لم تكد خلافات المؤتمر السادس لـ«فتح» تهدأ بعد اللقاء الأخير للمجلس المركزي للحركة في عمّان، الذي شهد مصالحة الرئيس محمود عبّاس وفاروق القدومي، حتى عادت لتشتعل على خلفية انعقاد المؤتمر في الداخل
محمد سعيد
هدد أمين سر اللجنة المركزية لـ«فتح»، فاروق القدومي (أبو اللطف)، بعقد مؤتمر موازٍ للحركة في الخارج، إذا عقد من سمّاهم «جماعة السلطة» المؤتمر السادس للحركة في بيت لحم، مشيراً إلى أن مؤتمره سيحمل الاسم نفسه. وقال القدومي، في مقابلة مع «الأخبار»، إن قرار المجلس الثوري للحركة الذي صدر عقب اجتماعه في رام الله في النصف الثاني من شهر حزيران الماضي بعقد المؤتمر العام السادس للحركة في بيت لحم يوم الرابع من آب المقبل ليس ملزماً، وهو ليس سوى توصية ترفع للجنة المركزية، التي لها وحدها صلاحية بتّ زمان عقد المؤتمر ومكانه، وهو ما جرى الاتفاق عليه في اجتماع اللجنة المركزية في عمان في شهر حزيران الماضي.
وقال القدومي، الذي يتولى أيضاً رئاسة الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إنه خلال اجتماع عمان، جرى اقتراح عقد المؤتمر في غزة في حال التوصل إلى اتفاق بشأن المصالحة الفلسطينية وفق الخطة المصرية في السابع من تموز الجاري، وهو ما جرى إرجاؤه، الأمر الذي يعدّ في مصلحة المؤيدين لعقد المؤتمر العام السادس في بيت لحم.
وكان القدومي وعضوي اللجنة المركزية للحركة نصر يوسف ومحمد جهاد قد طعنوا في قانونية اجتماع المجلس الثوري للحركة في رام الله، لأن اللجنة المركزية لم تتفق على عقده هناك، فيما جرى إنهاء مهمات اللجنة التحضيرية العليا والموسّعة للمؤتمر العام السادس من دون إعلان.
وقال أبو اللطف إن «المجلس الثوري، الذي يجتمع في الأرض المحتلة، يفقد حصانته بسبب وجوده داخل الأراضي المحتلة كما هي الحال مع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، كذلك فإن اجتماعات المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير تعدّ باطلة إذا عقدت تحت حراب الاحتلال الإسرائيلي». وأشار إلى أن «رئاسة السلطة الفلسطينية، بما تملك من نفوذ إداري ومالي، أمرت المجلس الثوري بالانعقاد في رام الله من دون موافقة اللجنة المركزية». وقال إن «صلاحيات أبو مازن تنطلق من موقعه كرئيس للسلطة الفلسطينية وعضويته في اللجنة المركزية لحركة فتح ولا تخوّله التفرد باتخاذ قرارات تتعلق بحركة فتح». وأضاف «لقد اخترع أبو مازن لنفسه منصب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية، وهو منصب كان ياسر عرفات يتولّاه عندما كانت هناك قوات للثورة الفلسطينية في لبنان وسوريا وحتى في المنافي بعد الخروج من لبنان، ولكن لم يعد الآن وجود لمثل هذه القوات، بل هناك فقط قوات أمن السلطة». وتابع «كما استحصل أبو مازن من المجلس المركزي في رام الله على لقب رئيس دولة فلسطين وهو ليس من صلاحية المجلس المركزي بل من صلاحية المجلس الوطني».
وتقول مصادر فلسطينية مطلعة مقربة من القدومي إنه يبدو أنّه تلقى وعوداً من الجزائر بالموافقة على عقد المؤتمر في أراضيها، إذ كان قد اجتمع يوم الاثنين الماضي مع السفير الجزائري لدى تونس، يوسف يوسفي، وجرى بحث الوضع الفلسطيني وعقد المؤتمر السادس في الجزائر. وأكدت هذه المصادر أن أبو اللطف كان قد تلقّى موافقة من سوريا لعقد المؤتمر في دمشق.
ويسود اعتقاد داخل فتح بقدرة أبو مازن وأنصاره على جمع ما يمكن اعتباره نصاباً مقبولاً من عضوية المؤتمر، الذي يتوقع أن يغيب عنه مندوبو أقاليم قطاع غزة وبعض مندوبي أقاليم الضفة الغربية والخارج، الأمر الذي يدفع أبو اللطف إلى القول إن المؤتمر سينحصر في غالبيته بوجود من سمّاهم «أهل أوسلو»، الذين قال إنهم «سوف يُعزلون ويسقطون في النهاية».
وترى مصادر مطلعة أن انعقاد مؤتمرين للحركة يحملان الاسم نفسه يعني «انقسام حركة «فتح» إلى حركة تناضل انطلاقاً من الخارج وحركة تحوّلت إلى حزب للسلطة تتساوق مع الاحتلال».
ويقوم مكتب التعبئة والتنظيم المركزي في حركة «فتح»، قبل إغلاقه نهائياً في تونس، بتوزيع نماذج على أعضاء المؤتمر العام السادس لتعبئتها بتقديم معلومات شاملة عن العضو، إذ تصر على ضرورة تقديم الاسم الرباعي الكامل للعضو وصور وثيقة أو جواز السفر التي يحملها ومكان وتاريخ الولادة من أجل تقديمها إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي لنيل موافقتها المسبقة على دخول أعضاء المؤتمر إلى الأراضي المحتلة، الأمر الذي يعدّه معارضو عقد المؤتمر في داخل الأراضي المحتلة «عملية تقديم كشوف مفصلة بأعضاء الحركة والمؤتمر إلى سلطات العدو».