أشغال «الإنماء والإعمار» تتوسع والمؤسسات تدعو إلى التأجيلرشا أبو زكي
المياه تنبع من الزفت، والزفت انتُزع واستُبدل بالحصى، والحصى مجبولة بالنفايات، أما النفايات فمبللة بمياه الصرف الصحي، وفي هذا المشهد الغريب تتراقص الفنادق والقاطنون فيها من السياح والمغتربين على أنغام «البوكلين»!... هذه ليست معجزات، ولا مقدمة رواية خرافية، بل حال طريق جونية ـــــ المعاملتين (من ناحية «التلفريك»، التي تتجمع فيها الفنادق)، بسبب مشروع ينفذه مجلس الإنماء والإعمار منذ 3 سنوات، يتعلق بإعادة تأهيل البنى التحتية لمجاري الصرف الصحي. وكان من المفترض أن ينتهي في 2008، إلا أن الوعود أجّلته إلى مطلع أيار الماضي، لكن الأشغال لم تنته، والفنادق والمنتجعات السياحية أصبحت في مأزق حقيقي في «عزّ» موسم الاصطياف! وبعبارة «يا عيب الشوم»، تبدأ مديرة فندق «شاتو رافاييل» ندى إسحق حديثها عن تأثير المشروع على عمل الفندق الذي يرتاده نحو 30 ألف سائح وزائر خلال فترة الصيف، ويقام فيه 120 حفل زفاف سنوياً. فالطريق إلى الفندق أصبحت معبّدة بالنفايات والمياه الآسنة ومياه الصرف الصحي، فيما «الجُوَر» تنهش الطريق والسيارات التي تسلكها، وبدلاً من عبارة «بونجور» المعتادة، تتلقّى إسحق وابلاً من شكاوى النزلاء، بدءاً من الحفر التي تلحق الضرر بالسيارات، وصولاً إلى الأوساخ الممتدة والمياه والرائحة الكريهة التي تصاحب السياح حتى وصولهم إلى الفندق. وإسحق الناقمة على بلدية جونية التي «طالبناها مراراً بأن تؤجّل المشروع إلى حين انتهاء موسم الاصطياف، لكنها لم تستجب»، قررت وقف دفع الرسوم والضرائب الواجبة للبلدية، «فنحن ندفع الضريبة للحصول على خدمة، إلا أن البلدية تلحق الضرر بنا بدلاً من مساعدتنا». ولم تكتف إسحق بالامتناع عن دفع الضرائب، بل أكدت أن إدارة الفندق سترفع دعوى قضائية ضد البلدية...
الفنادق تهتز... والزبائن يغادرون
وأضرار الأشغال الآخذة في التوسّع «في الموعد غير المناسب»، لن تظهر لدى إسحق هذا العام، بسبب إشغال كل الغرف في الفندق. إلا أن العمل سيتأثر العام المقبل، «سنخسر نصف الأعراس بسبب أعمالهم، فقد وعدونا بانتهاء الأشغال في مطلع أيار، إلا أنهم لم يلتزموا، والنفايات أصبحت تتجمع على الطريق، والبحص منتشر بدل الزفت، فتضررت سيارات زبائننا، ولولا شهرتنا لما قصدنا السياح، إلا أن الوضع أصبح لا يطاق». أما فندق لوريزون، فحتى موظفوه لا يستطيعون الوصول إليه. ويلفت مسؤول في الفندق إلى أن الزبائن يعانون فعلاً من الطريق، وفيما كان الإشغال 100 في المئة في مواسم الاصطياف السابقة، انخفض عدد الزبائن هذا العام بسبب الأشغال على الطريق. أما القيام بتحركات فردية أو مشتركة مع الفنادق الأخرى «فلا تجدي نفعاً، فلا أحد يستمع إلى مطالبنا».
سنخسر نصف
الأعراس بسبب أعمالهم، فقد وعدونا بانتهاء الأشغال في مطلع أيار

أما شربل صقر، وهو أحد المسؤولين في فندق «أكواريوم أوتيل»، فيبادر إلى القول «خربونا ودبحونا، في موسم السياحة عملوا حفريات». ويشرح صقر أن الأشغال الممتدة على طول وجود الفنادق على طريق المعاملتين ـــــ جونية أدّت إلى تضرر أعمال حوالى 15 فندقاً وعدد من المنتجعات والمطاعم. وكذلك يوم أمس، بدأت مرحلة جديدة من الحفريات، فأُغلقت الطريق بـ4 شاحنات «بوكلين» التي حين تبدأ بالحفر «يقفز الزبائن من السرير، كما أنهم لا يستطيعون التنقّل ولا الأكل ولا التمتّع بيوم هادئ ولا حتى النوم صباحاً»... ويلفت إلى أن الفندق يضم 45 غرفة، ولم تشغر أي غرفة منذ حزيران الماضي، إلا أنه مع بدء الحفريات بالقرب من الفندق، أصبح الزبائن يصرّون على المغادرة. ويلفت إلى أن «هذا الموسم يعدّ جيداً وزاهراً، ونحن نعتمد عليه، إلا أن الأعمال بدأت تبدد آمالنا». ويرى صقر أن الأشغال «إجرام بحق السياحة في المنطقة»، لا بل «تخرّب بيوت العاملين والموظفين في الفنادق والمطاعم، الذين يعتمدون في استمرارية عملهم على تطور الأعمال». ولفت إلى أن السياح الذين يقصدون المنطقة هم من جنسيات مختلفة، وأكثرهم من المغتربين والأوستراليين والبرازيليين والأردنيين والخليجيين...
بوادر حل؟
وفيما عقد عدد من أصحاب المؤسسات السياحية والفنادق والمنتجعات المتضررة من الأشغال اجتماعاً، أمس، لبحث موضوع الأشغال وتأثيرها على الحركة السياحية، أكد رئيس بلدية جونية جوان حبيش لـ«الأخبار» أنه سيعقد اجتماعاً مع الأمين العام لاتحاد نقابات المؤسسات السياحية في لبنان جان بيروتي، لبحث قضية الأشغال، لافتاً إلى أن البلدية تتواصل مع جميع المعنيين في هذا الموضوع، وأن الأعمال لا تنفذها البلدية، بل مجلس الإنماء والإعمار، والبلدية ليست سوى وسيط بين المجلس وأصحاب المؤسسات السياحية. وأوضح أن البلدية لا تستطيع بتّ موضوع وقف الأشغال أو عدمه، فالقضية لدى مجلس الإنماء والإعمار. وأضاف «لن أقول أكثر من ذلك بانتظار الاجتماع غداً (اليوم) بحيث من الممكن أن تحل القصة».
أما أصحاب المنتجعات السياحية والفنادق والمطاعم فشددوا، وفق شديد كنعان الذي شارك في الاجتماع، على أن مشروع مجلس الإنماء والإعمار ضروري للمنطقة، إلا أنه تأخّر إنجازه، والمشكلة أن «الورشة مستمرة في عز موسم الاصطياف، فيما موسم الاصطياف لا يتعدى 45 يوماً، والمشروع يحتاج وفق المتعهدين إلى 20 يوماً إضافياً»، أما المطلوب من قبل المجتمعين فهو تأجيل المشروع إلى شهر رمضان، بحيث تضعف حركة السياح وتنحصر الأضرار. ورأى أن توقيت توسيع الأشغال ليس مناسباً أبداً، وخصوصاً أن الحفريات امتدت على طريق المعاملتين جونية ولم تنجز حتى الآن تماماً، وفي هذا الوقت بدأ العمل بالجزء الباقي من الطريق، ما أدّى إلى قطع الطرقات وأثّر سلباً على حركة السياح في المنطقة والزبائن الموجودين في الفنادق والمنتجعات. وأشار إلى وجود اتصالات مع عدد من المعنيين، وأن هذا التحرك ليس ضد رئيس البلدية، مشدداً على «شكر جميع القيمين على المشروع، ولكن يجب تأجيله»، موضحاً أن هذه الطريق تضم مطاعم وفنادق، وتتكبد مصاريف يومية ولا تستطيع وقف عملها بانتظار انتهاء المشروع.

20 سنة
هي المدة التي عانتها المنطقة الممتدة بين الملعب البلدي والأكوا مارينا من سوء تمديدات الصرف الصحي، التي يحاول مجلس الإنماء والإعمار حلها عبر مشروع كان من المفترض أن ينجز خلال عام، وفي الربيع الماضي توقف المشروع بسبب أخطاء في الخرائط

المطلب: تأجيل المشروع إلى 20 آب