زيباري مصرّ على محكمة دوليّة على الطريقة اللبنانيّة: مع احتواء الأزمة
بغداد ــ الأخبار
انطلقت المساعي الدبلوماسية لإصلاح ما يمكن إصلاحه بين العراق وسوريا على خلفية اتهام بغداد لدمشق بإيواء إرهابيين. زحمة وسطاء إقليميّين تصدّروا المشهد، تقدّمهم وزيرا خارجية إيران وتركيا منوشهر متكي وأحمد داوود أوغلو، في ظل إصرار عراقي على محكمة دولية لمحاكمة «الإرهابيين»، يترافق مع استمرار مسلسل التفجيرات الدامية.
وكان متكي قد استغل مناسبة حضوره مراسم دفن رئيس «المجلس الإسلامي الأعلى» عبد العزيز الحكيم بجوار شقيقه محمد باقر في النجف أول من أمس، ليؤدّي ما يشبه دور الوساطة بين بغداد ودمشق، مقترحاً عقد «اجتماع لدول الجوار يكرّس لمناقشة الوضع الأمني العراقيوكشف متكي أنه تقدّم باقتراحه أثناء لقاءاته مع كل من الرئيس جلال الطالباني ورئيس الحكومة نوري المالكي ووزير الخارجية هوشيار زيباري. وعبّر رئيس الدبلوماسية الإيرانية عن أمله في أن تبدي دول الجوار تعاونها وموافقتها على عقد هذا المؤتمر.
ونال ملف العلاقات العراقية ـــــ السورية الحيّز الأكبر من المؤتمر الصحافي المشترك لوزيري الخارجية العراقي والإيراني. واعترف زيباري بأن بلاده «مع احتواء الأزمة مع دمشق»، لكنه جدّد التأكيد على تصميم بغداد على المضي قدماً في مطالبة مجلس الأمن بتأليف محكمة جنائية دولية «لمحاسبة المتورطين في التفجيرات». وربط زيباري إمكان إنشاء هذه المحكمة بما حدث في لبنان، عندما أنشأ مجلس الأمن محكمة دولية عام 2007 للتحقيق في مقتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.
وعن استمرار العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، قال زيباري «نحن لسنا في معرض طلب وساطة من إيران، فالعلاقة مع سوريا قائمة وموجودة، وسفارتا البلدين موجودتان ومتواصلتان».
بدوره، استنكر متكي التفجيرات الأخيرة التي استهدفت مؤسسات الدولة، بحسب بيان لمكتب المالكي، الذي التقاه في ما بعد، مؤكداً أن «تثبيت الأمن والاستقرار وفقدانهما في العراق، لهما تأثيرات مباشرة على جميع الدول المجاورة للعراق».
وأضاف متكي إنّ «على كل جيران العراق الالتزام وبإرادة جادّة للمساعدة على توفير الأمن والاستقرار»، مشيراً إلى أن «الذين يعتقدون أن بإمكانهم أن يؤثّروا في العراق، وأن يربكوا أوضاعه قبل الانتخابات التشريعية بأعمال إرهابية مخطئون».
وفي السياق، نقلت صحيفة «الوطن» السورية الخاصة، أمس، عن مصادر عراقية قولها إنّ واشنطن «بعثت برسالة توبيخ للمالكي على تصرفاته المتسرّعة وغير المدروسة تجاه العلاقة مع سوريا».
ووفق مصادر الصحيفة، فإنّ واشنطن «طلبت من المالكي الاستجابة فوراً للجهود التركية التي ستُبذل في الساعات القليلة المقبلة من أجل إعادة الأمور بين البلدين إلى نصابها».

بغداد تعرض تسجيلاً لسعودي من «القاعدة» تقول إن السعودية موّلته وسوريا درّبته

ويتنقّل داوود أوغلو بين دمشق وبغداد، اليوم، «في محاولة منه لمصالحة الدولتين»، بحسب بيان لوزارة الخارجية التركية صدر في وقت متأخر من ليل الجمعة ـــــ السبت.
ويلتقي وزير الخارجية التركي الرئيس السوري بشار الأسد، ونظيره وليد المعلم، قبل أن يجري مباحثات مع المالكي وزيباري. ولفت البيان إلى أن هذه «اللقاءات ستسمح للطرفين العراقي والسوري بالتعبير عن وجهتَي نظرهما بشأن التطورات الأخيرة في بغداد، وباطّلاع البلدين على وجهة النظر التركية». كما أوضح البيان التركي أن داوود أوغلو سيزور أيضاً مصر بين الأول من أيلول المقبل والثالث منه «لإجراء محادثات بشأن التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط».
لكن بدا أن حكومة بغداد ليست في وارد تهدئة الأوضاع مع السلطات السورية، إذ عرضت تسجيلاً لاعترافات شخص قالت إنه «قيادي رفيع المستوى في تنظيم القاعدة دخل العراق بمساعدة الاستخبارات السورية، وبتمويل سعودي، وبعد تلقّيه تدريبات قتالية في سوريا» لدعم «العمليات القتالية في العراق ضد الرافضة وضد الحكومة».
وفي تسريب إعلامي لافت، كشف مسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع العراقية أنّ منفّذي تفجيرات الأربعاء الدامي في بغداد، كانوا معتقلين لدى سلطات الاحتلال في معتقل بوكا القريب من البصرة، وأُطلق سراحهم قبل 3 أشهر. والبارز أن المسؤول العراقي اعترف بأنه «حتى الآن، لا يمكننا التأكد ممّا إذا كان هؤلاء المتهمون مرتبطين بعلاقات مع دول أجنبيّة».
وكان يوم السبت دامياً على العراقيين، إذ قُتل 20 شخصاً على الأقل، وجرح 63 آخرون في سلسلة هجمات جعلت من هذا اليوم الأكثر دموية منذ حلول شهر رمضان في 22 آب. ومن بين القتلى، أمين سر حزب الدستور (يترأسه وزير الداخلية جواد البولاني) خالد غنام الزوبعي، الذي سقط ونجله بتفجير في الفلوجة.