شهد العراق، أمس، هدنة سياسية وأمنية عقب الموجة الدموية التي رافقت إعادة انتشار قوات الاحتلال في مواقعها في بلاد الرافدين. هدنة لم تمنع السيد مقتدى الصدر من إعلان موقف مشروط من «الانسحاب»، بينما عاد همّ توسيع إقليم كردستان إلى تصدّر مواضيع الساعة
بغداد ـــ الأخبار
شكّك زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، أمس، بجدية القوات الأميركية في الانسحاب من المدن العراقية. وقال الصدر، في بيان تلاه المتحدث باسمه الشيخ صلاح العبيدي، إن الانسحاب «إن كان حقيقياً، فهو وسام شرف وصفحة مضيئة في تاريخ المقاومة العراقية الشريفة التي كانت وما زالت ترخص الغالي والنفيس لتحرير شعبها وخدمته، أما إذا كان صورياً فإننا نطالب الحكومة بالالتزام بمواعيدها ومواثيقها التي قطعتها للشعب العراقي بإنهاء الوجود الأجنبي». وحذّر الصدر من أنّ الحكومة، إن لم تلتزم بتعهّداتها، فستكون مرتكبة «خيانة عظمى بحق الشعب العراقي والمراجع والعلماء الأعلام ولدماء الشهداء والمعذبين في السجون، وهي بيع للأراضي العراقية ووحدتها واستقلالها وسيادتها».
وظهر التقويم السلبي لإعلان إتمام انسحاب الاحتلال من المدن، عندما رأى الصدر أنّ «ما صرّح به بعض المسؤولين عن بقاء قوات أميركية صغيرة في المدن، إنما يكشف عن عدم جدية الحكومة والاحتلال في الانسحاب والجدولة الفعلية».
وطالب الصدر «المقاومين الشرفاء»، بالابتعاد عن القرى والأرياف والقصبات، مشيراً إلى أنّ «المقاومين الشرفاء سيكونون على قدر المسؤولية كما عهدناهم، بأن يستمروا بابتعادهم عن المدن والبلدات والقرى والأرياف والقصبات وغيرها، في مقاومتهم للمحتل». ورأى أنه إذا خرقت قوات الاحتلال «وجيوش الظلام» ذلك الانسحاب المُدّعى من المدن، ولو بغطاء من الحكومة، «يحق للشعب العراقي حينها التعبير عن رأيه بالطرق السلمية، وكذا الدفاع عن النفس بما لا يمس الشعب العراقي والقوات الأمنية بضرر».
ولفت الصدر إلى نقطة مركزية، هي «شمول الانسحاب من جميع القرى المحتلة من جيوش واستخبارات وميليشيات وشركات أمنية وغير ذلك»، وإلا فإن الانسحاب سيكون «ناقصاً وغير مجد، حيث إننا نريد انسحاباً وعدم تدخل الاحتلال بالشؤون العراقية من جميع النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقضائية والوزارية، لا العسكرية فقط».
ونفى العبيدي وجود قناة للتفاوض بين التيار الصدري والقوات الأميركية، لأن التيار «لا يرضى أن يفتح أي قناة أو يجلس مع الاحتلال، وما ورد في وسائل الإعلام بشأن هذا الموضوع مجرد شائعات».
وفي ردود الفعل على الانسحاب أيضاً، قال هاشم الطائي، من جبهة التوافق العراقية، إن «الانسحاب شيء طيّب للغاية في طريق الاستقلال والسيادة، وإن العراقيين سعداء بذلك». ولكنه أضاف أنه يخشى من انعدام الأمن. وأضاف أنه «قبل شهور قليلة كان الوزراء يقولون إن القوات العراقية غير جاهزة.. فما الذي تغيّر؟»
على صعيد آخر، نفى ديوان رئاسة إقليم كردستان العراق، ما تناقلته بعض وسائل الأعلام عن «تنازل» رئيس الإقليم مسعود البرزاني عن «بعض المناطق الكردستانية»، وإجراء تغييرات في الخريطة الجغرافية التي رسمها الأكراد للإقليم.
وقال مصدر في ديوان رئاسة الإقليم: «إننا، إزاء هذه الأنباء الملفقة، نعلن إيجاد حل لمسألة حدود إقليم كردستان ضمن إطار المادة 140 من الدستور الدائم للعراق الفدرالي، وستحدد مناطق الإقليم بحسب تلك المادة». وأشار المصدر إلى أن البرزاني «لن يتنازل عن شبر من أرض إقليم كردستان»، وهو «لا يريد السيطرة على شبر من أي منطقة غير كردستانية».