الحسكة | عدم الاستقرار يرخي بظلاله على مدارس مناطق سيطرة «الإدارة الذاتية» في مناطق الجزيرة (الحسكة)، كوباني (عين العرب)، عفرين (ريف حلب) وتل أبيض (ريف الرّقة)، بعدما طبعت «هيئة التعليم في الإدارة الذاتية» أكثر من 500 ألف كتاب من المنهج الكردي. هذه الخطوة، دفعت بمديرية تربية الحسكة، التي لا تزال تسيطر إدارياً على مدارس المحافظة، الى نقل كوادر أكثر من 49 مدرسة ابتدائية كإجراء لمنع اعتماد المنهج الكردي.
«الإدارة الذاتية» كانت قد فرضت منذ عامين تدريس اللغة الكردية بأكثر من حصة دراسيّة، الى أن أقرّت «هيئة التعليم» في مؤتمرها في حزيران الفائت بدء تطبيق المنهج الذي أعدّته في مدارس مقاطعات الإدارة الذاتية، والعمل من أجل إحداث جامعة، الأمر الذي اعتبره البعض خطوة نحو الانفصال.


خلاف كردي ــ كردي

الرفض الأولي للمنهج الكردي أتى من أحزاب «المجلس الوطني» الكردي الذي وصف الخطوة بأنّها «غير صحيحة وتؤدلج التعليم من خلال نشر أفكار حزب العمال الكردستاني وزعيمه عبدالله أوجلان»، إضافة الى أنها ستُساهم في تدمير مستقبل الجيل الكردي وأبناء المنطقة وفي ارتفاع نسبة الهجرة من المحافظة. «اتحاد الطلبة والشباب الكردي في روج أفا»، أصدر أيضاً بياناً أيّد فيه «المجلس الوطني الكردي»، وأعلن رفضه للمنهج.


لا عودة عن تطبيق المنهج الكردي

من جهتها، عقدت هيئة التعليم في «مقاطعة الجزيرة» مؤتمراً صحافياً في مدينة عامودا، كشفت خلاله عن إعدادها ثلاثة مناهج باللغات الكرديّة والعربيّة والسريانيّة بما يتيح للجميع الدراسة بلغتهم الأم. أما، التأخير بتطبيق المنهجين العربي والسرياني فيعود لـ«أسباب تقنية». بيان «هيئة التعليم» أكد أن «هذا النظام لا يعادي أحداً، بل على النقيض من ذلك فهو يبني مستقبلاً حراً». وأكد رئيس هيئة التربية والتعليم محمد عبدو أن «المنهج سيُطبق مهما بلغت الصعوبات والتحديات».

طبعت «هيئة التعليم» أكثر من 500 ألف كتاب من المنهج الكردي


مصدر في مديرية تربية الحسكة قال لـ«الأخبار» إن «المديرية لا تعترف بأي منهج سوى ذاك المعتمد من قبل وزارة التربية السورية»، مؤكداً نقل كوادر 49 مدرسة «وسنعمل على نقل كامل الكوادر التي تُفرض عليها هذه المناهج باتجاه مناطق سيطرة الجيش أو مدارس الحلقة الثانية». أما بالنسبة للطلاب، «فسيُنقلون إلى مدارس واقعة تحت سيطرة الدولة، ولو كلّف ذلك اعتماد نظام الدوامين الصباحي والمسائي... الإجراءات المناسبة ستُتخذ لضمان حق الطلاب بالتعلّم». وكانت اجتماعات عدّة قد عُقدت بين ممثلين عن «الإدارة الذاتية» والحكومة السورية أبدت خلالها الأخيرة مرونة في تدريس المناهج الجديدة خارج أوقات الدوام الرسمي. عدم الاعتراض الرسمي على افتتاح معاهد لتعليم اللغات، وخاصّة الكردية، لم يرق «الإدارة الذاتية» التي اتهمت الدولة بـ«عرقلة التعليم في المحافظة عبر نقل الكوادر التعليمية، الذي سيؤدي الى إغلاق المدارس».
بعد مضيّ أيام على افتتاح العام الدراسي الجديد، وزّعت هيئة تعليم «الإدارة الذاتية» منهجها، معتبرة أن الحل يكون بتخصيص صفوف للعرب وأخرى للأكراد كحل وسط بين الطرفين. هذا الأمر دفع العديد من الأهالي الى رفضه، ممتنعين عن إرسال أولادهم الى المدارس لاعتبارهم أنّ هذه المناهج تسيء إلى مستقبل أبنائهم في ما خصّ قبولهم في الشهادة العامّة والجامعات السوريّة.
الأهالي لجأوا الى المدارس الخاصة التي رفضت استقبال الطلاب الأكراد، كمحاولة منها لتجنب فرض المنهج الكردي المُلزم للطلاب الأكراد. أما من «تمرّد» على القرار، كمدير المجمع التربوي في مدينة المالكية وإداريين وموجهين آخرين فكان مصيرهم الاعتقال. «المعتقلون» أجروا استفتاءً بيّن أن ثلاثة طلاب فقط في المدينة أيدوا المنهج الجديد، استناداً الى مصدر في مديرية التربية.

منهج كردي في تل أبيض

تطبيق المنهج الجديد عُدّ أمراً سهلاً في عين العرب وعفرين وتل أبيض، نظراً إلى غياب الحكومة السورية. من الصف الأوّل حتى الخامس يُدرس المنهج باللّغة الكردية، ومن الصف السادس حتى الثاني ثانوي يُدرس منهج وزارة التربية، مع استبدال كتاب القومية بكتاب «الأمة الديموقراطية»، كما أنه مُنع تدريس تاريخ العرب.
«الصراع» بين الحكومة السورية و«الإدارة الذاتية» اللتين تُصرّ كلّ منهما على تطبيق منهجها، يبدو أنه سينعكس سلباً على مستقبل التعليم في مناطق سيطرة الأكراد. هذا مع العلم بأن الحكومة لا تزال تتكفّل بتجهيز المدارس وصيانتها، وتأمين الكتب مجاناً في تلك المناطق، إضافة الى تأمين رواتب العاملين في قطاع التربية، بمن فيهم بعض العاملين في هيئة التعليم في الإدارة الذاتية، والحكومة هي الجهة الوحيدة التي تتعاون معها المنظمات الدولية لتطوير التعليم.