«عروس المصايف» تعاني التقنين رغم الثروة المائية!
إهدن ــ فريد بو فرنسيس
يقف منير سعادة منتظراً دوره عند «نقطة الدواليب» في بلدة إهدن ليملأ مجموعة من القناني البلاستيكية من مياه نبع مار سركيس، وكانت البلدية قد جهزت مسبقاً هذا الموقع تسهيلاً لحصول السكان على المياه. يقول سعادة: «إننا نأتي باستمرار إلى هذه العين حتى في فصل الشتاء، فالمياه هنا نظيفة جداً. لقد أصبح الحصول على مياه النبع عادة، وربما تقليداً عند الكثير من أهالي زغرتا والجوار». مشهد اعتادته العين في تلك المحلة، وأصبح مألوفاً لدى الكثيرين، إلا أنه يطرح تساؤلات عن أزمة مياه الشفة في البلدة الجردية التي تعرف بـ«عروس المصايف». وهنا يقول رئيس بلدية زغرتا ـــــ إهدن، العميد جوزيف المعراوي، إن المياه في إهدن تخضع باستمرار ودورياً لفحوص مخبرية، وهي نظيفة مئة في المئة وخالية من أية جراثيم، إلا أن الناس اعتادوا تعبئة المياه من النبع، لهذا لجأت البلدية إلى استحداث هذا الموقع وتحسينه.
والعارف بأمور المياه التي تنساب من تحت التربة في إهدن يدرك أن البلدة عائمة على مجموعة من الينابيع، أبرزها نبع مار سركيس الشهير. لكن هذا الغنى في الينابيع تعوقه مشكلة قساطل المياه في إهدن، وهي مزمنة. فالبلدة ترتفع أكثر من 1400 متر عن سطح البحر، وبالتالي فإن تساقط الثلوج وتراكم الجليد في فصل الشتاء يؤديان حتماً إلى تفجّر أنابيب مياه الشفة فوق الأرض وتحتها، وبالتالي أحياء بكاملها في البلدة تبقى مياه الشفة فيها مقطوعة أو مقننة إلى حد ما. ويوضح رئيس البلدية قائلاً: «عمدنا إلى تنظيم أوقات التوزيع على المنازل، بحيث تكون المياه متوافرة للجميع من دون تمييز». ونفى العميد المعراوي أن تكون مسألة بعض الانهيارات التي حصلت في الفترة الأخيرة في إهدن سببها تسرب المياه جراء تفجر القساطل داخل الأرض، «لأننا أعدنا صيانة الشبكة بالكامل، ونحن متأكدون من سلامة جميع القساطل، وفرق الصيانة تعمل باستمرار على معالجة مثل هذه الأمور». أما الانهيارات التي حصلت في بعض الأماكن، فهي من فعل الإنسان الذي يحاول امتحان قدرة الطبيعة على التحمل لدى تخطيه المساحة المسموح بها قانوناً لبناء مسكن خاص أو محالّ تجارية، فأتت ردة فعل الطبيعة عكسية، وهو ما حصل أخيراً على الطريق المؤدي إلى المنازل في حي شلهوب»، داعياً المواطنين إلى التحلي بالوعي الكامل وإلى الالتزام التام بمواصفات البناء التي تُعطى على أساسها التراخيص القانونية تلافياً لأي أخطار محتملة.
وفيما لفت العميد المعراوي إلى أن مياه الشفة في إهدن لا تزال حتى الآن تحت إدارة بلدية زغرتا، كشف عن ملف كبير يتضمن مراسلات عدة بين البلدية ومصلحة مياه لبنان الشمالي تطلب فيها البلدية من المصلحة تسلم قطاع مياه الشفة من بلدية زغرتا ـــــ إهدن. وتعود تواريخ هذه المراسلات إلى عام 2005. ويشرح المعراوي قائلاً إن قطاع المياه في إهدن كان بعهدة لجنة أهلية برئاسة قائمقام زغرتا، وهذه اللجنة أنهت مهامها بعد صدور القانون الذي يولي المهمة إلى مؤسسة مياه لبنان الشمالي. وحتى اليوم تجري اجتماعات مكثفة مع القائمقام والمحافظ وبلدية إهدن لتنفيذ مضمون هذا القانون. ويستغرب العميد معراوي تلكؤ مصلحة المياه حتى اليوم عن القيام بواجباتها وعدم تسلم قطاع المياه من البلدية، متسائلاً عمّا إذا كانت هذه الإدارة «فاتحة على حسابها، دون حسيب أو رقيب، ونحن المسؤولين نريد تفسيراً لذلك».