نتنياهو يرفض تدخّل واشنطن في البناء في القدس المحتلة وميتشل يرجئ زيارته إلى تل أبيبمحمد بدير
رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس، الاستجابة لأي ضغوط أميركية تتعلق بوقف البناء الاستيطاني في القسم الشرقي من القدس المحتلة، مشدداً على «السيادة الإسرائيلية على المدينة كلها وعلى حقّ اليهود في البناء والعيش فيها».
وجاءت تصريحات نتنياهو تعليقاً على تقارير نشرتها الصحف العبرية أمس، وأكدت مصادر سياسية صحتها، كاشفة عن طلب رسمي توجّهت به وزارة الخارجية الأميركية إلى السفير الإسرائيلي في واشنطن، مايكل أورن، بوقف خطة لبناء نحو ثلاثين وحدة سكنية في حي الشيخ جراح المحاذي للبلدة القديمة في المدينة المحتلة.
وأفادت التقارير الصحافية العبرية بأن خطة البناء، موضع الخلاف، تعود للملياردير الأميركي اليهودي إيرفين موسكوفيتش، المعروف بدعمه الإيديولوجي للتمدد الاستيطاني اليهودي في القدس والضفة الغربية. وسبق أن موّل بناء حي استيطاني من 133 مسكناً في قلب حي رأس العمود الفلسطيني في القدس الشرقية، كما أنه بادر إلى إقامة الحي الاستيطاني في جبل أبو غنيم قبل عشر سنوات.

البناء في القدس قضية لا تنوي إسرائيل بحثها بتاتاً، فحكم البناء فيها ليس كحكم البناء في المستوطنات
ويعتزم موسكوفيتش بناء مشروعه الاستيطاني الجديد في فندق «شيفارد» الواقع ضمن أرض تسمى «كرم المفتي»، وتعود ملكيّتها الأصلية للمفتي الفلسطيني السابق الشهيد أمين الحسيني. وكان الملياردير اليهودي الذي يقيم في ولاية فلوريدا الأميركية قد اشترى الفندق عام 1985 وأجّره للحكومة التي جعلت منه مقراً لحرس الحدود. وقبل ثلاثة أشهر استحصل موسكوفيتش على رخصة بناء في المكان من بلدية القدس، وذلك في إطار خطة يعمل عليها هي إحاطة البلدة القديمة بأحياء يهودية لأجل قطع الطريق على أي انسحاب إسرائيلي منها في المستقبل.
وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس إن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، طلب من الإدارة الأميركية التدخل لعرقلة المشروع الجديد بدعوى أن استمرار البناء الاستيطاني في القدس الشرقية سيحول دون التوصل إلى تسوية دائمة يتم في إطارها الإعلان عن هذا القسم من المدينة عاصمة للدولة الفلسطينية. وبحسب الصحيفة، استجاب الأميركيون لطلب أبو مازن وطلبوا من السفير الإسرائيلي في واشنطن وقف البناء لأنه يؤثر على «التوازن الديموغرافي في القدس الشرقية».
وبحسب الصحيفة، فإن وزارة الخارجية الأميركية أعربت لأورن عن استغرابها للخطوة الإسرائيلية التي تأتي في وقت تطالب فيه إدارة أوباما بتجميد الاستيطان. إلا أن السفير الإسرائيلي أوضح للأميركيين أن الأمر يتعلق ببناء خاص حصل على مصادقة السلطات المختصة في البلدية و«لا يمكن الحكومة التدخل في قرارات المستثمرين»، وخصوصاً أنها لا تنطوي على أي خرق لاتفاقيات أو قوانين.
وصباح أمس دخل رئيس الوزراء الإسرائيلي على الخط ليخرج الخلاف من الكواليس إلى العلن، مصرحاً برفضه المطلب الأميركي. وقال، خلال جلسة الحكومة الأسبوعية، «لا يمكننا أن نوافق على فكرة ألا يكون لليهود الحق في العيش والبناء في أي مكان في القدس»، مشدداً على أن «القدس الموحدة هي عاصمة الشعب اليهودي ودولة إسرائيل، والسيادة فيها تعود لنا وهي غير قابلة للاستئناف، ويعني ذلك، من بين جملة أمور، أن سكان القدس يمكن أن يشتروا بيوتاً في أي مكان من المدينة».
وأشار نتنياهو إلى أن كل الحكومات الإسرائيلية عملت وفقاً لهذه السياسة ولم تتدخل في عمليات شراء سكان فلسطينيين بيوتاً في القدس الغربية «وكما أنه ليس ممنوعاً على العرب شراء البيوت في غربي المدينة، فإنه ليس ممنوعاً على اليهود شراء أو بناء بيوت في شرقي المدينة».
وتبارى الوزراء الإسرائيليون في الإعراب عن موقفهم المعارض للطلب الأميركي، فرأى وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، فيه أمراً «مستهجناً» لكونه ينطوي على تمييز ضد اليهود، فيما اعتبره وزير التطوير سيلفان شالوم «غير معقول». وقال وزير الداخلية، إيلي يشاي، إن «أحداً في الدنيا لا يمكنه وقف البناء (اليهودي) في القدس».
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مصدر سياسي قوله إن «البناء في القدس هو قضية لا تنوي إسرائيل بحثها بتاتاً، فحكم البناء فيها ليس كحكم البناء في المستوطنات».
وفي سياق المواجهة الأميركية ـــــ الإسرائيلية، ذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية أمس أن الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، أجّل موعد وصوله إلى المنطقة حتى نهاية الشهر الجاري. ونقل موقع «معاريف» عن مصدر سياسي قوله إن أحد أسباب هذا التأجيل يعود إلى الرغبة في إتاحة الفرصة لنتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك لبلورة الموقف الإسرائيلي من استمرار العملية السياسية. إلا أن موقع «يديعوت» أشار إلى أن التأجيل، الذي يحصل للمرة الثانية، يهدف إلى منع حصول تصادم بين نتنياهو وميتشل في ظل عدم تبلور معالم تسوية حول المستوطنات.
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة «يديعوت» أن الإدارة الأميركية توصلت إلى استنتاج بأنه «يجب الضغط على إسرائيل والفلسطينيين، للشروع بأسرع وقت ممكن في مفاوضات حول بنود التسوية الدائمة». وقالت إن «الخطوات التي اتخذتها إسرائيل في الأسابيع الأخيرة في المناطق (الفلسطينية)، ومنها إزالة الحواجز وزيادة حرية الحركة للفلسطينيين، عززت لدى الإدارة الأميركية التقدير بإمكان استئناف المحادثات بين الجانبين».
وأوضح مصدر أميركي للصحيفة أن «الموضوع المركزي في المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين، يجب أن يتركز على تبادل أراض، إذ من الواضح أن على الدولة العبرية أن تعطي أراضي بديلة في مقابل الأرض الملحقة بها، وبالتالي يجب البدء منذ الآن، بمفاوضات حول مساحة هذه الأرض، ومكانها».