كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية أمس عن أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تتبنى مبدأ تقديم العرب تنازلات جديدة في مقابل موافقة إسرائيل على تجميد البناء في المستوطنات، التي لا تزال تشكك بجدية العرض الأميركي والتزام العرب به
علي حيدر
ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الولايات المتحدة تعتزم اقتراح بادرتين على إسرائيل، في مقابل تجميد البناء في المستوطنات، الأولى التزام دول عربية معيّنة، لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، بالسماح للطائرات الإسرائيلية بالتحليق في أجوائها، الأمر الذي سيتيح تقليص مدة سفر الرحلات الجوية الإسرائيلية إلى الشرق الأقصى جدياً. ولفتت الصحيفة إلى أن الدول التي تقع في مسار هذه الرحلات الجوية هي السعودية والعراق ودول الخليج العربي.
والاقتراح الثاني هو موافقة عدد من دول الخليج وشمال أفريقيا على إعادة فتح مكاتب المصالح التجارية الإسرائيلية، التي بادرت إلى إغلاقها في السنوات الأخيرة. ويُشار في هذا السياق إلى أن مثل هذه المكاتب كانت موجودة في المغرب وتونس وعمان وقطر.
ونقلت الصحيفة عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن مسألة المقابل الذي ستحصل عليه إسرائيل لقاء تجميد البناء في المستوطنات كانت قد طرحت خلال لقاء وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك مع المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل. كذلك طُرحت هذه المسألة في لقاءات أخرى جرت بين كبار المسؤولين الإسرائيليين ومسؤولين كبار في البيت الأبيض.
وتابعت الصحيفة تقول إن «إسرائيل أُبلغت صراحة أن الإدارة الأميركية نجحت في الحصول على تعهدات أولية من دول عربية معينة، لتنفيذ هذه المقترحات، كخطوات أولى في إطار التسوية السياسية الشاملة». إلا أن المصادر الأميركية صرّحت بأن الولايات المتحدة لا تنوي عرض هذه المقترحات رسمياً ما لم تتخذ إسرائيل خطوات عملية لتجميد البناء في المستوطنات.
وأشارت «يديعوت» إلى أن ميتشل أبلغ باراك أن أوباما لم يمنحه تفويضاً للتوصل إلى حل وسط بشأن تجميد البناء في المستوطنات، وأن الطلب الوحيد الذي يبدي الأميركيون استعداداً لسماعه هو استكمال البناء في بضع مئات من المباني التي باتت هياكلها قائمة. رغم ذلك ذكرت الصحيفة أن الإسرائيليين يبدون شكوكاً في جدية العرض الأميركي بسبب الرفض السعودي في السابق لمطلب إسرائيل التحليق فوق أراضيها.
ومساءً، كشف «مصدر مسؤول» في القدس المحتلة، أن باراك وميتشل سيعاودان اللقاء الأسبوع المقبل في العاصمة البريطانية لندن، لـ«محاولة إنهاء الخلاف حول المستوطنات» في الضفة الغربية المحتلة.
وفي السياق، ذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» أن التقديرات في إسرائيل تشير إلى عدم وجود ضمانات بأن العالم العربي سيتحرك باتجاه التطبيع مع الدولة العبرية في مقابل إعلانها تجميد الاستيطان. وأضافت أن التقديرات تفيد بأن دول الخليج وشمال أفريقيا العربية لا يحتمل أن تقوم بخطوات ذات مغزى، ما لم تقم السعودية بذلك أولاً، التي قدمت لفتتها تجاه إسرائيل من خلال المبادرة العربية. إلا أن الصحيفة أضافت أن الرئيس الأميركي لا يزال يعتقد أنّ بالإمكان إقناع السعوديين بالتحرك في مسألة التطبيع.
إلى ذلك، انتقد وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان تصريحات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي قالت إن استمرار أعمال البناء في المستوطنات يمثّل خطراً على السلام في الشرق الأوسط. وقال، خلال اجتماع لمؤيديه من العرب في منزل عضو الكنيست عن حزب «إسرائيل بيتنا» حامد عمار في مدينة شفاعمرو: «أنا أتساءل، هل على خلفية ما جرى اليوم في كوريا الشمالية التي أطلقت صواريخ مجدداً على الرغم من التهديدات وعقوبات المجتمع الدولي ينبغي الاستمرار في الانهماك ببناء بيت في (مستوطنات) يتسهار وتقوع وبيت إيل». وتابع: «هل على خلفية الأحداث في طهران يجب أن يكون هذا (الاهتمام بتجميد الاستيطان) في رأس سلم أولويات المجتمع
الدولي؟».
وأضاف ليبرمان: «يجب إعادة الأمور إلى تناسبها والتوضيح أولاً لأصدقاء إسرائيل الحقيقيين، سواء الولايات المتحدة أو ألمانيا وللمستشارة ميركل أنه لا يمكن خنق هؤلاء الناس». وأكد أن هذه الحكومة «تريد التقدم نحو نهاية الصراع وتريد طرح حلول ولا تخشى تحمّل المسؤولية»، موضحاً أن «المسؤولية لا تعني طوال الوقت التنازل». وشدد على أنه سواء قبل الانتخابات أو بعدها «قلنا إنه ستكون هناك مفاوضات، لا أن نعطي تنازلات لا تؤدي بالضرورة إلى نتائج».
إلى ذلك، رأى كبير مستشاري رئيس الوزراء السابق آرييل شارون، دوف فايسغلاس، خلال مقابلة مع صحيفة «جيروزاليم بوست»، أن نتنياهو أخطأ عندما لم يعلن تأييده لخريطة الطريق التي تستهدف إقامة دولة فلسطينية، وبرر موقفه بكون ذلك قد يدفع إدارة أوباما إلى السعي لفرض اتفاق نهائي يكون إشكالياً بالنسبة إلى إسرائيل.


أوّل زيارة بحرينية لإسرائيل

تسلمت بعثة بحرينية في مطار بن غوريون الإسرائيلي مواطنين بحرينيين احتجزتهم إسرائيل بعدما أجبرت سفينتهم «روح الإنسانية»، التي كانت متوجهة إلى غزة حاملة مساعدات، على التوجه إلى ميناء أسدود، ما يمثّل أول زيارة معلنة لمسؤولين بحرينيين للدولة العبرية غير المعترف بها من المملكة. وقالت وكالة أنباء البحرين الرسمية أمس إن وزارة الخارجية أجرت اتصالات بعدد من المنظمات والأطراف الدولية «والدول الشقيقة والصديقة لضمان الإفراج عن المواطنين المحتجزين في إسرائيل. وقد أدّت الاتصالات إلى موافقة السلطات الإسرائيلية على تسليم المحتجزين البحرينيين لممثلين عن مملكة البحرين». وأضافت أنه «على أثر ذلك، أرسلت وزارة الخارجية بالتعاون مع وزارة الداخلية بعثة إلى مطار بن غوريون (في تل أبيب) لتسلم المواطنين البحرينيين المحتجزين». وتابع المصدر ذاته قائلاً: «وقد تسلّمت البعثة المواطنين المحتجزين من السلطات الإسرائيلية وهم بخير وفي صحة طيبة».
تجدر الإشارة إلى أن مملكة البحرين لا تعترف بإسرائيل مع أنها تقيم معها اتصالات سياسية رغم المعارضة التي تلقاها مثل هذه الاتصالات في البلاد. وقد سبق لولي عهد البحرين الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة أن التقى مسؤولين إسرائيليين خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في 2000 و2003، فيما التقى وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة عام 2007 نظيرته الإسرائيلية حينها، تسيبي ليفني، في الأمم المتحدة.
(يو بي آي، أ ف ب)