طُويَ أمس أحد فصول الكباش الأميركي ــ الإيراني الذي اتّخذ من العراق مسرحاً له. فقد أفرجت قوات الاحتلال عن الدبلوماسيين الإيرانيين الخمسة المعتقلين لديها منذ 2007، في خطوة حاولت عدم تحميلها أكثر مما تحمل، بينما شهد العراق أسوأ أيامه دموياً منذ «إعادة الانتشار»
بغداد ـــ الأخبار
شهد العراق، أمس، فصلاً من فصول تهدئة أميركية ـــــ إيرانية، تجسدت بتسليم سلطات الاحتلال الأميركية الدبلوماسيين الإيرانيين الخمسة المعتقلين منذ عام 2007 في بلاد الرافدين، لنظيرتها العراقية، تمهيداً لنقلهم إلى طهران «قريباً جداً». خطوة لا يمكن وضعها إلا في خانة التهدئة رغم أن البيت الأبيض سارع إلى التشديد على أن الإفراج عنهم «لا يمثّل بادرة دبلوماسية إزاء إيران، بل يأتي في إطار تطبيق الاتفاق الأميركي ـــــ العراقي».
تطوّرات تزامنت مع يوم دامٍ هو الأعنف في البلاد منذ إعادة الانتشار الذي أجرته قوات الاحتلال في نهاية حزيران الماضي، راح ضحيته أكثر من 52 قتيلاً و120 جريحاً في كل من تلّعفر الشمالية، ومدينة الصدر في العاصمة، وذلك غداة مصرع أكثر من 36 عراقياً في تفجيرين طائفيين في الموصل.
ولم تكن خطوة الإفراج عن الدبلوماسيين الإيرانيين المعتقلين في مدينة أربيل منذ 11 كانون الثاني 2007، بتهم دعم الميليشيات الشيعية والإسهام بعدم استقرار العراق مفاجئة، بما أنّه سبق لمقرّر لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، كاظم جلالي، أن كشف الأسبوع الماضي، أنّ الدبلوماسيين سيُفرَج عنهم بموجب الاتفاقية الأميركية ـــــ العراقية التي ينص أحد بنودها على تسليم المعتقلين في العراق إلى سلطات بغداد.
وكان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أول من أعلن الخبر، تلاه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية حسن قشقاوي، الذي قال إن دبلوماسيي بلاده «أصبحوا بيد الحكومة العراقية عند العاشرة والنصف صباحاً، وقد اتصلت للتوّ بسفيرنا، والرهائن أصبحوا في مكتب (رئيس الوزراء) نوري المالكي».
من جهته، أشار السفير الإيراني لدى بغداد، حسن كاظمي قمي، إلى أنه «بعد لقاء الدبلوماسيين بالمالكي، سيُنقَلون إلى السفارة»، ومن بعدها إلى إيران خلال ساعات. ووفقاً للموقع الإلكتروني للتلفزيون الإيراني الحكومي، فإن الإيرانيين الخمسة هم محسن باقري ومحمود فرهادي ومجيد قائمي ومجيد داقري وعباس جامعي.
وبعد ساعات من شيوع نبأ الإفراج، جزم مسؤول الاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض، دينيس ماكدونو، الذي يرافق رئيسه باراك أوباما في قمة مجموعة الثماني في مدينة لاكويلا الإيطالية، بأن الإفراج عن الإيرانيين الخمسة «قرار يستند ببساطة إلى الاتفاق الأمني الموقّع في 2008 مع العراق، ولا يمثّل بادرة دبلوماسية إزاء إيران».
وأكد بيان صدر عن الرئاسة الأميركية في واشنطن، الرواية العراقية للإفراج، وأحال البيت الأبيض «أي أسئلة أخرى بشأن وضع هؤلاء المحتجزين على حكومة العراق».
في هذا الوقت، كان العراق يشتعل بمسلسل موت جماعي؛ ففي تلّعفر، قُتل نحو 42 شخصاً وجُرح 85 بعملية جديدة من حيث أسلوبها. فقد دخل رجل بزي شرطي عند الساعة 6:30 صباحاً إلى منزل ضابط في وحدة مكافحة الإرهاب في المدينة، فقتله هو وزوجته وأولاده. وعندما تجمهر الناس أمام المنزل المستهدف، وصل انتحاري وفجّر نفسه بين الجمع، فوقعت المجزرة. وبعدها بساعات، شهدت مدينة الصدر تفجيراً في سوق شعبي يعجّ بالزوار، فقُتل 10 أشخاص وجُرح 31 آخرون.