كشفت حصيلة مشاورات مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، في القاهرة أمس، عن إصرار أميركي على دفع مسيرة التطبيع العربية ـــ الإسرائيلية، بالتزامن مع الترويج لمؤتمر جديد للسلام في الشرق الأوسط

القاهرة ــ الأخبار
أكد المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، جورج ميتشل، بعد لقائه الرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة أمس، أن سياسة الرئيس باراك أوباما «تقوم على السعي إلى تحقيق السلام في الشرق الأوسط سواء بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والسوريين والإسرائيليين، واللبنانيين والإسرائيليين، وإقامة علاقات رسمية طبيعية بين إسرائيل وجيرانها».
ورأى ميتشل أنه «لتحقيق هذا الهدف ينبغي بدء مفاوضات بين مختلف الأطراف للمساعدة على تحقيق اتصالات ذات مغزى، وللتوصل إلى مفاوضات جادة وناجحة يجب على دول المنطقة أن تقوم بخطوات مهمة وإيجابية».
ودعا المبعوث الأميركي الجانب الفلسطيني إلى «اتخاذ خطوات إيجابية وتوسيع جهوده لتحقيق الأمن والامتناع عن إصدار أي تصريحات أو القيام بأعمال قد تؤثر في بدء مفاوضات مثمرة». وقال إنه سيلتقي خلال جولته العديد من الزعماء العرب في المنطقة «لتشجيعهم على اتخاذ خطوات حقيقية من أجل التطبيع». وأضاف «إننا لا نطلب من أحد أن يقوم بالتطبيع الكامل في هذه المرحلة، على أن يأتي ذلك من خلال عملية السلام».
وأعرب ميتشل عن اعتقاده بأنه «على كل طرف مسؤولية أن يوضح مشاركته ومساندته لعملية تحقيق السلام الشامل، ما يعني اتخاذ خطوات ذات مغزى الآن. وقيام دول المنطقة بعملية التطبيع يمثل جزءاً مهماً من العملية السلمية التي نضطلع بها». وأكد أن أوباما لديه رؤية أوضحها من خلال خطابه التاريخي الذي ألقاه في القاهرة، مشيراً إلى أن «هذه الرؤية تشمل تحقيق السلام والرخاء وإتاحة الفرصة لشعوب المنطقة».
وبعد لقائه الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، كرّر المبعوث الأميركي دعواته التطبيعية. وقال «من أجل إحياء مفاوضات السلام، فإنّ على كل الأطراف أن تتخذ خطوات لخلق تواصل إيجابي بحيث يمكن التوصل إلى اتفاق عبر هذه المفاوضات». وأشار إلى أن «الجانب الأميركي عقد سلسلة من الاجتماعات مع المسؤولين الإسرائيليين من أجل وقف النشاط الاستيطاني، وإتاحة الفرصة لحرية الحركة للفلسطينيين ولتحقيق نمو لاقتصادهم، إضافةً إلى عدد من القضايا الأخرى». وأضاف «كما أننا طلبنا من كل الدول العربية أخذ خطوات من شأنها أن تظهر دعمهم للجهود التي تبذل لإحياء عملية السلام».

لا مجال لمناقشة أي خطوات تطبيعية في ظل استمرار إسرائيل في الاستيطان
لكن موسى استبق أي مواقف رسمية عربية من مسألة التطبيع، بالتأكيد أن «العرب لن يقوموا بأي خطوات تطبيعية تقدم كقربان إلى إسرائيل، وأن لا مجال لمناقشة أي خطوات في ظل استمرار إسرائيل في الاستيطان».
وجدد موسى التمسك العربي بالمبادرة العربية للسلام وبالبيان الصادر عن اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب في الشهر الماضي، الذي حدّد بالضبط ما يمكن أن يقوم به العرب في حال حدوث تحرك إسرائيلي، أو في حالة عدم تحرك إسرائيل واستمرارها في رفض التحرك.
ورداً على سؤال بشأن هل طلب ميتشل خطوات تطبيعية عربية من أجل وقف الاستيطان، قال موسى «هذا لم يكن فحوى حديث ميتشل، ولكن تحدّث عن الرغبة في خطوات شاملة تقوم بها جميع الأطراف في ضوء قيام إسرائيل بوقف الاستيطان».
وقال موسى «نحن الآن نرى زيادة في التعنت الإسرائيلي، ولم نر أي خطوة يمكن أن نبني عليها أو نناقش أي موضوع خاص بالتطبيع، إذ لا يوجد أي أساس لدينا اليوم لنناقش أي خطوة خاصة بالتطبيع في ضوء التصعيد الإسرائيلي في بناء المستوطنات والإصرار على سياسة الاستيطان».
وعن رغبة الإدارة الأميركية في إحياء المسارين السوري واللبناني، لفت موسى إلى أن «الحركة الحالية تهدف إلى التوصل إلى حل للنزاع العربي ـــــ الإسرائيلي بأكمله بما فيه القضية الفلسطينية، والجولان العربي السوري، والأرض التي لا تزال محتلة من لبنان، مثل مزارع شبعا وبعض التفاصيل الأخرى المتعلقة بالأرض اللبنانية». وتابع: «إذا أردنا تسوية شاملة فلا بد أن تشمل فلسطين وسوريا ولبنان».
وبشأن إعلان ميتشل عقد مؤتمر سلام في واشنطن في مرحلة ما في خريف هذا العام، قال موسى إن «فكرة المؤتمر قائمة»، مشيراً في هذا الصدد إلى مؤتمر موسكو. ولكنه أكد أن «عقد مؤتمر، سواء كان مصغّراً أو موسعاً، يتوقف على ما يُحرز من تقدم من الجانب الإسرائيلي، وبصفة خاصة في موضوع الاستيطان».
إلى ذلك، قال مسؤول مصري لـ«الأخبار» إن هناك حاجة إلى عقد مؤتمر عاجل لوزراء الخارجية العرب لبتّ مصير المؤتمر، الذي أشار إلى أنه من المرجّح أن يلي زيارة الرئيس المصري حسني مبارك إلى العاصمة الأميركية واشنطن الشهر المقبل.