حسام كنفانيلم يكن التعثّر في مسار المصالحة الفلسطينية وارداً وفق الخطة المصريّة، ولا سيما أن القيادة المصريّة كانت استبقت الاجتماع الأخير بين «فتح» و«حماس» بلقاءات ثنائيّة مع مسؤولي كل فصيل، فكانت زيارة رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، خالد مشعل، إلى القاهرة بعد طول انقطاع.
لقاءات مشعل مع المسؤولين المصريّين، ولا سيما مع مدير الاستخبارات اللواء عمر سليمان، كان من المفترض أن تمهّد الطريق لتفاهم على تفاصيل الخطة المصريّة، وهو ما قطع شوطاً كبيراً في الأيام السابقة لعقد الجولة السادسة من الحوار بين «فتح» و«حماس».
غير أن مطالب جديدة ظهرت إلى السطح بعد لقاء سليمان ـــــ مشعل. مطالب يبدو أن مصدرها نواب الحركة الإسلامية في الضفة الغربية، الذين بعثوا «مذكّرة تحفّظات» إلى قيادة المكتب السياسي في دمشق.
رسالة التحفّظات، التي حصلت «الأخبار» على نسخة منها، تضع جملة من الاعتراضات التي يبدو أنه كان لها دور في إطاحة الجلسة الحواريّة السادسة، إذ إن الاحتجاج الأوّل في الرسالة كان على التركير المصري على غزّة من دون الضفة الغربية، وهو ما يفسّر تمسّك ممثلي «حماس» بحلّ مسألة الاعتقالات في الضفة قبل المضيّ قدماً في اتفاق «إنهاء الانقسام».
غير أن رسالة النواب لم تقف عند حدود الاهتمام بالضفة، بل حملت جملة من المطالب والتحذيرات، لو تبنّاها المكتب السياسي للحركة فمن شأنها أن تنسف الحوار من أساسه. فقد حذّر النواب «من القبول بقضية الذهاب إلى الانتخابات من دون إصلاح الأجهزة الأمنية أو من دون تنفيذ بقية بنود الاتفاق الشامل، وخصوصاً منظمة التحرير أو أن تكون عملية الإصلاح في غزة فقط وإرجاء عملية الإصلاح لأجهزة الضفة إلى ما بعد الانتخابات»، وهو ما تنص عليه الورقة المصرية، إذ ترحّل الخلافات كلها إلى لجنة فرعية، وتكتفي بـ«تجربة» إصلاح للأجهزة الأمنية، ساحتها قطاع غزة فقط.
كذلك حذّرت الرسالة من تأجيل ملف المصالحات الداخلية، وأن يُكتفى بإنجار 10 إلى 15 في المئة من الملف، ويترك الباقي للجنة عربيّة لإكمال الموضوع، وهو أيضاً ما تنص عليه الورقة المصريّة.
ولم توفّر ملاحظات نوّاب الضفّة للجنة المشتركة التي ستشرف على عملية الانتخابات والإعمار من خلال التنسيق مع الحكومتين في الضفة وغزة، فشدّدت على ضرورة «أخذ تفويض للجنة من المجلس التشريعي، من دون أن تأخذ حكومة فياض ذلك»، وعلى ضرورة الاتفاق على «وصفها الوظيفي وصلاحياتها وتركيبتها ومرجعيتها». كذلك طالبت بضمانات بعد اعتقال ممثّلي «حماس» في اللجنة من قبل الإسرائيليين أو السلطة في الضفة في حال تعثّر الحوار.
وتساءلت الرسالة ما إذا كان سيتم «الحصول على اعتراف دولي باللجنة أم ستكون أدنى بالمستوى عملياً من حكومة سلام فياض، وبالتالي لا قيمة للقرارات التي لا تعجب فياض أو أبو مازن؟».
الأبرز في الرسالة كان الملاحظات على موعد الانتخابات، إذ تضمنت جملة من المقترحات تصب في خانة تأجيل الانتخابات. ويقول النواب في رسالتهم «واضح جداً لنا (على الأقل) أن أوضاعنا في الضفة الغربية لا تسمح بالانتخابات، ونعتقد أن هناك حاجة لفترة زمنية (سنتان على الأقل) بعد المصالحة وعودة الحريات والنشاطات والمؤسسات، وذلك لنتمكن من إعادة بناء الداخل والتحضير النفسي والمادي للانتخابات».
وللتنصّل من إعلان ممثلي «حماس» في جلسات الحوار التزامهم بـ 24 كانون الثاني المقبل موعداً للانتخابات التشريعية والرئاسيّة، اقترح نواب الضفة «ربط حدوث الانتخابات في الوقت ذاته الذي تتم فيه انتخابات المجلس الوطني (التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية) في أماكن الوجود المختلفة، وأن يتم الحصول على موافقة الدول المضيفة مسبقاً. كذلك لا بد من ربط الموعد بتحقق ظروف ميدانية موضوعية مناسبة تمكّن من إجراء انتخابات نزيهة». ورأت رسالة النواب أنه «بذلك نستطيع أن نضمن تأخّر موعد الانتخابات»، مشيرة إلى الحاجة «للتمديد لأبو مازن مرة أخرى». وشدّدت على أنه «لا بد من التأكيد أن الانتخابات ستجرى في القدس في الوقت ذاته وبحرية كاملة.
الأخطر في رسالة النواب كان «اقتراح استراتيجي» يقضي بتقسيم «الكل الفلسطيني إلى ثلاثة أقاليم هي: الضفة الغربية وغزة والخارج»، وذلك بعد تعديل القانون الأساسي للسلطة، على أن يكون لكل إقليم «مجلسه التشريعي ومجلسه التنفيذي، وتكون منظمة التحرير هي المسؤول العام وتهتم بملفات تتعلق بالخارجية والعلاقات واللاجئين»، أي ترسيخ نظام كونفدرالي مثلّث الأطراف. ورأى النواب أن «أهم ما يميز هذا الاقتراح أنه يعطينا مرونة القرار والممارسة في ما يتعلق بالمشاركة في الحكم والانتخابات وغيرها، بحيث يمكن أن يكون القرار باتجاه معين في موقع ما وغير ذلك في موقع آخر».