Strong>تمّ أمس الإعلان رسمياً عن انطلاق مشروع ضخم يسمى «بيت مسك» يهدف إلى بناء مدينة للأثرياء محلّ الأحراج بين العطشانة وساقية المسك في المتن الشمالييبدو أن ثقافة «الصحراء» باتت راسخة في لبنان من دون أن يعترضها أحد، فبعد طرح مشروع ردم البحر لبناء جزيرة على شكل الأرزة يشتري فيها الأثرياء مميزات إضافية لرفاههم على حساب البيئة والجمال وحقوق المواطنين، غزا الاستثمار الخاص بدعم سياسي واضح ما تركته الكسّارات والمقالع من جبال المتن الشمالي وأحراجه، فقد أُعلن أمس انطلاق العمل في مشروع ضخم يمتد على مساحة 655 ألف متر مربع بين العطشانة وساقية المسك بالقرب من بكفيا وبرمانا، ويستولي على مساحات حرجية مهمّة ليبني مدينة متكاملة للأثرياء على كتف جبل يرتفع ما بين 600 و900 متر عن سطح البحر، ويستغل طريق المتن السريع المموّل من أموال الناس عبر خزينة الدولة لرفع قيمته العقارية من دون أي مردود للدولة والمواطنين، سوى تسعير المضاربات العقارية في المنطقة التي نجحت في المحافظة على طبيعتها حتى الآن.
تبلغ قيمة المشروع نحو 800 مليون دولار، وهو، بحسب صاحب شركة «Renaissance» جورج زرد أبو جودة، عبارة عن مجمع سكني متكامل يتسم بالفخامة والرفاهية، ويتضمن مخططه مجموعة كبيرة من الفيلات والوحدات السكنية والمحال التجارية والنوادي والمرافق الرياضية... ويبدأ سعر المتر المربع الواحد فيه من 1650 دولاراً... والغريب أن أصحاب المشروع يسوّقونه، من دون خجل، بصفته مدينة تقوم في وسط منطقة طبيعية خضراء وهادئة، وبيئتها غير الملوثة، من دون الإشارة إلى أن قيامه سيشوّه كل هذه المزايا ويهدد طبيعة المنطقة والقرى المحيطة وأنماط عيشها.
ويقول أصحاب المشروع إنهم ملتزمون بالقوانين، وسيحافظون على ٤٥٠ ألف متر من المساحات الخضراء، إلا أن لا شيء يؤكّد ذلك، ولا سيما أن المشروع ينطلق بعد فترة قصيرة من إقرار مجلس الوزراء الخطّة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية، التي يُفترض أنها ستحاول تفادي هكذا ضرر على الطبيعة وتواجه زحف المدن.
ولعل أبلغ تعبير، هو ما قاله نعمان عطا الله عن شركة «إعمار العقارية» التي ستطور المشروع، إذ اعتبره علامة فارقة توضع إلى جانب أضخم مشاريع «إعمار» العقاريّة، وفي طليعتها برج دبي الأطول في العالم؛ فيكون بذلك «بيت مسك» قد عزّز وضع لبنان على خريطة أهم الإنجازات العقاريّة العالمية.
(الأخبار)