strong>بدا الرئيس المصري حسني مبارك، في مقابلة مع صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس، تارة رؤوفاً بحق إسرائيل وأحياناً حاسماً. إلاّ أن «براغماتيته» تجلت في مطالبته الاحتلال بـ«حق عودة» اللاجئين، رغم أنهم «لن يعودوا»أعلن الرئيس المصري حسني مبارك، في مقابلة مع صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس، أن على إسرائيل «الاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين»، لكنه رأى أن «اللاجئين لن يعودوا»، مطالباً «بانسحاب الدولة العبرية من القدس الشرقية». وحمّل الدولة العبرية «مسؤولية فشل المفاوضات مع حركة حماس بشأن تبادل الأسرى».
وقال مبارك، مخاطباً الصحافية سمدار بيري: «إنني أرى أن حق العودة مسألة نفسية بالأساس، فخذي مثلاً لاجئاً فلسطينياً يعيش منذ أربعين أو خمسين عاماً في أميركا، فهو يريد فقط أن يعرف أن لديه حقاً بالعودة. إلا أنه بعد هذه السنوات الطويلة جداً، بعدما درس وتزوّج ووجد عملاً وأنجب أولاداً، لماذا يرغب بتغيير عنوانه؟ ولماذا يرغب بالعودة؟».
ورداً على سؤال عن وجهة عودة اللاجئين، إلى إسرائيل أم أراضي السلطة الفلسطينية، قال مبارك: «أليس لديكم مواطنون عرب في إسرائيل؟ هل تريدون تحويل إسرائيل إلى دولة يهودية فقط؟ هذا سيئ جداً، وأنا أقول لك إن هذا خطأ خطير سيلحق ضرراً بكم، لأن دولة يهودية ستتحول إلى هدف لجميع الإرهابيين، بينما دولة مفتوحة هي أمر آخر، وانظروا إلينا في مصر، لدينا مسلمون ومسيحيون وأقباط ويهود».
وعن القدس المحتلة، قال مبارك إن «الحل الصحيح هو ما اتُّفق عليه في نهاية ولاية الرئيس (الأميركي الأسبق بيل) كلينتون مع (رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود) باراك و(الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر) عرفات. القدس الشرقية يجب أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية وغرب المدينة لكم، وأنا أدرك جيداً الحل المتفق عليه، لأني كنت ضالعاً فيه، وأعرف أن باراك وافق مبدئياً». وتابع: «لكن ولاية كلينتون انتهت وتعقدت الأمور. والآن، أنتم تصرون على البدء من جديد». وحذر من أن «الاقتراح بتحويل ضاحية أبو ديس في القدس الشرقية إلى العاصمة الفلسطينية البديلة لن يمرّ، وعليكم ألا تحاولوا خداع أحد».
وانتقل مبارك إلى مبادرة السلام العربية، رافضاً المطلب الإسرائيلي «بإجراء تعديلات عليها»، متسائلاً: «لماذا علينا أن نعدّل؟ انسوا هذا الأمر، فالمبادرة لينة جداً وكل شيء سيجري بالاتفاق». وأشار إلى «الرغبة القوية» لدى الإدارة الأميركية للسلام. وخلص إلى القول إنه «إذا أردتم التوصل إلى حل، فعليكم أن تتوقفوا عن البناء في المستوطنات. لذلك، فإن الفلسطينيين لن يجلسوا في مفاوضات».
من جهة أخرى، حمّل مبارك إسرائيل مسؤولية فشل المفاوضات بين إسرائيل و«حماس» بشأن تبادل الأسرى وإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير في قطاع غزة جلعاد شاليط. وقال إنه «حُدِّدت شروط عدة للصفقة، وكنا على وشك إنهائها وتنفيذ المرحلة الأولى منها، لكن في اللحظة الأخيرة غيرتم رأيكم فجأة وفشلت الصفقة». وأوضح أن «الخطة قضت بتسليم شاليط إلى مصر على أن يبقى تحت رعايتها حتى تطلق إسرائيل سراح الأسرى الفلسطينيين. لكن كل شيء انهار في نهاية فترة ولاية (إيهود) أولمرت». وأضاف: «فجأة أبلغتمونا: لا، هذا الأسير (الفلسطيني) لا يمكننا الإفراج عنه، لكن ذاك الأسير، الذي لم يرد اسمه أبداً في قوائم حماس، ممكن. وبذلك جعلتم الجانب الآخر يصلّب مواقفه ويطالب بالإفراج عن أسرى آخرين».
ورأى مبارك أنّ بالإمكان استئناف المفاوضات بشأن صفقة تبادل الأسرى، «وانتبهوا أن هناك تطورات إيجابية في سلوك حماس، فلا عنف ولا إطلاق صواريخ. وأعلن (رئيس المكتب السياسي لحماس) خالد مشعل أنه سيوافق على الاعتراف بدولة فلسطينية في حدود عام 1967 وهذا يعني اعترافاً، رغم أنه ضمنيّ، بدولة إسرائيل». إلا أنه قدر أنه «سيُتوصل إلى صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحماس في الفترة القريبة المقبلة».
وتطرق مبارك إلى قضية وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الذي هاجم في الماضي الرئيس المصري شخصياً، ودعا إلى تدمير سد أسوان. وقال إن «مصر الدولة لا تعمل أمام وزير الخارجية، بل نحن نعمل أمام رئيس الحكومة ومبعوثين يصلون إلينا من جانبكم».
كذلك تناول مبارك الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة، فقال إن «الحصار على غزة هو قنبلة موقوتة، فأي إنسان يُدخَل إلى قفص يريد أن يتحرّر».
وإلى الملف الإيراني واحتمال هجوم إسرائيلي على الجمهورية الإسلامية، قال: «أنا لا أحب الضربات والعمليات العسكرية، وعلينا أولاً أن نستنفد السبل السلمية. حذرنا الأميركيين من أن الهجوم على العراق سيدخل الإيرانيين إلى هناك. وحذرنا من أن الإيرانيين سيتوجهون إلى حزب الله وحماس، لكن لا أحد أراد الاستماع إلينا».
(يو بي آي)