حلّ الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، أمس، ضيف شرف على المؤتمر الثالث للأديان السماوية والعالمية، في زيارة تتخطى طابعها الروحاني في بلد يعد احتياطها من اليورانيوم ربع احتياط العالم
موسكو ــ حبيب فوعاني
يشارك أكثر من 60 وفداً، خلال يومين، في المؤتمر الثالث لزعماء الأديان السماوية والعالمية في العاصمة الكازاخستانية أستانا، تحت شعار التسامح الديني والتعاون. وإضافة إلى ضيف الشرف الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، يحضر المؤتمر نائب الأمين العام للأمم المتحدة سيرغي أورجينيكيدزه، والأمين العام لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي مارك بيرين دي بريشامبو، ووزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس، ورئيس مجلس الشورى السعودي الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، ووفوداً من الكويت ومصر وإيران وتركيا وإندونيسيا والإمارات وليبيا وباكستان.
ووصل إلى أستانا على متن طائرة إماراتية خاصة شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي، على الرغم من الجدل الواسع الذي تثيره هذه المشاركة بين المصريين لحضور بيريز المؤتمر بوفد يضم الحاخامين الأكبرين في إسرائيل لافتتاح كنيس جديد لعشرة آلاف يهودي يعيشون في كازاخستان.
وقال بيريز، في خطابه أمام المؤتمرين، إن الدول العربية تبنّت كلمة «نعم» بدلاً من كلمة «لا»، مستذكراً بذلك ثلاث «لاءات» أعلنت في قمة الخرطوم بعد النكسة أي «لا للمفاوضات مع إسرائيل، ولا للاعتراف بها، ولا للسلام معها».
ودعا الرئيس الإسرائيلي الملك السعودي عبد الله إلى لقائه لمناقشة مبادرة السلام العربية في «القدس أو الرياض، ولربما الحضور لهذا الغرض إلى كازاخستان أو بلد آخر».
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن بيريز طالب في خطابه «بفصل الدين عن الإرهاب»، مشيراً إلى أن رد إسرائيل على المتطرفين يتمثّل في تبنّي مبادرات السلام. ودعا كازاخستان إلى عدم تزويد طهران باليورانيوم،.
يشار إلى أن شركة «سابيتون ليميتيد» الإسرائيلية اشترت أكبر مجمع لمعالجة اليورانيوم الخام في العالم في كازاخستان عام 1999، ما يؤهّل إسرائيل لكي تصبح لاعباً مهماً في سوق اليورانيوم الدولية.
وحمل بيريز في خطابه على «القاعدة» و«حزب الله» قائلاً: «ثمة من يعبد آلهة آخرين يجيزون لهم ارتكاب المجازر ويحرضون أتباعهم على الدعوة إلى القتل والكذب والدمار».
تجدر الإشارة إلى أن أعضاء الوفد الإيراني المشارك في المؤتمر غادروا القاعة لدى قيام الرئيس الإسرائيلي بإلقاء كلمته، باعتباره «شخصية غير دينية تجسّد العنف».
بدوره، رفع الحاخام الأكبر لإسرائيل، يونا متسجر، خلال كلمته، صورة للجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شليط، مطالباً المجتمعين بمساعدته على مقابلته.
وكان بيريز قد أجرى محادثات، أول من أمس، مع نظيره الكازاخي نور سلطان نزارباييف. وأكد خلال اللقاء أن كازاخستان تستطيع أداء دور مهم في تسوية نزاع الشرق الأوسط.
بدوره، أكد نزارباييف أن قضية التسوية في الشرق الأوسط تعتبر مفتاحاً للسلام في المنطقة كلها. وشدد على أن أي نزاع يجب أن يحل بطرق سلمية وعن طريق المفاوضات. ورأى في إسرائيل «شريكاً مهماً»، منوّهاً بأن التبادل التجاري بين الدولتين تضاعف ليصل عام 2008 إلى مليارين ونصف المليار دولار. وأكد أن بلاده لم تبع اليورانيوم الغنية به إلى أي دولة في العالم، ولن تبيعه إلى إيران، التي تمتلك كازاخستان حسب رأيه علاقات جيدة معها.
وكان بيريز قد وصل إلى أستانا من العاصمة الآذربيجانية باكو، حيث استقبلته تظاهرات الاحتجاج، وبعد إلغاء زيارته إلى أوزبكستان خوفاً من ردة فعل قاسية من جانب الحركات الأصولية الدينية القوية هناك.
وجاء بيريز إلى أستانا وسط حراسة مشددة، على رأس وفد كبير يضم وزير الصناعة والتجارة والعمل بنيامين بن أليعازر، ووزير البنى التحتية عوزي لانداو، ووزير العلوم والثقافة والرياضة دانييل هيرشكوفيتز، والأمين العام لوزارة الدفاع بينشاس بوهريس، ومجموعة من كبار المسؤولين في مجال التصنيع العسكري و60 من كبار رجال الأعمال ومديري الشركات الإسرائيلية الكبرى.
وإضافة إلى التعاون الاستثماري والاقتصادي والفضائي والزراعي، هناك تعاون حثيث بين تل أبيب وأستانا في مجال التصنيع العسكري، رغم التوتر الذي شاب العلاقات بين البلدين إثر صفقة أسلحة إسرائيلية فاسدة بلغت قيمتها 190 مليون دولار بيعت لكازاخستان أخيراً.
وتجدر الإشارة إلى أن كل هذه الأحداث والتطورات تجري وسط غياب عربي سياسي واقتصادي شبه كامل في منطقة آسيا الوسطى وجنوب القوقاز.