شهدت خروقاً إسرائيلية عدة لهذه التهدئة، أدت إلى استشهاد سبعة فلسطينيين في عمليات قصف وإطلاق نار.
‏وفي سياق تداعيات الحصار على قطاع غزّة، حذرت وزارة الصحة في حكومة «حماس» من تداعيات العجز في الرصيد الدوائي بعد نفاد مئة صنف من الأدوية، ومئة من المهمات الطبية.
وقالت وزارة الصحة، في بيان صحافي أمس، «إن هناك 55 صنفاً آخر من الأدوية، و61 من المهمات الطبية مهدّدة بالنفاد خلال أقل من ثلاثة أشهر من مخازن وزارة الصحة».
وكانت وزارة الصحة قد أطلقت تحذيراً قبل بضعة أيام من أن نحو 400 مريض يرقدون في غرف العناية الفائقة، وخصوصاً مرضى الكلى، يتهدّدهم الموت في كل لحظة بسبب النقص الحاد في الأدوية والممستلزمات الطبية.
وطالبت وزارة الصحة بفتح المعابر وإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة إلى قطاع غزة، من أجل إنقاذ حياة المئات من المرضى، وخاصة أصحاب الأمراض المزمنة من خطر الموت، في حال عدم إدخالها فوراً ودون تأخير.
ودعت كل المؤسسات الإنسانية والحقوقية واللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى ضرورة التدخل الفوري والعاجل من أجل الضغط على الاحتلال الإسرائيلي، وإجباره على فتح المعابر وإدخال الأدوية والمهمات الطبية إلى مؤسسات وزارة الصحة.