فلسطينيو الـ48 يواجهون تحديات جديدة في ظل حكومة «الليكود» و«العمل» و«إسرائيل بيتنا»: هدم البيوت في المثلث والنقب، واستهداف المناهج التعليمية والتدريس، وصولاً إلى محاولات لانتزاع الذاكرة

حيفا ــ فراس خطيب
تصاعدت في الآونة الأخيرة الممارسات المعادية لفلسطينيي الـ48، مستهدفةً المكان والذاكرة. ولا تزال السلطات الإسرائيلية تنتهج تضييق الخناق عليهم في كل مجالات الحياة. فقد شهدت الآونة الأخيرة في منطقتي المثلث والنقب تصاعداً ملحوظاً في وتيرة هدم البيوت بحجج جديدة ـــــ قديمة، تتمحور حول «البناء غير المرخص»، الهادفة إلى تحديد الإمكانيات ضمن وسائل تبدو «قانونية».
وأقدمت قوات من الشرطة الإسرائيلية وحرس الحدود، أول من أمس، على هدم المبنى التجاري لسوق السعدي في مدينة أم الفحم، ما أدّى إلى اشتباكات عنيفة بين الشرطة والأهالي الذين تصدّوا للعملية. وعقدت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية اجتماعاً طارئاً أمس، استنكرت فيه ممارسات السلطة، معتبرة عملية الهدم «لصوصية بربرية»، ومعربة عن قلقها من «التنامي الخطير لظاهرة هدم البيوت في المثلث والنقب».
وبحث المشاركون مخاطر ما ترمي إليه سياسة الهدم من «مَساس جِديّ بوجود الجماهير العربية الفلسطينية وبقائها وتطورها في وطنها». وقررت اللجنة تنظيم تظاهرة احتجاجية قطرية، في منطقة وادي عارة في منطقة المثلث الفلسطيني، ومُطالبة السلطات المسؤولة بوقف إجراءات هدم البيوت العربية فوراً، والتوجُّه بمبادرة مُتكاملة إلى وزير الداخلية والهيئات المسؤولة، والتفاوض مع الهيئات الممثِّلَة للجماهير العربية لإيجاد حلول بديلة وعادلة، وإعداد مُذكرة شاملة عن واقع الجماهير العربية ومطالبها ومواقفها في شتى الأمور الحياتية والوجودية، بالتعاون مع عدد من الهيئات والمؤسسات المهنية ذات الصلة، وعرضها على الهيئات والمؤسسات الدولية والسُفراء المُعتَمَدين في إسرائيل.
وأصدرت لجنة الدفاع عن الحريات المنبثقة من لجنة المتابعة العليا بياناً قالت فيه إن الجماهير العربية «أصبحت عملياً في خضم مواجهة تفرضها عليها الدولة بأجهزتها الأمنية والسياسية والقضائية والمدنية»، مؤكدةً أن فلسطينيي الـ48 «أقوى بكثير مما تعتقد سلطات القمع، وأن نفسهم الكفاحي طويل وقادر على فرض إرادتهم وحماية وجودهم».
وفي موازاة الممارسات على الأرض، صار الكنيست الإسرائيلي أشبه بدفيئة لـ«مبتكري» القوانين المعادية لفلسطينيي الـ48 في كل مجالات الحياة. ففي ظل التركيبة الائتلافية لحكومة بنيامين نتنياهو وأفيغدور ليبرمان وإيهود باراك، كثر مبتكرو اقتراحات القوانين العنصرية، في تصعيد لسياسة موجودة منذ زمن ولا تقتصر فقط على الحكومة الحالية.
فقد أقرّ الكنيست الإسرائيلي، أول من أمس، بالقراءة التمهيدية، قانون النكبة الموسع الذي يفرض عقوبات على المؤسسات التي تتلقّى تمويلاً حكومياً وتشارك في تمويل نشاطات إحياء ذكرى النكبة، أو نشاطات «تتنكر لإسرائيل كدولة يهودية» إلى جانب تقييدات أخرى.
وفي خضم هذا، تسعى وزارة المعارف لصياغة برامج تهدف إلى محو ذاكرة الشعب الفلسطيني من أذهان الطلاب الفلسطينيين. وأعلنت وزارة المعارف أنها ستمحو كلمة نكبة من الكتب الدراسية، علماً بأنَّ الحديث عن النكبة في المناهج التدريسية العربية شبه معدوم. فالمناهج التدريسية القديمة والجديدة لا تشتمل أصلاً على تاريخ حقيقي لما حدث فعلاً عام النكبة.
إلى ذلك، أعلنت وزارة المعارف أيضاً أنها ستوزع على كل المدارس، من ضمنها العربية، كتاباً وتسجيلين لـ«النشيد الوطني الإسرائيلي»، في سعي لفرض «النشيد الوطني على الطلاب العرب». وأشارت إلى أنَّ تعميم الكتاب والأشرطة «يتطرق إلى الجوانب المختلفة لنشيد هتكفا (الإسرائيلي)، منها التاريخية والموسيقية والأدبية»، مضيفة أن «هدف المشروع هو تشجيع التضامن والالتزام بالنشيد الوطني».
وتجد السلطات الإسرائيلية من المناسب السعي إلى محو الذاكرة الفلسطينية، فضلاً عن عدم التعاطي بجدية مع الأزمات الحقيقية التي تعاني منها المدارس العربية. فقد أظهرت النتائج الأخيرة للامتحانات النهائية للمرحلة الثانوية فجوة كبيرة بين تحصيل الطالب اليهودي والعربي. فقد تبيّن أن 32 في المئة فقط من الطلاب العرب نجحوا في الامتحان، وهي نسبة أقل بكثير من الطلاب اليهود. ويعود هذا إلى أسباب عديدة أهمها نقص في ساعات التعليم والصفوف وغيرها، إضافة إلى إنفاق الوزارة الإسرائيلية على الطالب اليهودي أكثر بكثير مما تنفقه على الطالب الفلسطيني، إلى جانب انشغالها بمشاريع تستهدف وجود الفلسطينيين من دون الاستثمار في منح الطالب العربي حقه.