2.9 مليار دولار تنفق في المراكز التجارية والمحالّ الكبيرة
محمد وهبة
بعد «سيتي مول»، «سبينس»، «ABC»، «بيروت مول»، و«البساط»... وغيرها من المولات الكبيرة والمتوسطة الحجم، تستعدّ مجموعة جديدة من المجمعات التجارية للانطلاق في بيروت الكبرى وبعض المدن الساحلية، التي تعدّ أهدافاً استثمارية ذات قابلية وجاذبية. ففي سن الفيل وضبيه انطلق فرعا «The Mall»، وبالقرب من تقاطع «الشفروليه» في فرن الشباك سيقام مشروع «آغورا»، وفي وسط بيروت التجاري تُفتتح أسواق بيروت التجارية في أيلول، أما في صيدا، فسينضم مجمعان تجاريان إلى الثلاثة الموجودة في المدينة، وفي الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، وتحديداً في منطقة طريق المطار سينشئ مؤسس التعاونية العاملية مجمعاً تجارياً من 3 طبقات.
انتشار ظاهرة «المولات» يعكس تغيّراً ما في العادات والأنماط الاستهلاكية الجديدة، ويطرح أسئلة عدّة عن هذه الطفرة ومداها المتاح قبل بلوغ السوق مرحلة الإشباع الاستثماري، فهل تنافس بعض «المولات» بعضها أم الأسواق التقليدية فقط؟ وكيف يتوزّع سوق المبيع بالتجزئة؟ وعلى أي أساس يُبنى هذا الاستثمار؟

إعادة توزيع السوق

حين اشترت شركة سلطان سنتر، «TSC»، سلسلة محالّ «مونوبري» و«جيان» من مجموعة «أدميك» في نهاية شهر آب في عام 2007، كانت قد بَنَت استثمارها الجديد على دراستي جدوى وسوق، فتبيّن لها أن السوق اللبنانية لا تزال «عذراء» وهناك فرص كبيرة للانتقال من السوق التقليدية، إلى الشكل الجديد الذي يوصف بأنه أكثر حداثةً «على الطريقة الغربية». إذ إن هدف «المول»، يقول المدير التجاري الإقليمي في شركة «TSC» إيهاب عزام، «يكمن في إعادة توزيع حصص السوق الاستهلاكية، أي بدلاً من استمرار النظام القديم التقليدي في التسوق، يُنشأ مجمع تجاري يستحوذ على حصص من السوق القائمة ولا يضيف إليها شيئاً جديداً».
أي إنه يسعى إلى إنشاء بديل من الأسواق التجارية وابتلاعها تحت عناوين مختلفة، أبرزها «تأمين المكان الأكثر راحة للتسوّق شتاءً وصيفاً».

«المول» لا ينافس «مولاً» آخر لأنه يرتكز على نقطة تجمع تجاري استراتيجية
ووفقاً للمعطيات الإحصائية، فإن العناصر التي يُبنى عليها مثل هذا الاستثمار تتعلق بالبنية السكانية بشكل رئيسي وما يتفرع منها من يد عاملة وتركّز العائلات وشرائح دخلهم وتوزّع الاستهلاك بين الموردين والباعة على أنواعهم... فالإحصاءات التي أجرتها «TSC» تفيد أن سوق الاستهلاك في لبنان بلغ 20 مليار دولار عام 2007 وهو يشمل كل المنتجات الاستهلاكية مثل الطعام والثياب والمفروشات والبنزين وغيرها، تضاف إليها الخدمات الاستهلاكية.
ومن هذه السوق هناك 9 مليارات دولار تعود لمبيعات التجزئة وحدها، وتحصل مبيعات المواد الغذائية على حصّة تبلغ 4.4 مليارات دولار، وهي تشمل 800 مليون دولار يجري إنفاقها في المطاعم و2.9 مليار دولار تنفق عبر القنوات الاستهلاكية الكبيرة، أي عبر المحال التجارية التي تفوق مساحتها 100 متر مربع، وصولاً إلى التعاونيات والمراكز التجارية، علماً بأن هذه الأخيرة لديها الحصّة الأكبر في سوق المواد الغذائية.

البقاء للأقوى

المتضرر الأساسي هو المحال التجارية التقليدية التي تنتشر في شوارع وأحياء مُدُنية، كأسواق الحمرا، بربور، معوض، برج حمود، الأشرفية... ولأن المول يضمّ مقاهي وسوبرماركت فإنه ينافس كل ما هو في محيطه وفي منطقة وجوده، من مقاهٍ ودكاكين صغيرة وكبيرة ومدن ملاهٍ ومواقف سيارات... ويقول رئيس جمعية تراخيص الامتياز شارل عربيد إن أحد أبرز عناصر قوة «المول» هو شموليته، فدوره يتلخّص في تنظيم الأسواق والماركات التجارية وكفاية أي منطقة بالنسبة إلى حاجاتها الاستهلاكية والترفيهية، وهذا يسهم في عادات استهلاكية جديدة، فالتبضّع من عشرين سنة يختلف كثيراً عما هو عليه اليوم.
وقدرة المركز التجاري على المنافسة أكبر من أي سوق تقليدية، فهو يعمل وفق مفهوم «الكل تحت سقف واحد» أو ما يطلق عليه «التجزئة الجماعية أو التضامنية»، فيما المستهلك يستسيغ وجود باركينغ ومقهى ومطعم وصالة ألعاب للأولاد وحتى سينما ومواد غذائية... كلها في مكان واحد.
وما «يزعج» أصحاب المراكز التجارية الكبيرة أن المرسوم الاشتراعي الرقم 73 يعوق عملية السرعة في إطاحة منافسيهم التقليديين، فيمنعهم من البيع تحت سعر الكلفة في سياق السعي إلى الاستحواذ على حصة أكبر في السوق، حتى لا يحتكروا سوق التجزئة أو المواد الغذائية. فإذا تبيّن لأي تاجر أن سلعة ما تباع تحت سعر كلفتها يتقدم بشكوى في وزارة الاقتصاد والتجارة ليوقف هذه المضاربة، التي تؤدي إلى إفلاسه، ومن ثم احتكار المبيع، إلّا أن العبرة تكمن في تطبيق القانون.
والمجمع التجاري لا يستقطب كل شرائح الدخل، إذ إن غالبية الحضور فيه تقتصر على متوسطي الدخل، يقول عزام، فالشرائح الثرية لا تحبّ الاختلاط كثيراً، ولا الازدحام، وتقصد محالّ معينة، فيما الطبقات الفقيرة جداً تخاف من «المول» بسبب كونه غير شعبيّ، ولا يحتوي على محالّ أو سلع مخصصة لاستهلاك الفقراء، كما أن أسعار المنتجات فيه أعلى من الأسعار في الأسواق الشعبية.
ولا يمكن «المول» أن ينافس «مولاً» آخر، فالسباق في هذا المجال يتمحور حول النقاط الاستراتيجية ديموغرافياً، فالخصائص التي يتمتع بها المجمع التجاري تمنع عنه المنافسة من مثيله، فهو يجمع كل ما في محيطه، ويستقطب كل الماركات التجارية المعروفة في مجال التجزئة وأبرز المقاهي والمطاعم، وبالتالي فإن أي دراسة جدوى لإنشاء مجمع تجاري بالقرب من أي مجمع منشأ سابقاً ستكون نتيجتها سلبية، لأنه لا مصلحة لأي شركة أو ماركة في أن تكون في موقعين قريبين جغرافياً لأن أبسط قواعد التوسع تقتضي التوجه إلى مستهلكين جدد في مناطق أخرى.


100 ألف نسمة

هو عدد السكان المطلوب في منطقة محددة ليجري الاستثمار في إنشاء مجمع تجاري، إذ إن نمو الاستهلاك مرتبط مباشرة بنمو السكان وعدد المقيمين في البلد، وهذه تمثّل فرصة استثمارية، تُضاف إليها سهولة الوصول إلى المجمع.


فرص استثمارية في المناطق