الحكومة تواصل سياسة خفض عجزها عبر زيادة عجز المواطنينمحمد زبيب
أظهرت نتائج المالية العامة، التي أعلنتها وزارة المال أمس، أن العجز المالي الإجمالي المحقق في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام بلغ نحو 2122 مليار ليرة، بزيادة 72 مليار ليرة فقط عن الفترة نفسها من العام الماضي، إلا أن نسبة هذا العجز قياساً إلى النفقات تراجعت من 33.56% إلى 29.14% بسبب ارتفاع الإيرادات الإجمالية بنسبة 27.18% في مقابل ارتفاع النفقات الإجمالية بنسبة أقل (19.23%).

مصادر زيادة الإيرادات

وبالاستناد إلى تقرير وزارة المال، فإن الإيرادات الإجمالية بلغت حتى أيار الماضي 5161 مليار ليرة بالمقارنة مع 4058 مليار ليرة في الفترة نفسها من العام الماضي، أي إن الإيرادات ازدادت بقيمة 1103 مليارات ليرة، وجاءت هذه الزيادة أساساً من الرسوم التي فرضتها الحكومة على البنزين اعتباراً من نهاية العام الماضي (الرسم الثابت من دون الضريبة على القيمة المضافة يبلغ 9530 ليرة على كل صفيحة)، فقد بلغت إيرادات الخزينة من هذه الرسوم نحو 407 مليارات و649 مليون ليرة بزيادة نسبتها 8010.8% عن العام الماضي عندما كانت هذه الإيرادات لا تتجاوز قيمتها 5 مليارات و26 مليون ليرة فقط! وإذا استمرت الحكومة بفرض هذه الرسوم من دون الاستجابة للمطالب الشعبية بإلغائها، فقد تبلغ حتى نهاية هذا العام حوالى 1000 مليار ليرة، أي أكثر بـ 250 مليار ليرة مما تستهدفه الحكومة في مشروع موازنتها لعام 2009 الذي توقّع جباية 750 مليار ليرة.
وجاءت بقية الزيادة في الإيرادات من عائدات الاتصالات التي ارتفعت بقيمة 208 مليارات و363 مليون ليرة أو ما نسبته 28.4% من 732 ملياراً و475 مليون ليرة إلى 940 ملياراً و838 مليون ليرة، والضريبة على القيمة المضافة التي ارتفعت بقيمة 186 ملياراً و743 مليون ليرة أو ما نسبته 18.38% من 1015 ملياراً و875 مليون ليرة إلى 1202 مليار و618 مليون ليرة... فضلاً عن زيادات أخرى في عائدات الجمارك والمطار وضرائب أخرى.
وبحساب بسيط يظهر أن زيادة الرسوم الجائرة على البنزين ساهمت في تجميل حسابات المالية العامّة بما يتلاءم مع برنامج «ايبكا» المبرم مع صندوق النقد الدولي، والذي يمثّل «الوصاية» الدولية المفروضة على لبنان بعد اجتماع باريس ـــ 3، ولولا هذه الرسوم لكان العجز سيبلغ 2524 مليار ليرة، وما نسبته 34.66% بسبب حتمية تراجع الإيرادات إلى 4759 مليار ليرة بدلاً من 5161 مليار ليرة محققة.

الاستدانة فوق الحاجة

وقال تقرير وزارة المال إن إجمالي الإنفاق (الموازنة والخزينة) بلغ لغاية شهر أيار الماضي نحو 7283 مليار ليرة، بالمقارنة مع 6108 مليارات ليرة في الفترة نفسها من العام الماضي، الأمر الذي يعكس ارتفاعاً في حجم الإنفاق الإجمالي قدره نحو 1175 مليار ليرة، ويعود ذلك إلى أسباب عدة، بحسب الوزارة، أهمها ارتفاع تسديد فوائد الديون بمبلغ يقارب 312 مليار ليرة، وارتفاع الإنفاق على كهرباء لبنان بمبلغ يقارب 353 مليار ليرة.
والمعروف أن الحكومة ومصرف لبنان قاما بامتصاص السيولة بالليرة اللبنانية عبر إصدار سندات دين بقيمة تتجاوز حاجات التمويل الفعلية، ما أدى إلى تراكم نحو 2500 مليار ليرة في حساب الخزينة تُدفع عليها الفوائد، كما تجدر الإشارة إلى أن ارتفاع قيمة التحويلات إلى مؤسسة كهرباء لبنان لا يعكس واقع المؤسسة حالياً، إذ إن الخزينة سدّدت في الأشهر الأولى من هذا العام ثمن المحروقات المستحق للكويت والجزائر عن النصف الثاني من العام الماضي، أي عندما كانت أسعار المحروقات عند أعلى مستوياتها، وما يؤكد ذلك أن التحويلات للمؤسسة في شهر أيار وحده، بالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، تراجعت من 240 ملياراً و371 مليون ليرة إلى 147 ملياراً و126 مليون ليرة.

الفائض الأولي

ويتباهى تقرير وزارة المال بتحقيق فائض أولي إجمالي بقيمة 344 مليار ليرة، أي ما نسبته 4.72% من مجمل مجموع النفقات، وبارتفاع 95 مليار ليرة عن الفترة نفسها من العام الماضي، علماً بأن الفائض الأولي يتم احتسابه على أساس النفقات الإجمالية من دون خدمة الدين العام (2466 مليار ليرة)، وقد بلغت 4817 مليار ليرة، في مقابل إيرادات إجمالية بلغت 5161 مليار ليرة، ويعبّر هذا الفائض عن حقيقة مرّة تتمثّل بأن الحكومة تأخذ من المواطنين (إيرادات) أكثر مما تعيد توزيعه عليهم (الإنفاق العام).
وتسعى الحكومة إلى زيادة الفائض الأولي بنسبة كبيرة عبر زيادة الرسوم والضرائب وخفض الكثير من بنود الإنفاق، ما يهدِّد بتدمير الإدارة العامّة وتفريغ المؤسسات من قدراتها على الإيفاء بالتزاماتها، وبالتالي فرض المزيد من التراجع في نوعية الخدمات الموجّهة إلى المواطنين.
وتطرح الحكومة في برنامجها المسمى «برنامج باريس ـــــ3» زيادة الضريبة على القيمة المضافة إلى 15% وزيادة رسوم البنزين إلى 12 ألف ليرة على الصفيحة وزيادة تعرفة الكهرباء وخصخصة الكثير من المؤسسات والمرافق العامّة.


1462 مليار ليرة

هي كلفة خدمة الدين العام المحرر بالليرة حتى أيار الماضي، بزيادة 25.02% وذلك بسبب سياسة امتصاص السيولة الفائضة بالعملة الوطنية.

105.65 في المئة

هي نسبة ارتفاع الإيرادات الجمركية في الأشهر الخمسة الأولى، ومن ضمنها إيرادات رسوم البنزين التي ارتفعت بنسبة 8010.8%.