h1>محطات تخلط «النفطة» الشديدة الاشتعال بالبنزينقبل أن يصعد اللبناني إلى سيارته يجب أن يقوم بخطوة استباقية ويترحّم على روحه، فظاهرة خلط البنزين بمادة زيت النفطة الشديدة الاشتعال توسّعت كثيراً في السوق اللبنانية، لتحوّل السيارات إلى قنابل موقوتة غير معلوم تاريخ انفجارها بالسائق وبمن معه وحوله. مداهمة المحطات بدأت... وكرة الثلج تتدحرج بـ7 محطات، بانتظار «رأس الخيط»!

رشا أبو زكي
اللعنة التي أصابت لبنان، من جراء التفجيرات التي كانت تصيب السياسيين حصراً ويذهب المواطنون ضحاياها مصادفةً، أصبحت معكوسة، فكل سيارة في لبنان أصبحت «قنبلة موقوتة»، وقودها مكوّن من البنزين ومادة زيت النفطة، وكلتا المادتين شديدة الاشتعال، ما يؤدي إلى زيادة في قوة دفع محرّك السيارة، فتتفاعل مادة البنزين مع النفطة لتُذيب الموادّ الجلدية في المحرك، وتصل إلى مرحلة الانفجار عند زيادة سرعة السيارة، أو عند تعرض السيارة لأي صدمة حتى لو كانت طفيفة! هكذا إذاً، أصبح اللبنانيون يتنقّلون بقنابل موقوتة نتيجة جشع التجار وغياب الأجهزة الرقابية من إدارات رسمية وأمنية عن حماية المواطنين وضمان سلامتهم، لا بل مع تواطؤ عدد من الأجهزة مع مستوردي مادة النفطة الزهيدة السعر، من مصر خصوصاً، ليجري خلطها من جانب أصحاب المحطات بمادة البنزين، فيفيد هؤلاء من فارق السعر الكبير، ويحققون أرباحاً طائلة، ويحصدون أرواح المواطنين.
وقد سارع مدير حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد فؤاد فليفل، أمس، إلى التعامل مع هذه الفضيحة، وأعلن أن التحاليل المخبرية السابقة بيّنت أنْ لا عمليات غش في مادة البنزين، وأن عينات جديدة أُخذت من عدد من محطات البنزين ستصدر نتائجها بعد أسبوع حداً أقصى... إلا أن معلومات جمعية المستهلك واستخبارات الجيش تؤكّد أنه جرى ضبط 7 محطات للوقود حتى الآن تعمد إلى خلط مادة البنزين بمادة زيت النفطة، وهي تتوزع على منطقة الكوكودي والبيسارية وشرق بيروت، وتردّد بحسب معلومات جمعية المستهلك، أن أحد أصحاب المحطات في البيسارية فقد ابنه احتراقاً، خلال خلطه مادتي البنزين والنفطة في الشهر الماضي!
وقصة زيت النفطة وخلطها مع المحروقات في لبنان ليست وليدة هذا الشهر أو هذا الأسبوع، فضحايا هذه الخلطة القاتلة بدأوا يتزايدون منذ العام الماضي، عندما تجاوز سعر المازوت في أيار من عام 2008 الـ37 ألف ليرة، وقد تزامن هذا الارتفاع مع حرائق انطلقت في محطة في الأشرفية، أدت إلى احتراق تسع سيارات واشتعال ثلاثة طوابق في أحد الأبنية، كذلك شب حريق في محطة في فرن الشباك، فضلاً عن عدد من الحوادث المماثلة من جراء اشتعال مولّدات كهرباء في عدد من الأحياء. وبقيت أسباب الحرائق مجهولة إلى أن كُشف النقاب عن عمليات غش في مادة المازوت، بحيث عمد بعض أصحاب المحطات إلى خلط المازوت (غير شديد الاشتعال) بمادة «زيت النفطة» وذلك لكي يفيد أصحاب المحطات من فارق السعر... فتحت النيابة العامة تحقيقاً في هذه القضية بعد موضوع نشر في جريدة «الأخبار» بتاريخ 5 تموز 2008، ولم تعلن نتائج التحقيقات حتى الآن، ولم يظهر أي موقوف في هذه القضية... وأمس، تبيّن أن مشكلة خلط زيت النفطة تجدّدت ولكن هذه المرة تُخلط مع مادة البنزين، التي توضع وقوداً في السيارات، ومع التقاء مادة النفطة الشديدة الاشتعال مع مادة البنزين الشديدة الاشتعال كذلك، أصبحت حياة كل سائق سيارة مهدّدة بالانفجار!
وقد أعلن مدير حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد فؤاد فليفل في مؤتمر صحافي «خطورة الوضع جراء الغش في مادة البنزين»، وقال إن شكاوى ومعلومات وردت إلى مديرية حماية المستهلك بشأن توافر كمية من البنزين المغشوش في المحطات اللبنانية يرجّح أنها تحتوي على مواد شديدة الالتهاب تؤدي إلى تفجير السيارات، وقد أُرسل مراقبون لسحب العينات اللازمة وفحصها في المختبرات، وقال فيلفل إنه ستُحال النتائج على القضاء المختص فور صدورها، وتحديد طبيعة هذه المادة... لكن وجدي الحركة من جمعية المستهلك، لفت «الأخبار» إلى أن شكاوى عديدة وردت إلى الجمعية منذ أشهر عن خلط البنزين بمادة النفطة في عدد من المحطات، وجرى تكوين ملف عُرض على مديرية حماية المستهلك، التي، وفق لما أعلنته، أرسلت دوريات للتحقق من صحة الشكاوى، إلا أنها لم تصل إلى نتيجة، فرأت الجمعية أنه إما هناك تقصير في عمل المفتشين، أو تواطؤ وإخفاء للمعلومات من جانب المحطات قبل وصول الدوريات إليها، وبالتالي قررت الجمعية الاتصال باستخبارات الجيش اللبناني وإعلامها بالمخالفات ومدى خطورتها على المواطنين باعتبار أن القضية أصبحت تمسّ أمن اللبنانيين وسلامتهم، وعلى الأثر، عقد اجتماع مع أحد المسؤولين في الجيش، وبدأ التنسيق، بحيث دهمت استخبارات الجيش 7 محطات، ثلاث منها في منطقة البيسارية في الجنوب، وواحدة في منطقة الكوكودي، «وأخرى أبلغنا بها أخيراً في شرق بيروت»، وصودرت عيّنات من هذه المحطات، وعينات من المواد الشديدة الاشتعال التي تُخلط مع البنزين، لكي لا «تتلفلف» القضية، ولكي لا تجري أي محاولة لإخفاء المعلومات. ويشدد الحركة على أن هذه القضية أصبحت ككرة الثلج.
النفطة لا تُستخدم في لبنان إلا في صناعة البويا والدهانات، غير أن آلاف براميل النفطة تصل عبر الحدود اللبنانية، وهي تفوق حاجة السوق المحلية بأضعاف، فكيف لم تستطع الجمارك ملاحظة هذه المفارقة؟ ولم يجرِ التحقّق من مصدر هذه البضائع ووجهة استخدامها، وخصوصاً أن عملية خلط مادة النفطة بالمحروقات انتشرت منذ العام الماضي، وقد صدرت تعاميم عن وزير الاقتصاد محمد الصفدي، تدعو المواطنين إلى التنبّه من الغش في مادة المازوت... ألم يكن من المفترض أن تكون هذه الإشارة نقطة انطلاق للتنبّه من كيفية دخول هذه المادة إلى لبنان ومعرفة أين تُستخدم؟ الإجابة عن هذه الأسئلة يرى الحركة أنّها نقطة انطلاق للقضاء على ظاهرة «القنابل المؤقتة»، مشيراً إلى أن هناك فساداً وتواطؤاً يحميان هذه المخالفات، إذ «ثمّة تشريعات وقانون لحماية المستهلك، وضابطة عدلية... فليتحركوا!»،0 لافتاً إلى «المعلومات التي تفيد أن النفطة مستوردة من مصر وهي تصل إلى الجمارك من دون تحديد وجهتها»! وإن كان أصحاب المحطات قد بدأوا ينقلون زيت النفطة وكميات البنزين المخلوطة بهذه المادة إلى مستودعات خاصة لإخفاء معالم الجريمة، فإن رئيس نقابة أصحاب المحطات سامي براكس يؤكد لـ«الأخبار» أنه نبّه سابقاً في مؤتمر صحافي من انتشار هذه الظاهرة، لافتاً إلى أن خلط البنزين بالنفطة أصبح ظاهرة منتشرة جداً. ويسأل «من يعطي الرخص لاستيراد هذه المادة؟ وكيف لا يمكن الاقتصاص من المخالفين مع وجود بيانات بأسماء المستوردين وحاجة السوق إلى هذه المادة؟».


1300 دولار

هو سعر طن البنزين الواصل الى لبنان (يتضمن جميع الاكلاف الاضافية من نقل وغيره)، ويصنف البنزين من المواد شديدة الاشتعال

450 دولاراً

هو سعر طن النفطة المعفية من الرسوم الجمركية وهي مادة أوّلية من المشتقات النفطية تستخدم في صناعة البنزين، وغير منتجة في لبنان


خطوتان من المديرية1- توسيع شبكة أخذ العينات من مادة البنزين لتشمل جميع المناطق.
2- قامت المديرية بتاريخ 26/7/2009 بمراسلة ادارة الجمارك لتزويدها باسماء المستوردين لزيت النفطة لاجراء التحقيقات لكافة حلقات الحركة التجارية لهذه المادة.