قرار مجلس الوزراء لا يعنينا إلا إذا اقترن بالتمويل أو زيادة الاشتراكات

محمد وهبة
للمرة الرابعة ناقش مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أمس قرار مجلس الوزراء القاضي بتوحيد التعرفات الاستشفائية ونظام البدل المقطوع للأعمال الجراحية من دون أن يصدر أي قرار لاعتمادها أو إهمالها، فالنقاش متواصل في المجلس منذ تبلّغه القرار الصادر في 17 آذار 2009، وقد عُرضت آراء ممثلي العمال وأصحاب العمل والدولة وسلطة الوصاية وأخيراً اللجنة الفنية في الصندوق، لكن أعضاءً في المجلس أوضحوا أن التوجه هو إلى تبنّي توصيات اللجنة الفنية في الجلسة المقبلة الخميس، التي ترفض بوضوح قرار مجلس الوزراء إذ تقول: «لديه صفة التوصية الملزمة معنوياً... ويجب الأخذ بمبتغاها الوطني وإقرارها بما يتناسب مع وضع الصندوق المالي».
ومصلحة الصندوق واضحة وهي مذكورة في نقاشات جلسات المجلس الأربعة، وأبرز خلاصتها أن القرار الذي يتضمن زيادة التعرفات للإقامة في غرفة عادية في المستشفى وبعض الأعمال الطبيّة يرتّب كلفة إضافية على الصندوق تتجاوز 100 مليار ليرة، فيما الضمان يعاني عجزاً مالياً متراكماً يتجاوز 600 مليار ليرة، وهي أموال سحبت بطريقة مخالفة للقانون من أموال فرع نهاية الخدمة، أي إن كلفة القرار ستزيد العجز البنيوي المتراكم بنسبة 16.6 في المئة، وربما ستكرّس السحوبات غير الشرعية من أموال نهاية الخدمة.
وكان القرار وتداعياته «الخطيرة» على التوازن المالي في الصندوق، قد استدعى نقاشاً مستمراً منذ نيسان إلى اليوم، وتضمنت النقاشات أكثر من رأي متصل بطبيعة قرار مجلس الوزراء ومدى كونه ملزماً أو منسجماً مع قانون الضمان. وتكشف مداولات الأعضاء عن وجود أكثر من اقتراح للتعامل مع هذا البند المطروح على جدول الأعمال منذ أشهر. ففي 27 نيسان نوقش الموضوع للمرة الأولى بعدما رفع المدير العام للصندوق محمد كركي كتاباً إلى المجلس يتضمن قرار مجلس الوزراء مرفقاً بتوصيات اللجنة الاستشارية الطبية العليا التي درست الموضوع نفسه، وكلفة المشروع على الصندوق، مقترحاً تطبيق قرار مجلس الوزراء بالتزامن مع زيادة الاشتراكات في فرع ضمان المرض والأمومة إلى 11 في المئة سنداً للمادة 66 من قانون الضمان، التي تفرض وجود توازن مالي بين الاشتراكات والتقديمات، وتكوين احتياط مالي قانوني.
ثم نوقش الموضوع نفسه في 21 أيار وجرى تشكيل لجنة تناقش الموضوع مع سلطة الوصاية، وفي 28 أيار تداول المجلس في إجابات وزير الوصاية محمد فنيش على اللجنة، ثم طلب رئيس المجلس إحالة الموضوع على اللجنة الفنية في الصندوق لتبيان رأيها، وفي الجلسة الاستثنائية التي عُقدت أمس بُحث تقرير وُصف بأنه «مدروس ودقيق» من اللجنة الفنية.
وفي خلاصة النقاشات تبيّن أن نائب رئيس المجلس وممثل أصحاب العمل غازي يحيى يعارض تطبيق قرار مجلس الوزراء لأن «أي نفقة جديدة يقرّها المجلس تحتاج إلى مصدر للمال»، وبالتالي فإن قرار زيادة التعرفات مربوط بتمويل كلفة هذه الزيادة، أما ممثلو العمال، فكانوا قد أجمعوا على ضرورة زيادة الاشتراكات لتصحيح التوازن المالي، مرحّبين بتوحيد التعرفات الاستشفائية، ثم باتوا أكثر جذريّة في موقفهم، وعبّروا عن رفضهم لأي قرار يخالف قانون الضمان الاجتماعي، وهذا ينطبق على قرار زيادة التعرفات، ويقول فضل الله شريف إن «أي قرار من مجلس الوزراء يخالف قانون الضمان الاجتماعي لا يعنينا»، ويؤيده في هذا الأمر ممثل أصحاب العمل مهدي سليمان: «لا يحق لأي جهة فرض ما يخالف قانون الضمان»، واقترح ممثل العمال إبراهيم الدوّي أن «يُطلب من مجلس الوزراء مشاركة الصندوق في تغطية العجز المقدّر»، فالمعروف أن مجلس الوزراء اتخذ قراراً بزيادة موازنات المؤسسات الضامنة الرسمية ليغطي كلفة تطبيق القرار، ولكنه تجاهل زيادة كهذه بالنسبة إلى الضمان.
في المقابل، هناك مستشار رفيق الحكومة وممثل الدولة رفيق سلامة ومفوض الحكومة عبد الله رزوق وممثل أصحاب العمل هاني أبو جودة، وهؤلاء يرون أنه يجب الفصل بين تطبيق قرار مجلس الوزراء بزيادة التعرفات الاستشفائية وبين التوازن المالي ومصدر تمويل كلفة هذه الزيادة، إذ يلفت سلامة: «فلندرس التعرفة والنفقات الصحية معقودة حكماً، ولنتطلع إلى التداعيات التي قد تنتج من التأخر في اتخاذ القرار».
أما الوزير فنيش، فقد اقترح أن تبتّ سلطة الوصاية موضوع زيادة التعرفات، وأن تتحمل المسؤولية، وينقل شريف قول فنيش في اجتماعه مع اللجنة: «الصندوق غير مُجبر على أن يقبل بالتعرفة، ويمكنه أن يخفضها أو يرفعها فهذا من اختصاصه»، وذكّر بأنه «في آخر الشهر سينتهي تعاقد الصندوق مع المستشفيات ولن يقبل أن يكون أي مريض خارجها بسبب التعرفة».